عز الهجير _ أردول.. أرخي جسمك ولا أبقى مارق (1) _ رضا حسن باعو
قبل الخوض في ما نود الحديث عنه، ينبغي الاشارة لأمر مهم جداً بدأ ينتشر على السطح اخيراً، وهو الحديث عن العنصرية بطريقة غير مسبوقة للدرجة التي صارت أقرب لمنهج جديد يسعي البعض لجعله شاخصاً في حياتنا العامة، وينبغي ان نعي جميعاً مخاطر الانزلاق والتعصب للقبلية والجهوية وعلو الحناجر عن التهميش الذي انتهى زمنه الآن، لأن السودان كله مهمشون حتى الخرطوم محل الرئيس بنوم فيها تهميش لا مثيل له في جميع مناطق السودان.. والمغالط اليمشي يزور أرياف الخرطوم ليرى التهميش والمعاناة تمشي بقدمين.
نعود لموضوعنا الرئيس وهو الحديث عما رشح مما أعتبره البعض فساداً بالشركة السودانية للموارد المعدنية وتحديداً مع مقدم المناضل السابق مبارك عبد الرحمن أردول مديراً عاماً للشركة، وبغض النظر عما جعل اردول يتسنم هذا الموقع الكبير لأهم شركة ايرادية في البلاد ترفد الخزانة العامة بملايين الدولارات من خلال العائدات الضخمة التي تضخها في شرايين الاقتصاد المعطوب، لكن ما يلفت الانتباه لهذه الشركة ويجعلها مادة إعلامية دسمة في وسائل التواصل الاجتماعي ويستغلها البعض لتحقيق مآرب أخرى واجندة شخصية، اللافت لذلك حالة السيولة المعلوماتية والكم الهائل من المستندات الطازجة التي تخرج بشكل مستمر عما يدور داخل الشركة بما يؤكد أنها مخترقة من بعض أصحاب الغرض ممن أغلق في وجههم بلف خيرات الشركة، وهذه اعتقد أنها ثغرة كبيرة تؤتي منها الشركة ان تصبح جميع مستنداتها مفروشة في سوق النخاسة بخروج معلومات يفترض أنها غاية السرية.
وقبل الخوض في تفاصيل القضية التي نحن بصددها هنا وسنتحدث عنها بالتفصيل ان مد الله في الآجال، ينبغي ان ننظر الى الجزء المليء من الكوب، وهو هل ان ما يتقاضاه العاملون بالشركة من مرتبات وحوافز من غفيرهم الى مديرهم حق مكتسب واتبعت خلاله كل الإجراءات المالية والمحاسبية، ام أنه من صنع اردول وحده من حدد هذه المرتبات الضخمة أسوة بالشركات الحكومية الاخرى كسوداتل مثلاً التي كان يتقاضى الرئيس التنفيذي لها في عهد النظام السابق طارق حمزة راتبا أعلى من راتب عمر البشير نفسه، فهل منا من تحدث عن ذلك وقارنه براتب النائب الأول لرئيس الجمهورية الأسبق علي عثمان محمد طه عندما تحدث بالارقام جهرة من داخل قبة البرلمان عن ان راتبه ومخصصاته الشهرية كنائب اول حينها لا يتعدى الخمسة عشر ألف جنيه، وهي تساوي حينها عشر راتب الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات سوداتل في ذلك الوقت.
يفترض أن رواتب وأجور العاملين بالشركات الحكومية ومن بينها الشركة السودانية للموارد المعدنية ان تجاز عبر وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي من خلال لجنة الأجور، فهل سألنا أنفسنا عن ان ذلك تم في شركة اردول ام لا؟ فإذا تمت اجازتها من قبل اللجنة المختصة المسؤولة عن الأجور فهنا لا يسأل عنها اردول او مدير الإدارة العامة للموارد البشرية والمالية بالشركة المحظوظ ابن المحظوظة، وإنما تقع المسؤولية هنا على وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي المنوط بها الولاية على المال العام.
ربما يكون هناك منطق في منح الموظفين والعاملين بالمؤسسات الايرادية الضخمة خاصة الحكومية أجوراً ومرتبات عالية تكفيهم احتياجاتهم الأسرية والمعاشية حتى لا تمتد اياديهم لمال الغلابى بسوء، ومن يفعل ذلك بعدها على السلطات نصب المشانق له في ميدان عام، باعتبار أن عينه مفروض تكون مليانة.
في العديد من الشركات الحكومية خاصة الايرادية، هناك ما يعرف بالبونص، وهو حافز يمنح للعاملين بالشركة سنوياً تحفيزاً وتشجيعاً لهم، وهو تقليد معمول به، واسألوا ناس سوداتل عن البونص عشان تتاكدوا من ذلك.
ربما يكون السيد مدير عام الشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك اردول قد أخطأ في طريقة إدارته للشركة، فلكل شيخ طريقته، ويمكن أن يكون اردول قد تعامل مع بعض القضايا نتاج عدم خبرة إدارية او بطريقة نضالية متأثراً بفترته التي قضاها مناضلاً ضمن الحركة الشعبية شمال، لكن واقع ما هو موجود في الشركة يؤكد أن هناك أصحاب مصالح وغرض أخرجوا مستندات الشركة بهذه الصورة وصوروا المساكين بأنها تجاوزات وفساد موظفين بالشركة والذي نحسب أنه ليس كذلك إلا في حالة مدير الإدارة العامة للموارد البشرية والمالية الذي نعتقد أن أمر تعيينه تشوبه بعض الشوائب.
لسنا هنا في مقام الدفاع عن اردول وشركته فهو ومجموعته التي تعمل معه لا تنقصهم الكياسة والقدرة على إدارة شأنهم بالطريقة التي تريحهم. لكنا نكتب لأنها أصبحت قضية رأي عام فيها غباش ولا تخلو من غرض، مع أننا ظللنا نكتب وسنستمر نتناول فشل حكومة الثورة حتى ينعدل حالها او تغادر غير مأسوف عليها. ونقول للسيد مبارك اردول إما أن ترخي جسمك وأنت في هذا الموقع او تتخارج وتغادره حتى لا تصيبك السهام وما تحسبه استهدافاً شخصياً. فأنت الآن رجل دولة في موقع مهم، فينبغي ان تتريث وتتمتع بالحكمة او تذهب من هذا الموقع.
نواصل.