تابعت باهتمام شديد ردود الفعل علي مقال كتبته قبل يومين ينتقد الاوضاع التي يعايشها الفنانون هذه الايام مابين الملاحقة والمحاكمات ، بعض التعليقات اطلقتها منصة من يدافعون عن اي فعل تنفذه حكومة الثورة، وللامانة فان مؤشرات التعاطف كانت الاعلي لان السودانيين بفطرتهم السليمة يكرهون الظلم ويمقتون الاستهداف الذي يتجني علي قيم الانصاف والعدالة.
سيظل قلمنا سيفا مسلطا ضد الظلم اذا حاق باي فرد اوجهة في بلادنا لاننا ننشد دولة القانون والعدالة ، الفنانون بعض من نسيج وطننا بل هم اجمل مافيه ،اسعد جدا انني بادرت بانتقاد ملاحقاتهم وتمنيت علي والي الخرطوم ايمن نمر ان يوقف اوامره المحلية التي تعامل الفنانين كمجرمين لامبدعين.
مازلت اتساءل عن دوافع الحكومة التي تواجه جماهيريتها تراجعا مخيفا لاستعداء شريحة مهمة مثل الفنانين، لا اري ثمة تقاطع ايدولوجي بين مكونات الحاضنة السياسية والغناء، كما ان التشجيع علي حرية الفنون والعمل الابداعي ينبغي ان تكون من اولي اهتمامات الدولة المدنية، بلا ادني سبب وجدت الحكومة نفسها في مواجهة قطاع يعج بنجوم من العيار الثقيل مهمتهم رعاية احلام ووجدان الناس وامتاعهم بالغناء الجميل وتشييد صوامع الفرح في حيواتهم المحتشدة بالهموم والمعاناة.
في زحمة الماسي والنكبات اليومية تمنينا ان تفتح الدولة منافذ الافراح فاذا بها تصادر الاغنيات وتتجني علي الفنانين ( مغنين وموسيقيين) بالعقوبات والغرامات والملاحقات.
لماذا تصر الدولة ممثلة في والي الخرطوم ان ( تفقا عينها بيدها) وبامكانها ان تفعل عكس ذلك تماما، ماهي مصلحة الوالي في فقد ولاء الفنانين لثورة التغيير بمطاردتهم والتضييق عليهم مثلما كانت تفعل محاكم التفتيش باوروبا في القرون الوسطي، وعلي طريقة محاكم النظام العام التي كانت تنصبها كمائن حكومة الانقاذ في العهد السابق.
ربما لانني كتبت مقالا ادافع فيه عن الفنانين هاتفني صباح امس الاول غاضبا الاخ الكريم الفنان الكبير كمال ترباس قبل ان ينفجر مساء في المميزة قناة الهلال، ترباس لم يكن يبحث عن ترتيب اوضاعه الخاصة وانما يتحدث بلسان شريحة مظلومة تلاحق بلاذنب سوي انها خرجت بحثا عن الرزق، ثم ان الدولة لم تغلق البلد بسبب (كورونا) لو فعلت ذلك وعممت الاجراء علي مناشطها وطبقتها علي الجميع لما عارضها احد لكنها للاسف اغلقت صالات المناسبات وحرمت الفنانين الغناء ولاحقتهم بالمحاكم والغرامات بينما فتحت الاسواق والمدارس والمحاكم ومجمعات الخدمة ومعرض الخرطوم الدولي واقامت الاحتفالات في الساحات العامة والفنادق ، فعن اية تدابير احترازية يتحدثون؟!.
ارفعوا الظلم عن الفنانين فقد بداوا في الهجرة ومغادرة البلاد، هذا تطور لا يليق بقيم الثورة التي رفعت شعار الحرية والسلام والعدالة كما ان ملاحقة الفنانين تتعارض مع الوثيقة الدستورية التي كفلت حق العمل للجميع ، اكرموهم يا والي الخرطوم بقرار يرفع الغبن ويحقق العدل فانهم يستحقون الافضل.
صحيفة اليوم التالي