أخيراً، وبعد عُطلة هي الأطول خلال العقود الثلاثة الأخيرة، تم استئناف العام الدراسي بولاية الخرطوم، وتنفست الأسر الصعداء بحذر وترقب وتوجس، بحيث لا يكون هناك إغلاق آخر.. ولم يكن كل هذا التعطيل بسبب كورونا، إذ قال الدكتور عمر القراي، المدير السابق للمناهج، قال في ذات مؤتمر: (فتح المدارس والجامعات في ظل الوضع الاقتصادي وعدم توفر المواصلات سيقود إلى مظاهرات)، ثم أعلنوا التأجيل الثالث تقريباً..!!
:: لقد فَقدَ العام الدراسي الكثير من التقويم الدراسي.. وكما تعلمون، فمنذ أكثر من خمس سنوات، وحتى هذا العام، فإنّ التقويم الدراسي في بلادنا كما مركبات النقل العام (وقوف متكرر)، تارة بفعل الخريف وتارة أخرى بأفعال السياسة، ولذلك العام الدراسي في بلادنا – كما جُبة الدرويش – يضج بالثقوب والترقيع.. ولم يحدث أن طلابنا أكملوا عاماً دراسياً بلا تعطيل، بل أصبح مُدهشاً أن تتواصل الدراسة ثلاثة أشهر بلا تعطيل..!!
:: المهم.. رغم إهدار شهر من العام الدراسي بسبب الوضع الاقتصادي والخوف من المظاهرات، لا يزال هناك المزيد من الإهدار، وذلك بتقسيم ساعات اليوم الدراسي بين الفصول، كما قررت وزارة التعليم، أو أيام الدراسة بين الفصول، كما فعلت المدارس الخاصة.. فالشاهد أن أيام الأسبوع الدراسي (5 أيام)، وتخفيضها يعني أن أيام الأسبوع الدراسي للطالب تتراوح ما بين (2 – 3 أيام)..!!
:: و لن يدرس الطالب في الشهر أكثر من (12 يوماً)، فلكم أن تتخيلوا مدى تقزم حجم التحصيل الأكاديمي لهذا الطالب؟.. إهدار يوم واحد، ناهيكم عن كل هذه الأيام، يؤثر على تحصيل الطالب.. نعم، هناك علاقة بين أيام العام الدراسي وحجم التحصيل الأكاديمي، ولم يحدد علماء التعليم عدد أيام العام الدراسي – وعدد الحصص – بالمزاج، أو كما يفعل الذين يسعون إلى تخفيض أيام الدراسة الأسبوعية..!!
:: وقبل تعديل التوقيت، لتخطي أشهر الخريف، فإن متوسط أيام الدراسة بكل ولايات السودان كان (169 يوماً).. وهذا المتوسط، قياساً بمنهج اليونسكو، والذي يُلزم بألا يقل متوسط أيام الدراسة في أي بلد عن (159 يوماً)، كان مناسباً ومعقولاً ومقبولاً للطلاب وأسرهم.. ولكن ما ليس مناسباً ولا معقولاً ولا مقبولاً – للطلاب وأسرهم – هو أن يُفكر بعض السادة بوزارة التربية والتعليم في تقزيم العام الدراسي إلى ما دون هذا المتوسط المطلوب، حسب معايير اليونسكو..!!
:: وعليه، كان على السلطات البحث عن وسائل أخرى غير تخفيض ساعات وأيام الدراسة، باضافة شهر أو أكثر للعام الدراسي، خصماً من العطلة السنوية، على سبيل المثال.. هذا التخفيض يؤثر سلباً في التحصيل الأكاديمي.. عفواً.. ربما لا توجد – في بلادنا – علاقة بين أيام العام الدراسي وحجم التحصيل الأكاديمي.. و.. على كل حال، نأمل ألا يكون هناك تعطيل آخر، أو ليس مهماً تقزيم ساعات الدراسة، ولا حجم التحصيل الأكاديمي، فالمهم هو أن ينتهي العام الدراسي و(خلاص)، أو هكذا تقزم الطموح العام..!!