همس الحروف _ هل انتهت غفوتنا وغفلتنا عن المناهج؟!! _ الباقر عبد القيوم علي
على غرار انهيار المناهج في فترة الإنقاذ وما تبع ذلك من انحدار حاد في مستوى التعليم والأخلاق سوياً تحت مظلة لا حياء في الدين، في ظل التفكه الذي كانت تعيش فيه الطغمة الحاكمة الفاسدة التي حصرت المؤمن في عبارة (حلوي) لترفع عن نفسها حرج الافراط في التعامل مع كل ما هو حسن أو التحلل من الإثم حال ولوغه في المحظور مع كسر الحواجز التربوية للنشء، مع بيان نوعية المستوى الذي يحب أن نترفع من العيش فيه والذي يشكل فساد الحاضنة الاجتماعية والمحضون على حد السواء، وما كان شاهداً ومدللاً على ذلك، الانزلاق الحاد في مستوى الأفكار هو ورود سؤال غريب في ورقة الامتحان يصف مستوى نوع أخلاق المعلم الذي كنا نعتمد عليه في بناء الأمة قبل أن يحدد مدى الفراغ والانحطاط لمحتوى المناهج التي كان يتم تدريسها لأبنائنا، ونحن في غفلة، حتى يتفاجأ أولياء الأمور بالحرج الذي وقعوا فيه، حينما قام الأبناء بسؤالهم كي تطمئن قلوبهم على صحة ما اجتهدوا في كتابته من إجابات على ورقة الامتحان، فألجموا بفظاعة ووقاحة السؤال الذي لم نخرج من دائرة حرجه منذ ذلك الوقت وحتى تاريخ هذه اللحظة، والذي قام بأخرس الجميع إلا السائل كما تقول العبارة (و سكت الجميع ونطق الحمار)!!
بهذا السؤال الذي وصف المعدوم وهو الأخلاق وأدخل النساء في حيرة شديدة من قبح منطوق ألفاظه وعفونة مرامي مقاصده التي يمكن وصفها بالسفه، وما يدخله ذلك من توهان في عقول الأبناء، مع عظم الدهشة التي أحدثها فابيضت لها شعور رؤوسهن، لأن هذا المنهج الذي يحتوي على مثل هذا السؤال يعتبر منهجاً فاسداً، لأنه هزم صانعي الأجيال في عقر دارهم، وخصوصاً (الأمهات) قبل الآباء من جرأة السائل وقباحة السؤال وتشويهه لعقول المسؤولين المعنيين بالسؤال، حيث ورد نصه لطلاب الشهادة الثانوية في امتحان مادة التربية الإسلامية الذي يستفسر الطلاب عن حكم الشرع حال وقوع المرأة في المحظور حينما يجامعها رجل أجنبي ظناً منه أنها زوجته!!، فبمثل نوعية هذه الأسئلة نكون قد وصلنا إلى قمة الانحطاط الأخلاقي الذي لا يقره دين أو عرف، حال أجبنا عليه أو سكتنا، لأنه يقود إلى هدم مملكة المرأة التي كانت تصور دور الأمهات تجاه أبنائهن في سلسلة إنجازاتهن التاريخية الحافلة بالمرارات والتضحيات بأنهن ملكات متوجات في عروشهن من أجل تربية وتنشئة صغارهن، وذلك بجعلها أداة جامدة كالدمية تُحرك ولا تتحرك من ذاتها لاستلاب روحها من قبل السائل الذي جعلتها في مهب الريح، لأنها يمكن ان يقع عليها المحظور وهي صامتة تنتظر وتنظر حسن أو سوء ظن من يعاشرها واهماً.
وكما ليس لها حق القبول او الرفض مما ينتقص ذلك من مكانتها كإنسان ويحرمها من ظفورها بلقب صانعة الأجيال، ويصورها بعكس ما هو معلوم عنها بعظم مكانتها عند الله حيث كرّمها بها وخصها بانتمانها على الأرحام من دون الرجال، فلقد حاول المنهج تشويه صورتها الجميلة بانتقاص دورها الفعّال في المجتمع حتى يخال للجهلاء بأنها لا تملك قرارة نفسها كالدمية تماماً، وكذلك صورت تلك المناهج الرجل أيضاً بعمي البصر والبصيرة بإعدام أهليته العقلية ذات الاعتبار الشرعي والقانوني التي تجعله مميزاً لكل تصرفاته وتتحكم في جل سلوكه وخصوصاً ما يتعلق منها بالغرائز التي يمكن ان تجعل منه وحشاً كاسراً عند حاجته للأنثى يصف مدى ضعفه في إرواء ظمأ غرائزه.
الآن لقد اتضح جلياً للغافلين أهمية الاهتمام بالمناهج التي يجب علينا إفراغها من شحناء الأيدي لوجيات تماماً وإبعادها من تصفية الحسابات والصراعات السياسية، ولو لا تلك الحرب التي تسمى بحرب المناهج التي دار وطيسها بين السيد القراي والرافضين لمنهجه الأيديولوجي لما بان لنا خطورة ذلك الأمر بهذه الصورة التي عرف بها الشعب حقه في أهمية تشكيل قالب أبنائه الأكاديمي ومستقبلهم العملي الذي يجب أن يكون محسوب العواقب وفقاً لتخطيط الدولة في صناعة علمائها بتنمية قدرات أطفالها عبر المناهج السليمة والمدروسة ومحسوبة النتائج، ولهذا يجب علينا أن نتقدم بأجزل آيات الشكر للسيد القراي الذي تحدى معارضيه وأيقظ عندهم مارد الوعي الذي كان طيلة الفترة السابقة في غفوة عميقة استوطن في عقول الناس بخموله وخمولنا عن الأهمية التي كان من الواجب التعامل بها مع هذا الأمر الذي يحدد مستقبل الأجيال القادمة، ولهذا يجب التعاون الجمعي لدعم كل ما يتعلق بالمناهج في إعداد واضعي المناهج وفق خطط معلومة النتائج ومدروسة الوسائل التي يتحقق بها ذلك ويتم ذلك عبر لجان متخصصة وعلماء نفس يستطيع السودان بهم وعبر مناهجهم، الخروج من عنق الزجاجة في المستقبل القريب إن شاء الله.