لسنا في حاجة لتذكير أحد ، أن الأوضاع الحالية في كل مجالاتها السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الأمنية ، تشير بلا أدني شك ، لفشل السلطة الحالية ، و تنذر بإنهيار الدولة ، و لا تجدن مسوغاً أو مبرراً لحالة العجز الكامل و سوء التقدير و إنتفاء الكياسة ،و فشل السياسة ، والشلل الذي أصاب مؤسسات الدولة ، و فقدان المواطن أدني درجات الثقة في حدوث التغيير يقود إلي الأفضل ، مع إنقطاع الرجاء في تحقق معجزة تنقل البلاد من الجحيم إلي النعيم ..
فلننظر إلي الراهن الذي نعيشه ، عاصفة من الاضرابات ضربت بأطنابها في ساحة القطاعات الحيوية خلال الأيام الفائتة ، الأطباء يضربون و يتوقفون عن العمل ، و الصيادلة واصحاب الصيدليات يضربون ، و جل من يعملون في المختبرات الطبية من إختصاصيين و فنيين و عمال حتي العاملين في معمل إستاك المركزي يعلنون توقفهم عن العمل وإحتجاجهم علي سياسات الحكومة ، و ذات الشيء علي صعيد المصارف و في مقدمتها بنك الخرطوم الذي زاره وزيرا المالية و شؤون مجلس الوزراء في حالة هياج راقص ، لم تمض أيام حتي حلّت علي البنك اللعنة وأعلن عاملوه إضراباً عن العمل ، و ستتبعه في مضمار الإضرابات بنوك اخري ، و مالنا نذهب بعيداً ، سيد البنوك و راعيها بنك السودان ، لدغته الحية الرقطاء السامة المسماة لجنة إزالة التمكين ، و نفثت في جسده الواهن سمها الزعاف ، فشردت كفاءاته و نزعت أوتاده وجعلته عارياً بلا ثياب يرتجف في الزمهرير ..!
ثم تتبدي صور فشل الدولة المتراكم المتواتر ، انظروا كيف تلاعبت وزارة التربية والتعليم في عهد وزيرها السابق الأفاك المشاء بنميم بالعملية التعليمة من مناهج وامتحانات للشهادة السودانية ، فقد دمّر كل التقاليد والنظم العريقة للشهادة السودانية ، ثم تبعته وزارة التعليم العالي ، التي طعنت كل أسرة و بيت سوداني في مقتل ، ففشلت في استيعاب الطلاب الناجحين والمتفوقين ، وقبضت الوزيرة وخالتها و شلتها الثمن ، وبيعت الفرص الجامعية لذوي الثراء و أبناءهم الأقل تفوقاً ، و تُرك الأذكياء من أبناء السودان الغبش وفي حلوقهم الحنظل ، و في أفئدتهم الحسرة و الحيرة و الخيبة و الحنق …
صرنا لا نتلفت يمنة ويسرة ، وإلا نجد في كل ركن إضراب معلن ، وعند كل زاوية غضب ، وعلي كل منعرج محنة ، و تسيل علي كل خد دمعة ، و تنشأ في كل بيت محنة ، و ينبت عند كل ناصية ألم ممض مما وصلت اليه أحوال البلاد و العباد ، و لا نجد أذناً للحكومة تصغي لصارخ ، و لا عقل يسمع لناصح ، لقد وضعوا أصابعهم في أذانهم يخشون صوت الشعب و يهربون من آهاته .. و أنينه …وقد ضاع المجداف والملاح…!
أما في مواجهة الشعب ، لا تقوي السلطة المتجبرة الفاسدة ، علي مواجهة الشعب الغاضب ، الذي لم توفر له لقمة العيش ولا ضرورات الحياة ، ولا حتي اجابة واحدة مقنعة ، مثلما فشلت في تعزيز ثقته في القانون و بالوثيقة الدستورية وكل النظام العدلي ، فسلطة تتحرك فقط بالضغائن و بإنتهاك القانون و بالمفسدين الفاجرين المتسفلين الحاقدين العاطلين عن القدرات في لجنة إزالة التمكين ، سلطة لا تستحق الاحترام ، ستتراكم وتنتن خطاياها و قاذوراتها سيعافها الشعب و ينفر منها و يتبرأ من مساسها .
عندما تسأل ذوي الاختصاص في الاقتصاد والتجارة ، وعندما تستفسر أهل السياسة ، و تستفي أهل القانون والحقوق ، وخبراء الامن ، تأتي الإجابات متطابقة متلازمة متتابعة ، أن الفشل في كل شيء، لا أمل في الإصلاح ، ولا رجاء في في الركائب ، لا أمنية للعبور ، البلاد ستغرق ، وستنهار ، لأنه ببساطة لا توجد قيادة ولا حكومة ولا برامج ولا إرادة وطنية مؤهلة لادراك ما يمكن إدراكه وانقاذ ما يمكن إنقاذه ، ولا عزاء للمواطنين …