علي كل _ مجلس الوزراء.. ( زراعة خارج الترس)!! _ محمد عبدالقادر
تمخض جبل مجلس الوزراء فولد فارا، تداولت الوسائط الاعلامية جعجهة انعقاده لثلاثة ايام ، لكن طحين هذا الاعتكاف لم يخاطب قضايا البلاد الحيوية ولم يضع خاطرا لازمة المعيشة والخدمات التي يعيشها المواطن.
التوصيات التي خرجت من الاجتماع لم تكن الا تكرارا للنصوص الباردة المضمنة في وثائق الحكومة الانتقالية من لدن الوثيقة الدستورية ومخرجات المؤتمر الاقتصادي واتفاق جوبا وقليل من هتافات الشوارع حين تلهب ظهرها سياط المعاناة فتخرج في مواكب الاصلاح لا تلوي علي شئ سوى الصراخ والمذكرات والمطالب التي لم تجد طريقها للتنفيذ حتي اليوم.
خلا البيان الختامي من اية توصيات تخاطب راهن المواطن الذي تحاصره الازمات، بدا لي الامر وكانما احدهم استلف هذه التوصيات من ارشيف مجلس الوزراء علي ايام الانقاذ وجاء به للاجازة قبل التداول ، توصيات باهتة ليس فيها صوت للازمات والمعاناة، اتعجب كيف خرجت التوصيات بكل هذا البرود دون ان تلامسها لفحة رمضاء او يصيبها غبش مشاوير المعيشة الحارقة في لهيب الخرطوم واطراف السودان المختلفة.
من يصدق ان التوصيات التي دمجت الجانبين الاقتصادي مع الاجتماعي جاءت في تسع نقاط، تخيل معي عزيزي القارئ ان ازمات السودان المعقدة اقتصاديا واجتماعيا تلخص في تسع نقاط لاتجد بينها مقترحات لمعالجات ذات صلة بازمات الخبز والغاز والوقود والكهرباء الا في النقطة الخامسة التي تخاطب المستقبل ولا تعالج الواقع ( استكمال مشروعات النفط والكهرباء بنسبة50%).
وحتي لا نظلم الوزراء فان سيادتهم حدثونا في الاجتماع عن توفير مياه الشرب ومجانية التعليم العام ، هم يحدثوننا عن المستقبل بالطبع في التوصية الانقاذية التقليدية المزمنة والتي لم تجد طريقها للتنفيذ حتي سقوط النظام( توطين صناعة الدواء لتغطي60% من الحوجة في العام الاول ودعم برامج العلاج المجاني ليشمل الادوية لكافة الامراض المزمنة والرعاية الصحية الاولية وحالات الحوادث والاصابات والطوارئ بالاضافة لبرامج المراكز القومية).
يحدثوننا عن مجانية العلاج والمستشفيات مغلقة والمواطنون يموتون في السيارات بحثا عن عناية او اسعاف، وعن توطين العلاج متناسين ان الادوية زادات اسعارها باكثر من 1000%, دون ان يبحثوا الازمة الراهنة ويجد لها الحلول.
في محور السلام لم تخرج التوصيات عن الوثيقة الدستورية واتفاق جوبا الذي ضمن اليها مؤخرا ، ليس هنالك اي جديد يستدعي الانعقاد لثلاث ايام حسوما ، التوصيات بايجاد الموارد لدعم اتفاق السلام واكمال التفاوض مع الحلو واقامة مشروعات في المناطق المتاثرة بالحروب لم تكن يسندعي الانعقاد لمدة 72 ساعة في وجود قضايا مهمة جدا وتحديات كبيرة تواجهها اتفاقية جوبا بعد دخولها حيز التنفيذ.
ما ذا يعني ان تحدثنا الاجتماعات عن مكافحة التهريب و إصلاح جهازي الامن والمخابرات وعن نصوص اخري مضمنة في اتفاق جوبا ذات صلة بالدمج والتسريح وتكوين الجيش القومي، واخري مكتوبة ضمن مواد الوثيقة الدستورية مثل التوصية الخاصة بتكوين جهاز الامن الداخلي..
كنت قد تفاءلت بانعقاد الاجتماعات وكتبت مقال ترحيب اوصي فيه باقرار خطة تراعي واقع الناس وبؤس احوالهم في ظل الغلاء الغاحش وسطوة الاسعار التي لا ترحم، لم تكن قضية الاسواق والصناعة ضمن اهتمامات مجلس الوزراء الموقر بالطبع، تري هل كنا بحاجة الي توصية لتمكين النساء ، وهن يشاركن الان بحيوية تتفوق علي وجود الرجال في احايين كثيرة.
تصر الحكومة الانتقالية في نسختها الثانية علي الترفع عن معاناة الناس، واقرار توصيات خيالية مشخونة بالترف السياسي لا تلامس واقع التحديات الماثلة وابرزها انعدام الخدمات، الازمات ( وقود وغاز وكهرباء ومياه) الي جانب الغلاء الفاحش وضعف الرقابة علي الاسواق، للاسف جاءت توصيات اجتماع مجلس الوزراء ( زراعة خارج الترس)، و(جعجعة بلاطحين).
اليوم التالي