اكاد لا اصدق ان اكثر من الفي طالب وطالبة حصلوا علي اكثر من 90% في امتحانات الشهادة السودانية ولم يجدوا مقعدا في مؤسسات التعليم العالي، هذه الحقيقة الصادمة التي نتجرعها مثل السم الزعاف في زمن بات فيه التعليم للاغنياء، والاغبياء فقط ، من يصدق ان حاصلين علي اقل من هذه النسبة سيجدون الطريق معبدا الي كليات الطب اذا دفع احدهم مليار جنيه، ولتذهب الجدارة و(الشطارة) الي الجحيم..
يالها من صدمة كبيرة واجهت الاسر السودانية وابنائها في اعقاب خروجهم من مولد القبول لمؤسسات التعليم العالي بلاحمص؛ كيف تعلن وزارة التعليم العالي ان خمسين بالمائة من طلاب الجامعات الحكومية سيتم قبولهم علي النفقة الخاصة ، ومن اين لابناء الغبش المتفوقين الحاصلين علي نسب تفوق التسعين بالمائة مليارات الجنيهات حتي ينالوا حقهم من التعليم الجامعي جزاء لتميزهم و(شطارتتهم) وجدارتهم بكليات الطب التي سهروا من اجل دخولها وامضوا الليالي الطوال في التحصيل والدراسة حتي منحوا اهلهم ما يريدون.
لماذا تصادر الوزارة (حق الغبش) في (جامعات الميري) وتفتحها بالمال لابناء الاغنياء علي الرغم من وجود جامعات مهمتها التدريس علي النفقة الخاصة، وكيف تجرؤ الوزارة علي منع المتفوقين _زبدة النجاح_ بين طلاب السودان من الدخول الي الجامعات، ومامصير التعليم الذي بات يقصي التاجح المتفوق ويكافئ من يحاول التغطية علي فشله بالمال.
من يصدق ان وزارة التعليم العالي وفي سبيل سعيها لجني المال تصادر احلام البسطاء وتبيع المقاعد التي طالما تمنوا ان يجلسوا عليها في كليات الطب، من يصدق ان الوزارة باعت المقعد الواحد بمبالغ تتراواح مابين مليار جنيه الي (850) الف جنيها..
تري هل تخطط الدولة لالغاء التعليم الجامعي الحكومي بهذه الخطوة وتمضي به نحو الخصخصة بعد ان رفعت يدها عن كل شئ، الوقود والدواء والغاز والكهرباء والخبز، وما هو مصير الفقراء من ابناء السودانيين، وكيف تعاقب الوزارة الناجح بحرمانه من التعليم العالي، ولماذا نقر سياسات وقرارات تصادر حق المتميزين اكاديميا في التعليم في كليات تحتاج لدرجات ذكاء نوعية مثل الطب.
تري ماهو الدافع للمذاكرة والتحصيل بعد هذه القرارات الكارثية، وكيف سنشجع الطلاب علي التميز ، وما هو مصير الغبش المتميزين الذين نالوا درجات عالية فباعت الوزارة مقاعدهم للاغنياء.؟!
صحيفة اليوم التالي