السيدة المنصورة د .مريم الصادق المهدي وزيرة الخارجية هي تلك المرأة التي رضعت السياسة من والدها الحبيب الإمام الصادق المهدي الزعيم الذي لا يُعرّف إلا بالحنكة والدهاء وبعد النظر ، و كما أنه كان لا يشق له غبار في عالم السياسة ، و هو رئيس حزب الأمة القومي و رئيس وزراء السودان السابق و الأسبق ، فعليه آلاف الرحمات من الرحيم تغشاه في مرقده تحملها له ملائكة الرحمة في جنات الخلد يا رب العالمين ، فهي بنت هذا الرجل و هي السياسية المحنكة و هي بنت البيت الذي لم تكن له مهنة خلاف ممارسة العمل السياسي ، و هي التي تخرجت من رحم الهيئة المركزية لحزب الأمة ، فلم تبلغ هذا المنصب الذي بلغته الآن كحديثي التجارب فهي ليست بوزيرة تحت التدريب كما وصفها البعض من الذين اهتموا بالأمر الظاهر ، و الذين أخذوا بالنسخ و اللزق من الميديا ، و كذلك.لأنهم لا يعلمون أن للأضواء رهبة قد تربك البعض من الذين يقفون أمامها في أيامهم الأوائل ، ولا ضير في ذلك .
الحكم المطلق بالفشل على كل الذين يمكن أن يتأثروا برهبة التحدث أمام جمع من الناس يجب ألا نطلقه على من و قعوا فيها هكذا جزافاً كاتهامهم بالنقص أو عدم الدراية أو قلة الحنكة السياسية ، لأن هذا الأمر أمراً عارضاً و سرعان ما يتخلص الفرد منه ، و من المرجع حدوث تلك الرهبة في البدايات و هي شائعة الحدوث ، فهي تشتت الذهن و تشل مركز الأفكار حينما يبتدئ المتحدث في الحديث وخصوصاً في المؤتمرات الصحفية التي يتعمد فيها ضعاف النفوس من الصحافيين الإيقاع بالمتحدث الذي يقف أمامهم ، و قد يبدو المتحدث في تلك اللحظات ضعيفاً أمام الأضواء و عدسات التلفزيونات في المرات الأولى ، و لكن سرعان ما يتخلص من ذلك الأمر العارض و يصبح محنكاً أمام نفس هذه العدسات ، و لذلك يأتي تصنيف الرهبة أمام الأضواء في مرتبة متقدمة من مراتب الخوف ، فهي تصيب الإنسان رغماً عن أنفه مهما كان استعداده لذلك ، و هي ليست ضعفاً كما يصفها بعض الوصّافين ، فنجد أكثر ما يخشاه الساسة و يؤثر على أدائهم هو الوقوف أمام الأضواء فيذهب بذلك صفاء أذهانهم وقد يجعلهم يشعرون بالقلق أثناء التحدث أمام الجمهور و هذا هو مربط الفرس في بدايات حياة (الساسة) السياسية و أعظم ما يهزمهم هو (رهبة) الحديث في اللقاءات العامة و تحديداً المرتجلة منها والتي لا يضع لها السياسي ترتيبا مسبقا و لذلك تعتبر هذه الرهبةمن أكبر الهواجس التي تشل الأفكار .
يقول الحق عز وجل في سورة هود الآية 61
(وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ)
فحينما تحدثت وزيرة الخارجية د مريم الصادق المهدي بدبلوماسيتها العالية وبلغتها العربية الرفيعة التي ورثتها من أبيها ذلك الرجل المفوه ، حيث استخدمت في ذلك اللقاء تلك الكلمة القرانية التي وردت في سورة هود في الآية 61 (أعلاه) في عبارة (نستعمر أرضنا) و بهذه العبارة هاج الناس عليها و التي حملوها على أنها دعوة للأجنبي لإستعمار أرضنا ، وهذا التفسير حمل على الجهل وليس على المعرفة لأن هذه العبارة هي من (عمر ، يعمر ، إستعماراً) ومأخوذة من التعمير و ليس من الإستعمار الأجنبي كما فهم بعض الذين تنقصهم الملكة المعرفية ببواطن اللغة العربية ، و كما أن هذا التعمير الذي قصدته لا يأتي إلا بالاستثمار و الشراكات الذكية مع الغير ولهذا نجدها قد قامت بتوجيه الدعوة لهذه الشراكات الذكية مع دول الجوار و هذا ما تدعو له الدولة بكاملها ، ولهذا نجدها قد استطاعت أن توصل لندها و السائل معاً فكرة ان السودان يرفض الحروب مع الجيران و الأشقاء على أن تكون تلك المناطق التي تشكل مصدر قلق بين السودان وجيرانه ، لتصبح مناطق للتكامل والاستثمار لكل الذين يفتقدون الأراضي الزراعية الواسعة في دولهم ولا ضير في أن تكون الفائدة مشتركة بين الدول .
فلماذا هذه الحرب الشعواء ضد هذه المرأة التي يفتخر السودان بوجودها ضمن قائمة نسائه فهي محل فخر و حق لنا أن نفتخر بها و بكل نسائنا اللائي يحذون حذوها ، وأقول لها في ختام حديثي أرجو ألا تشغلك تلك الحملة الشعواء التي ضجت بها الأسافير ضد مسيرتك ، فأنت رائعة ولك ملكة سياسية ودبلوماسية عالية وسوف تتطور بالممارسة يوماً بعد يوم وكما أن لك قلب كبير وجميل كجمال روحك تستطيعين به إمتصاص تلك الموجات السالبة التي روجها بعض أصاحب الغرض ونسخها عنهم أصحاب المرض هدانا الله وإياهم أجمعين ، وتحويلها إلى موجات موجبة لصالح حقيبتك التي تتمتع بأميز الدبلوماسيين عالمياً و يعرفون جيداً من أين تؤكل الكتف ولهم دارية واسعة بالعمل الدبلوماسي فأجعليهم شركاء لك في كل خطواتك ، وسيري وعين الله ترعاك يا (المنصورة) ، و (إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) .
و الله من وراء القصد.