ومن تناقضات النخب المسماة بالمسؤولة، فيما يتم تحرير أسعار السلع وسعر الصرف بكل عزيمة وشفافية، ودون أن يتظاهر أحد أو يغلق الشوارع بالمتاريس، يطالب عضو لجنة إزالة التمكين صلاح مناع – الحكومة – باحتكار صادر الذهب لصالح بنك السودان المركزي.. أخبروا صلاح مناع بأن يلتحق بركب السياسة الاقتصادية المُعلنة من قبل حكومته – و الجاري تنفيذها بكل وضوح – حتى لا يكون (أطرش في الزفة)..!!
:: ثم أخبروه بأن البلاد اصطلت بنار احتكار الذهب لبنك السودان، ولا تزال تصطلي بآثار ذاك الاحتكار.. ولعلكم تذكرون في ديسمبر ٢٠١٨، وبعد ست سنوات من التخريب، قرّر النظام المخلوع فك احتكار بنك السودان لصادر الذهب.. والخراب الذي أحدثه احتكار البنك المركزي لصادر الذهب لم يحدث في تاريخ السودان.. وعندما قرروا الاحتكار، ليس جهلاً بعلوم الاقتصاد، ولكن مصالح مراكز القوى كانت أقوى من مصالح الناس والبلد..!!
:: والمُهم.. نفهم أن يمنع صلاح مناع وغيره من المسؤولين، البنوك التجارية عن تجارة السلاح والمخدرات وغيرها من الممنوعات، لأن هذا النوع من المنع يتسق مع القوانين ويستوعبه العقل السوي.. ولكن، كيف نفهم منع البنوك التجارية والشركات عن تجارة الذهب؟.. هذا المنع لا يتسق مع القوانين، ولا يستوعبه أي عقل يؤمن بأن الأصل في التجارة في الحرية والمنافسة، وليس الحظر والمنع وغيره من مصطلحات اقتصاديات الدول المتخلفة..!!
:: وقد لا يعلم صلاح مناع أن البلاد لم تستفد من احتكار بنك السودان لسوق الذهب غير (التضخم)، وانخفاض عائد الصادر رغم ارتفاع حجم الإنتاج، وليته يراجع تقارير أعوام الاحتكار ليتراجع عن طلبه، أو ليتمادى في المكابرة، كما كان يفعل النظام المخلوع.. فائدة البلاد الاقتصادية دائماً في سياسة التحرير، أي في توفير مناخ المنافسة للمصارف والشركات لتنافس بعضها في الإنتاج، ثم تنافس بعضها بالجودة والسعر..!!
:: قبل قبضة الاحتكار، كانت هناك (13 شركة وطنية)، تعمل في سوق الذهب بمنافسة شريفة، وعبر قنوات الدولة الرسمية.. وكانت هذه الشركات تورد عائد الصادر إلى البلد قبل تصدير الذهب، وهذا ما كان يسمى بنظام (الدفع المقدم).. نعم، كانت تورد عائد الصادر (أولاً)، ثم تشتري الذهب من شركات التنقيب والأهالي بالمنافسة ذات الفائدة للمنتج، ثم تصدره بعد سداد ما عليها من رسوم وضرائب..!!
:: هكذا كانت فوائد الإنتاج والتصدير للمنتج والشركات والبلد، ولم يكن هناك تهريب.. ولم تضج الصحف ومجالس الناس بأخبار التهريب والمهربين إلا بعد احتكار بنك السودان.. وبنهج الاحتكار، فقد السودان الكثير من عائد صادر الذهب.. وقبل سياسات الاحتكار (الفاشلة)، لم يكن هناك تهريب للذهب لحد تقزم حجم الصادر رغم أنف ضخامة حجم الإنتاج..!!
:: واليوم، على الحكومة توفير مناخ المنافسة للبنوك والشركات، لتنافس بعضها في التمويل والشراء والتصدير.. فالمنافسة الشريفة تمنع تهريب كل المنتجات، بما فيها الذهب.. وبالمناسبة، بنك السودان لن يحتكر شراء الذهب بالأسعار العالمية، والمُنتج ليس بساذجٍ ليصطلي بهجير الفيافي ثم يبيع ذهبه بسعر الاحتكار الرخيص لبنك السودان، بيد أن الأسعار الغالية والمُغرية في الخليج.. وعليه، فإن دول الخليج هي المستفيدة من طلب الاحتكار..!!