تحليل سياسي _ البرنامج الإقتصادي .. والأمن الإقتصادي !(3) : محمد لطيف
(وقال رئيس الوزراء “نطمح لدور مهم جداً لجهاز المخابرات لا سيما وأنه يمتلك كفاءات عالية”، مشيراً إلى أن انفتاح السودان ورفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب سيفتح مجالات واسعة وكبيرة في خلق إمكانات وعلاقات لجهاز المخابرات للتواصل مع كافة أجهزة المخابرات في العالم على أُسس احترافية ومهنية، وأشاد رئيس الوزراء بالدور الكبير الذي قام به عدد من منسوبي جهاز المخابرات في متابعة ملف إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب ، وأقر رئيس الوزراء أن التحدي الاقتصادي يمثل أكبر تحدٍ للفترة الانتقالية، مشدداً على أهمية دور الجهاز خاصة إدارة الأمن الاقتصادي في الاحكام مع بقية الأجهزة في ضبط الأسواق ومكافحة التهريب ، ودعا رئيس الوزراء للعمل على حلحلة القضايا المُعلَّقة تاريخياً كالعدالة الانتقالية ) ..!
حين بدأت هذه السلسلة كان هدفي النهائي .. إقناع القراء أن البرنامج الإقتصادي الذى تتبناه الحكومة الآن .. ويجد دعما كبيرا من قطاعات عريضة من المواطنين .. لن يحقق أهدافه ما لم يجد سياجا ضابطا يفرض هيبة الدولة .. ويلعب دور الرقابة فى تنفيذ مختلف مسارات ذلك البرنامج .. ولسبب من هذا كنت اليوم بصدد الكتابة عن تجربة لي أخرى مع إدارة الأمن الإقتصادي .. حين طرد أحد منسوبي تلك الإدارة .. شقيق مسئول كبير في عهد الإنقاذ .. حضر الي نيابة أمن الدولة مرافقا لمستثمر أجنبي ذائع الصيت حتى اليوم .. لإيقاف إجراءات قانونية كانت قد شرعت تلك النيابة في تقييدها ضد ذلك المستثمر .. بعد أن ضبط متلبسا في جريمة إقتصادية خطيرة .. كان ذلك الضابط حاسما وهو يقول لشقيق المسئول .. إما أن تغادر الآن أو تكون جزءا من هذا البلاغ .. لم تنتهي القصة عند هذا الحد .. فقد فوجيء الضابط بأن المستثمر الذى جاء يحكي صولة الأسد .. وقد فوجيء بطرد شفيعه .. يبرز بطاقة جهة نظامية ملوحا بها في وجه الضابط .. الذى لم يتردد في مصادرتها على الفور .. قائلا لذلك الطاووس .. أنت أجنبي فكيف حصلت على هذه البطاقة ..؟!
سردت تلك القصة الشائكة الطويلة بإيجاز .. لأقول أن السيد رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك قد أعفاني عبء الخوض فى التفاصيل .. حين فاجأني وفاجأ الكثيرين بتلك الزيارة التى قام بها لرئاسة جهاز المخابرات العامة .. وهي فى تقديري زيارة تأخرت كثيرا .. ثم إختصر علي طريقا شائكا آخر .. كنت أتحسس خطواتي للسير فيه حين شدد من مقر الجهاز على ( أهمية دور الجهاز خاصة إدارة الأمن الاقتصادي في الاحكام مع بقية الأجهزة في ضبط الأسواق ومكافحة التهريب ) .. إذن هذه هي المعضلة التى تحتاج الحكومة لإيجاد معالجات موضوعية لها .. لقد ظل العديد من المسئولين .. خاصة فى الحكومة السابقة يشكون من ضعف الرقابة الأمنية .. وغياب المعلومات .. أو على الأقل البطء فى التعامل وفى التحرك تجاه الملفات التى تحتاج لذلك النوع من الرصد والضبط الأمني .. و خاصة فى مجال الإقتصاد .. وفي المقابل ظلت الأجهزة الأمنية هي الأخري .. تشكو من تغييبها .. بل ومن تخوينها أحيانا .. لذا كانت تلك الزيارة .. التى أُصر على تأخرها .. مطلوبة جدا .. لإزالة الحواجز والهواجس .. حتى تتحمل أجهزة الدولة كلها مسئولياتها فى التصدى لمهام الإنتقال .. كما طلب السيد رئيس الوزراء .. وبالطبع إن كانت الأجهزة الأمنية تبحث عن تطمينات .. فللآخرين هواجسهم ايضا .. لذا تظل قضية .. إعادة الهيكلة والتأهيل .. واحدة من المطلوبات العاجلة .. لإكمال تجسير الهوة الماثلة حاليا .. والتى تعتبر زيارة رئيس الوزراء اول جهد عملي فى ردمها .. ولا نملك إلا أن نعضد على مطلب رئيس الوزراء .. أن تقوم كل مؤسسة بدورها المطلوب ..!