يتوجب على وزيرة الخارجية مريم الصادق وزملاءها المسؤولين إدراك وفهم أن السودان في مرحلة حرجة لا تقبل اي قرارات أو سياسات رعناء وغير مدروسة، تقوم على المصالح الشخصية أكثر من المصلحة العامة، فكل الفشل الذي نعيشه سواء الاقتصادي أو الأمني أو الاجتماعي سببه الاستسهال الحكومي في كل شيء ابتداءًا من إختيار المسؤولين للمناصب، و الفشل في ادارة الملفات التي يُفترض أنها مهمة واستراتيجية قد تجعل من السودان دولة ذات ثِقل اقتصادي وفي مصاف الدول المتقدمة كما ينبغي أن تكون.
اضافة الى سوء الادارة نجد ان هناك تراخي في تطبيق اللوائح والقوانيين التي من شأنها حفظ الحقوق وتنظيم الحياة العامة، وبكل أسف فالسودان معروف لدى كثيرون بأنه بلد مفتوح وشعبه ” همجي” لذا يعاني أفراده في التأقلم مع قوانيين الدول الاخرى و الالتزام بها، لأنهم لم يعتادوا ذلك الحزم والنظام في بلادهم، ولم يسبق أن فرضت الدولة عقوبات على من يرمي الأوساخ في الطريق مثلًا كأقل فعل وأكثره تكرارًا، يتعدى ضرره التلوث والأذى البصري إلى تكلفة الدولة أمولًا طائلة في جمع هذه النفايات والتخلص منها، يمكن الاستفادة من هذه الأموال في جوانب اخرى لخدمة المواطن ورفاهيته.
حديث مريم المهدي الآخير الذي قالت فيه بأن أراضي السودان شاسعة وتفوق حاجة الشعب، ويمكن لدول اخرى استغلالها، ذلك الحديث الذي إنتفض له الشعب ولم تنزعج منه الحكومة، يستدعي المحاسبة واصدار بيان رسمي من الحكومة بأن هذا الحديث شخصي ولا يمثل موقف الدولة الرسمي، ان لم يحدث ذلك كيف للسودان المطالبة بأراضية المُحتلة سواء من جمهورية مصر أو غيرها من دول الجوار.
على السادة المسؤولين الكرام إلتزام الصمت والتركيز على العمل والانجاز وإحداث تغييرات ملموسة على أرض الواقع، بدلًا من التصريحات المستفزة التي تصدر كل حين وآخر لتؤكد أن أكبر خدعة ارتكبها قادة الثورة أنهم وعدوا المواطنيين بحكومة كفاءات ليتهم كانوا صريحين واخبرونا بالحقيقة ولم نرَ غير محاصصات وترضيات على حساب المواطن ومستقبل البلد الذي دُفع مهره دماءًا و أرواحًا غالية.
في دول أخرى غير السودان تحترم شعبها وسيادة دولتها يُحاسب أمثال هؤلاء المسؤولون على هكذا تصريحات، لأن رجل الدولة يجب أن يضع حدًا بين آراءه ومواقفه الشخصية وموقف الدولة والشعب الذي يمثله، لأن ادارة الدولة لا تتم عبر الأفراد وإنما المؤسسات التي يُفترض أن تصدر عنها القرارات الرسمية خاصة فيما يتعلق بالشؤون الخارجية للدولة، والتي تتطلب حساسية عالية لأن التعامل السليم مع هذا الجانب هو الذي يجبر الآخرين على احترام الدولة وشعبها وأي هوان أو تراخي من قِبل الحكومة يجعل البلد مُستباح لكل من هبّ و دبّ والتعدي عليه وظلم أهله أمر هين وليس جريمة تستوجب العقاب والمساءلة.