كما ينبغي.. “حكومتنا يا ظالمة”.. تسنيم عبد السيد
من غير المقبول أن تتعامل حكومة الثورة مع الإنتقاد ومخالفة الرأي كما تتعامل حكومات الدنيا الديكتاتورية الظالمة، أين الحرية والعدالة في ما وقع لعدد من المواطنيين أمثال مُعمر موسى و ميخائيل بطرس وغيرهم، وكذلك ما حدث لد. محمد علي الجزولي المتهم بنشر اخبار كاذبة ضد الدولة.
لا مانع عندي من محاسبة من إرتكب الأخطاء أو تعدى حدوده مع الدولة أو أي فرد آخر، ولكن محاسبة بالقانون وعلى أسس و لوائح نظام العدالة المُعتبر، وأن تحرص الدولة على تطبيق القانون على الجميع غض النظر عن الانتماء السياسي او الحزبي، كما يجب ان تحرص الدولة على حيادية ونزاهة القضاء ليتساوى أمامه الجميع حُكام ومحكومين، وأن يكون للضعيف الحق في محاكمة عادلة كما للقوي.
ولكن ما نراه ونسمع عنه اليوم في هذا الصدد، أمر يدعو للتوقف عنده بقلق، فكثيرون ممن هم في المعتقلات اليوم لم تتم محاكمتهم بعد، فلماذا تغفل الدولة عن تطبيق العدالة ومحاكمة من تم سجنهم، حتى أن بعضهم وبحسب إفادات محاميهم وأسرهم أمضوا أكثر من عامٍ بلا توجيه إتهام، فهل يوجد ظلم في الدنيا أكثر من هذا؟؛ لماذا تستسهل الدولة إنتهاك الحقوق وسلب حياة الآخرين دون وجه حق.
فمن غير الأخلاقي أن يُترك رموز النظام السابق في السجون بلا محاكمات، وكأن وضعهم خلف القضبان ك” حيوانات حديقة القرشي” هو الذي سيشفي غليل المواطنيين الساخطين عليهم، برأيي فإن الذي يُرضي المواطن الحر فعلًا هو محاكمة هؤلاء ” البشر” على جرائمهم وإفسادهم، محاكمات نزيهة عادلة بعيدة عن العواطف والتشفي أو الإنتقام، محاكمات نتمنى أن تكون عاجلة وشاملة تحق الحق وتُبطل الباطل، حتى لا يقول التاريخ أن فلانًا ظُلِم في عهد الثورة.
كثيرًا ما توقفت عند أخبار أُسر المعتقلين الذين يناشدون الحكومة بالسماح لإبنهم السجين بتلقي العلاج، ومن المعلوم فإن المنع من تلقي العلاج هو انتهاك صريح لحقوق الانسان يستوجب محاسبة المسؤولين على هذا الفعل الخطير والمؤسف، وكما ورد في ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان؛ فإنه يحق للسجناء وسائر المعتقلين التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسدية والعقلية يمكن بلوغه، كما ينبغي أن تُتاح للسجناء إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية المتوفرة في البلد بالمجان، وان لا تُتخذ القرارات المتعلقة بصحة السجين إلا من طرف
مؤهلين في المجال الطبي وذلك بالاستناد إلى أُسس طبية فقط.
بإعتقادي ان استمرار الإعتقال بلا محاكمات، هو أول خرق لشعارات الثورة التي تنادي بالحرية والعدالة، أين العدالة فيما يحدث الآن، كيف تسمح الدولة بالإعتقال دون توجيه اتهام أو محاكمة، أين المؤسسات العدلية في البلاد و ماذا تفعل وأين القوانين التي تنظم هذا العمل، وأين استقلال القضاء وحياده طالما أن غالب الاعتقالات تتم لأسباب سياسية، دون اتهامات أو مخالفات جنائية واضحة تستوجب الإعتقال.
على ماذا تخشى هذه الحكومة طالما أنها على حق، لماذا هذا الخوف من الأصوات المناهضة لها ولسياساتها، أليس من حق كل مواطن أن يكون حرًا في رأيه وفكره ومعتقده، لماذا تخشى حكومة الثورة من النقد والمحاسبة، وهل قامت الثورة وأُزهقت الأنفس الغالية حتى نعود لما كنا عليه من الكبت وتكميم الأفواه والزج في السجون بلا محاكمات.
وأخيرًا أهمس في أذن العاقلين من هذه الحكومة بقول علي بن أبي طالب: لا تظلِمنّ إذا ما كنتَ مُقتدراً.. فالظلمُ مرتعُه يُفضي إلى الندَمِ.. تنام عينُك والمظلوم منتبهٌ.. يدعو عليك وعينُ الله لم تَنَمِ.