علي كل
محمد عبدالقادر
د. حمدوك… (كيف الصحة)؟!
في الاخبار ان رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك توجه الخميس الماضي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في زيارة غير رسمية تمتد لبضعة أيام بهدف اجراء فحوصات طبية روتينية.
نتمني عاجل الشفاء للدكتور حمدوك، ونسال الله ان يسبغ عليه نعمة الصحة والعافية وان يعيده الي بلاده مطمئنا، غير ان لجوء حمدوك للعلاج في الخارج حمل رسائل سالبة تؤكد ان الصحة في بلادي ليست علي مايرام وان مؤسساتها القائمة علي المستويين العام والخاص لا تستأمن علي صحة الرجل التنفيذي الاول .
قرار حمدوك العلاج في الخارج قدم اعترافا جهيرا للجميع بان الاوضاع الصحية وصلت حدا من الانهيار جعل رئيس الوزراء يلجأ لدولة شقيقة بهدف اجراء فحوصات طبية روتينية، مجرد فحوصات كلفت الدولة ورئيس الوزراء نفقات رحلة خارجية بعد ان عز الحصول علي مشافي ومعامل محترمة بامكانها اجراء اللازم خاصة وانها مجرد( فحوصات عادية).
من سوء حظ السيد رئيس الوزراء ان مغادرته للعلاج تتزامن مع انهيار الخدمات الصحية في الداخل، فالمستشفيات اوصدت ابوابها في وجه المرضي ، وحتي التي مازالت تستقبل المواطنين علي قلتها تفتقر لدربات الملح ومواد الاسعافات الاولية ، الاطباء يتوزعون ما بين الاضراب والموت، المعامل بائسة يسكن ادواتها العنكبوت بعد ان عز دخولها علي الغلابة( السواد الاعظم من اهل السودان) اما لارتفاع الاسعار او التلوث بوباء كرونا، اما الدواء فحدث ولاحرج اذ تضاعفت اسعاره لاكثر من 1000% وعلي الرغم من ذلك فان جل الاصناف المهمة غير موجودة علي ارفف الصيدليات.
لكل ما تقدم ارى مثل غيري ان خطوة اختيار دولة الامارات لفحوصات رئيس الوزراء الموقر بها استفزاز للمواطنين الغبش من اهل السودان الذين يموتون بالجملة هذه الايام ، كان الظن ان تشاطرهم دكتور حمدوك الهم والواقع الذي تسأل منه انت لا غيرك ولكنك اخترت ان( تفرز عيشتك) وتمد لسانك لمعاناة رعيتك في الداخل وتجري فحوصاتك الطبية في الخارج.
علي ايام الانقاذ التي تتفوق مستشفياتها ومؤسساتها الصحية علي واقع اليوم بما لايقارن ، قامت البلد ولم تقعد لان وزير الصحة بحر ابو قردة تحدث عن علاج احد اقربائه من الدرجة الاولي في الخارج رغم ندرة التخصص في الداخل.
في ذلكم العهد انتقدنا تكفل وزير الصحة بولاية الخرطوم، مأمون حميدة، بنفقات علاج “أم الدراما السودانية”، الأستاذة فائزة عمسيب، في القاهرة وتعهده بدفع كافة مصروفات علاج الفنانة الكبيرة ومرافقها، هاجمنا الخطوة لانها كانت تتجني علي شعار الدولة المعلن ( توطين العلاج بالداخل).
مازالت اتذكر كيف اختار الرئيس المعزول عمر البشير مستشفى (رويال كير) لإجراء عملية تغيير مفصل الركبة علي يد النطاسي الراحل الدكتور شرف الجزولي، لم يكن ينقص البشير المال ولا تعوزه التسهيلات إن أراد أن يجريها في أي دولة بالعالم، لكنه اراد الابقاء على شعار (العلاج بالداخل) حياً ونابضاً بالأمل، وأراد بخطوته أن يكون قدوة لمواطن أنهكه طول الترحال وهو يضرب في الأرض بحثاً عن العلاج خارج السودان.
قبل اكثر مم عامين كذلك كان الدكتور عبد المحمود عبد الحليم، سفيرنا السابق في مصر، يحزم حقائبه في رحلة عكسية إلى الخرطوم طالباً الشفاء على يد مفخرتنا الراحل ا شرف الجزولي كذلك بمستشفى (شرق النيل) قبالة كبري المنشية.
السفير الذي يتوافد عليه يومياً المواطنون السودانيون لتلقي العلاج في القاهرة، أراد أن يبعث برسالة تعزز من مفهوم (توطين العلاج بالداخل).
لم يكن الدكتور حمدوك موفقا في اختياره الامارات لاجراء الفحوصات الطبية الخطوة علاوة علي ما تقدمه من اعتراف جهير بانهيار نظامنا الصحي فانها تنطوي علي استفزاز المواطن العادي الذي بات لايجد حتي الاسبرين والبندول ودربات الملح .
حينما يختار رئيس الوزراء العلاج في الخارج فانه يقدم رسالة لرعيته مفادها عدم ثقته في العلاج بالداخل مقرونة بدعوة للهجوم علي سوق الدولار والهروب الي الخارج، لا اعتقد ان الفحوصات الطبية تحتاج الي السفر للامارات في ظل هذه الظروف ولرجل يجلس علي قمة الجهاز التنفيذي، هذا مع امنياتنا الصادقة للدكتور حمدوك بموفور الصحة وتمام العافية.
صحيفة اليوم التالي