علي كل _ اختشوا! _ محمد عبدالقادر
اتمني ان يخذل السياسيون (حكومة ومعارضة) توقعاتنا مرة واحدة، ويتواضعوا علي ميثاق يحفظ استقرار وامن ووحدة الوطن، ليس هنالك اخطر من الاوضاع التي تعايشها البلد الان، يحترق السودان من قلبه واطرافه بينما السياسيون يواصلون الكيد لبعضهم يصطرعون علي الكراسي ويزيدون نار البلاد حطبا.
لاخلاف علي ان مستقبل السودان رهين بنجاح الفترة الانتقالية، وان العبور والانتصار الذي يردده الدكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء يمثل الضامن الاكبر لسودان مستقر ومتماسك وموحد خال من الازمات والحروب، سيظل السؤال قائما عن مواصفات المرحلة الانتقالية التي يمكن ان تعبر بالسودان مطباته السياسية والاقتصادية والامنية، فالبلاد تشهد تصاعدا في الازمات وانهيارا للخدمات مع ترد اقتصادي مخيف وصعود خطير للنعرات القبلية وهشاشة امنية بائنة .
متي يفهم الساسة ان الوطن مهدد بالزوال ان استمروا في مكايداتهم وتكتيكاتهم المكرورة لاسقاط بعضهم البعض، متي يعلم هؤلاء ان المواطن كفر بهم جميعا وانه بلغ حدا من الياس وبات ينتظر الفرج من الله تعالي بعد ان فقد الامل في الجميع.
الذين اعلنوا ان ( المجد للساتك) يحرقون الان بنيران الاطارات المشتعلة وتخنقهم ذات المتاريس التي اسقطوا بها النظام السابق، السياسي يتحول الي كائن نبيل صالح وهو علي سدة الحكم بينما يصبح شيطانا يمكن ان يفعل اي شئ لاسقاط خصمه وهو في المعارضة، وبين هذا وذاك يظل المواطن تائها وضائعا ومحبطا من تردي الاوضاع علي الاصعدة كافة.
كثيرا ما حذرنا حكومة حمدوك من تنفيذ اجندة انتقامية خلال الفترة الانتقالية، وتنقيتها من الثارات والاحتقانات وتصفية الحسابات والانصراف لما يمكن ان يحقق الامن والاستقرار والسلام ووحدة الوطن، كثيرا ما ناشدناهم ان تعالوا الي سياسة راشدة تقدم معاش المواطن اولوية علي ما سواها ، لكنهم صموا اذانهم، ووضعوا اصوات من يدعونها لذلك في خانة الثورة المضادة، ومضوا نحو كوزنتها واتهامها بموالاة النظام السابق، اهملوا النصائح ومنحوا الفترة الانتقالية للاحزاب التي عبثت بها واسلمتها للشارع والمتاريس من جديد ، جسدا بلا روح.
نعم فشلت الفترة الانتقالية لان الحاضنة السباسية منحتها للاحزاب التي لم تكن في قامة الثورة فاخفقت في اختيار العناصر المناسبة لتحديات المرحلة المعقدة، والنتيجة كل هذا الفشل العريض الذي اخرج المواطنين من جديد احتجاجا علي تردي الاوضاع المعيشية.
مازالت الحكومة التنفيذية عاجزة عن تقديم اية معالجات وحلول تخاطب ازمات الواقع، نطالبها بعدم تكرار اخطاء الانقاذ التي اعتمدت في اخر ايامها علي الخيارات الامنية بدلا من ان تعكف علي تقديم اختراقات ومبادرات سياسية واقتصادية تقدم معالجات جذرية لازمات الواقع، مازال الاحساس بمعاناة المواطن دون المستوي بكثير، نتمني ان تتقدم الحكومة خطوات لانهاء معاناة الناس بقرارات جديدة ومراجعة اخطاء سابقة وتقديم حلول عاجلة للازمات المستعصية.
علي كل الذين يعارضون حكومة قوي الحرية والتغيير الابتعاد عن استخدام الاسلحة المحرمة التي تحاول ان تحاصر النظام بخنق المواطن، صارت الحياة جحيما لا يطاق وعليها تحمل النتائج الكارثية التي ربما تترتب علي انهيار الفترة الانتقالية .
اخذلونا مرة واحدة حكومة ومعارضة واتفقوا علي الوطن وراحة المواطن.. مرة واحدة فقط، واختشوا..مرة واحدة..
صحيفة اليوم التالي