لهم الرحمة والمغفرة بإذن الله، لقد تعهد رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان بمعاملة المواطنين الذين غدرت بهم القوات الإثيوبية بمنطقة الفشقة كشهداء القوات المسلحة، ثم تعهد لأهل قرى المنطقة بالخدمات والكباري والطرق، وذلك بالتنسيق مع الأجهزة التنفيذية.. ولكن أهم ما في خطاب البرهان لأهل تلك القرى، ما يلي بالنص: (ما تقعدوا هنا بس، امشوا بالشرق برضو، والمنطقة لو ما قعدوا فيها الناس بتبقى هاملة، والهملة هي الخلتهم يتطاولوا علينا)..!!
:: لقد صدق البرهان، فالأرض المنسية – كما المال السايب – تُعلِّم الآخرين (السرقة)، ثم تشجعهم على التطاول علينا بالغزو والاحتلال.. ومنطقة الفشقة كانت (هاملة)، ولذلك احتلالها لم تُكلف إثيوبيا كثير جهد ومال.. وكثيرة هي مناطق السودان (الهاملة)، منها ما تمت سرقتها، حلايب وشلاتين وأبو رماد كنماذج، ومنها ما يتربصون بها، ليسرقوها في الوقت المناسب..!!
:: وبالمناسبة، حتى ولو بلغ التعداد السكاني ضعف ما عليه حالياً، ستظل بلادنا تعاني من أزمة الفقر السكاني وآثارها الاقتصادية والاجتماعية، والمناطق الموصوفة بـ(الهاملة) من آثار هذه الأزمة (الفقر السكاني).. ولذلك، منذ عقود، ينبه العُلماء والخُبراء بأن السودان بمساحته الشاسعة – أو المترامية الأطراف كما نَحب وصفه – بحاجةٍ ماسّةٍ إلى أن يرتفع معدل النمو السكاني فيه (أضعافاً)، حتى يتيسّر لهم إدارة موارده واستغلالها بشكل أفضل..!!
:: حجم السكان وعلاقته بالنمو الاقتصادي من القضايا التي يجب أن تؤرق الأذهان.. وفي عهد حكومة نميري، همست بعض المنابر بدراسة أشارت أن بلادنا بحاجة إلى (200 مليون نسمة)، لتكون قادرة على إدارة واستغلال مواردها الاقتصادية، ما فوق الأرض وتحتها.. ثم اختفت الدراسة ولم يعد شيئاً مذكوراً ولو من باب التنبيه إلى مخاطر (الفقر السكاني).. فالنمو السكاني، في وضعٍ سياسي مستقرٍ، من أهم عوامل التنمية وحماية الأوطان..!!
:: المهم.. مساحة البلد ليست المساحة التي يمكن التحكم على حدودها بيُسرٍ، حتى ولو تم تجنيد كل الشعب في حرس الحدود.. تعدادنا السكاني فقير، والحكومات غير قادرة على خلق مجتمعات مستقرة على طول البلاد وعرضها.. فالمجتمعات المستقرة هي أقوى وأفضل وسائل تأمين الحدود.. ولكن لسوء الإدارة يكاد أن يفرغ حتى القلة من مجتمعات المناطق الحدودية، بحيث يُؤتَى بها من مناطقها تلك إلى العاصمة ومدائن فوجاً تلو الآخر..!!
:: فالمواطن في بلادنا إما يقطُن في المدائن وضواحيها أو يسعى إليها، تاركاً بقية الأرض محض صحاري ووديان وجبال يسرح ويمرح فيها الغزاة أو الخارجون عن القانون، تجاراً للسلاح كانوا أو تجاراً للمخدرات.. هكذا وضع البلد، (حدادي مدادي)، وشعب قليل ثم قوة عسكرية وأمنية لا تختلف – عدة وعتاداً- عن قِوى السواد الأعظم من دول العالم الثالث.. ولذلك، علينا التفكير في حماية بلادنا بالتنمية، حتى تستقر مجتمعاتها، بحيث تكون قادرة على الحماية..!!