في رحلة مفاجئة ذهب رئيس المجلس السيادي الفريق اول عبد الفتاح البرهان الى كمبالا .. وراج أن البرهان إلتقى هناك وفدا إسرائيليا رفيع المستوى .. وصدق المراقبون الرواية لسببين إثنين .. الأول انه ليس هناك ما يربط بين السودان ويوغندا .. حد أن يوالي البرهان زيارات باتت أقرب للماكوكية الى عاصمتها كمبالا .. أما السبب الثاني .. فهو أن الرجل قد فعلها من قبل .. أي أنه ذهب الى كمبالا .. فأنجلى غبار الشائعات يومها عن لقاء جمعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ..وهكذا بدا مقبولا أن الزيارة جاءت فى إطار تلك العلاقة الثلاثية التى جمعت الخرطوم كمبالا وتل ابيب .. ثم طار آبي احمد رئيس الوزراء الإثيوبي يرافقه الرئيس الإريتري اسياس افورقي فى طائرة واحدة الى جوبا عاصمة جنوب السودان .. ولا تزال الأسئلة حائرة تبحث عن إجابات تميط اللثام عن تلك العلاقة الثلاثية ..!
وبفارق زمني بسيط من الزيارتين .. كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى يهبط الخرطوم .. كان عنوانها المعلن .. أو المفترض .. أو المرجح .. أنها تحمل على رأس همومها العلاقة الثلاثية التى تجمع الخرطوم والقاهرة واديس ابابا .. حول ما عرف بسد القرن .. والذى تحول فجأة الى أزمة القرن .. خاصة بالنسبة للقاهرة .. صحيح أن جل التصريحات التى صدرت عن الزيارة تركزت حول موضوع السد وموقف الدولتين .. خاصة بعد التقارب الذى بدا واضحا بينهما .. لجهة التعنت الإثيوبي .. فيما يتعلق ببرنامجي الملء والتشغيل .. ولكن ما رشح عن الزيارة على صعيد آخر .. يشير الى ثلاثية أخرى كانت هي الدافع الحقيقي .. ولكنه غير المعلن لزيارة الرئيس المصري للخرطوم ..!
تحدث البعض عن زيارات متتالية لثلاثة سفن حربية امريكية للموانيء السودانية خلال الشهر الماضي .. وذلك لأول مرة بعد عقدين ونيف من الزمان .. بإعتبارها قد حركت هاجسا مصريا تجاه الأمر .. ولكن البعض الآخر .. لا يري في هذه البوارج إلا مظهرا من مظاهر تقارب الخرطوم واشنطن .. الذى يعتقد أنه اعمق من مجرد بوارج ترسو وتغادر .. ولكن هذا التقارب الثنائي .. يدخل هو الآخر .. فى الثلاثية .. حين يشير ذات المراقبون الى أن تلك العلاقة الثنائية .. ومنذ لقاء البرهان نتنياهو تحولت هي الأخرى .. الى علاقة ثلاثية تجمع الخرطوم وواشنطن و تل ابيب .. ولعل الجميع يذكرون ذلك الإصرار الذى مارسته الإدارة الأمريكية السابقة بربط رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بتطبيع علاقته مع اسرائيل .. ولئن كان ذلك ما اعقب زيارة البرهان الأولى الى كمبالا .. فإن الزيارة الأخيرة اعقبتها هي الأخرى معلومات عن موافقته على قبول دعوة من واشنطن لزيارتها .. ثم التوقيع على إتفاق للتطبيع مع اسرائيل .. وسيرافق ذلك إعتراف امريكي و اسرائيلي بسودانية حلايب .. ورغم ان أية جهة رسمية لم تؤكد ذلك .. إلا أن ما اعقب الزيارة الأولي .. يجعل ما يعقب الزيارة الثانية متوقعا ..!
إذن .. المرجح الآن ..أنه لا الثلاثية الأولى .. اديس ابابا اسمرا جوبا .. ولا الثلاثية الثانية .. الخرطوم اديس ابابا القاهرة .. بل هي الثلاثية الأخيرة .. الخرطوم واشنطن تل ابيب .. ما أثارت هاجس القاهرة ودفعتها للبحث عن تقارب مع الخرطوم .. ولأن القاهرة تعلم ان مثلث حلايب سيظل حاجزا بين العاصمتين .. فما يرشح ايضا .. ان مصر تفكر جديا فى الإنسحاب العسكرى من المثلث .. مع الإبقاء على كامل المظاهر المدنية فيها .. مقابل تعهد سوداني بالمحافظة على تلك المظاهر .. تحت مظلة .. الإستثمار المشترك .. هذه مفاجأة اولى .. أما المفجأة الثانية .. فهي أن تكون الدكتورة مريم الصادق القيادية بحزب الأمة .. ضمن وفد التطبيع الى واشنطن بصفتها وزيرة الخارجية ..!