بالتزامن مع ترشيح جبريل إبراهيم لمنصب وزير المالية، وبقرار صادر عن رئيس الوزراء، تم تشكيل شركة السودان القابضة لاستلام وإدارة الأصول المستردة، ومن سلطاتها استلام وحصر الأصول والأموال المستردة من لجنة التفكيك، ثم إعداد تقارير مراجعة إدارية ومالية تعكس نشاط وموقف الشركات والأسهم والصكوك ومختلف أنواع الأصول التي تؤول إليها..!!
:: وحسب القرار، يترأس مجلس إدارة الشركة القابضة شخصية قومية ذات خبرة في مجال الاستثمار وإدارة الأصول، بحيث يتم تعيين هذا الرئيس من قِبل رئيس الوزراء.. ويعمل مجلس إدارتها تحت الإشراف المباشر لرئيس الوزراء، وتم تحديد أعضاء مجلس الإدارة، وهم مُمثل لوزارة المالية وآخر لوزارة العدل، ثم آخرون يمثلون بعض مؤسسات الدولة ذات الصلة بالصناعة والزراعة وغيرها..!!
:: تشكيل هذه الشركة – بعد عام من عمل لجنة إزالة التمكين – يؤكد بأن الحكومة لم تكن لديها خطة مُحكمة لاستلام وإدارة وتشغيل الأموال والأصول المستردة، وهذا ما يُسمى بالعشوائية.. ومن الخطأ أن يتأخر حمدوك – عاماً كاملاً – عن تشكيل الشركة القابضة، وكان عليه تشكيلها يوم تشكيل لجنة إزالة التمكين، بحيث تستلم الأموال والأصول المستردة (فوراً)، أي قبل أن تتعرض إلى (مغانم حرب) وإهمال وسرقات وتلف وسوء إدارة..!!
:: ولو استلمت الشركة القابضة كل الأصول والأموال والعربات وغيرها، بمهنية وبواسطة المراجع العام، سوف تتفاجأ بما يُشيب لها الولدان، ولما آل إليه حال هذه الأموال والأصول.. ولكن هل الغاية من تأسيس الشركة القابضة هي حماية الأموال والأصول المستردة، ثم إدارتها وتشغيلها؟ أم هي محض آلية يُراد بها إبعاد و تجريد وزارة المالية من سلطة إدارة هذه الأصول والأموال..؟؟
:: فالجدير بالانتباه أنّ لوزارة المالية في الشركة القابضة (مجرد ممثل).. ولا يرأس مجلس إدارتها وزير المالية، والأدهى أنها غير تابعة لوزارة المالية، لا إدارياً ولا إشرافاً.. فالشركة، حسب نص قرار التشكيل، تعمل تحت الإشراف المباشر لرئيس الوزراء، ولا علاقة لوزير المالية بالإدارة والإشراف.. ليبقى التساؤل مشروعاً حول سلطة وزارة المالية – وولايتها – على هذه الأموال والأصول..أليس تناقضا ان يطالبوا بولاية وزارة المالية على شركات الجيش ثم يبعدوا الشركة القابضة عن ولاية وزارة المالية..؟؟
:: اذا عرف السبب بطل العجب.. لعلكم تذكرون حرص الحزب المحلول على (تشليع الوزارات)، وذلك بخلق هيئات وصناديق ولجان تابعة للرئيس المخلوع (شخصياً).. وعلى سبيل المثال، وزارة التجارة، تم تجريدها من سلطاتها في حكومة نيفاشا لإضعاف وزير الحركة الشعبية، وهو صاحب الصيحة الشهيرة (وزارتي شلعوها)، وإلى يومنا هذا وزارة التجارة بلا سلطات.. وكذلك وزارة الصحة، كانت ذات سلطة قبل حكومة نيفاشا..!!
:: لقد تم تجريد وزارة الصحة من سلطة الإدارة الدوائية بتأسيس مجلس الصيدلة، ومن سُلطة إدارة الإمدادات الطبية بتحويلها إلى صندوق مستقل، ومن سُلطة إدارة المستشفيات المرجعية والمراكز القومية بالبدعة المسماة (أيلولة).. وكذلك وزارة الري، أضعفوها – في حكومة نيفاشا – بتجريدها من سلطة تنفيذ السدود بتأسيس وحدة تنفيذ السدود.. وهكذا.. وكان الهدف من كل هذا التشليع هو تحويل الأحزاب المشاركة في السلطة إلى (كومبارس)..!!
:: وهكذا.. منذ حكومة نيفاشا، وحتى آخر حكومات الفلول – الحوار الوطني – ظل الحزب المحلول يمارس فن (تشليع الوزارات)، لتجريد الشركاء من السلطات والصلاحيات.. واليوم، بتأسيسهم وتشكيلهم لهذه الشركة القابضة خارج سلطة وزارة المالية، وبما أنهم عاشروا الفلول أكثر من أربعين يوماً في حكومة نيفاشا، فيبدو أن السادة بقِوى الحرية تعلّموا (فن التشليع)، وتجريد شركاء الحكم من السلطات والصلاحيات..!!
Tahersati@hotmil.com