أثيوبيا وحدود السودان.. إنكار ما هو ثابت بمرجعية بادمي!
بقلم: محمد بحيري
تبدو الحكومة الأثيوبية ؛ متمسكة وبشكل محير على جر السودان الى تصعيد ملف الحدود والاراضي الزراعية خاصة في منطقة الفشقة ؛ التي تم الإستيلاء عليها من جانب اثيوبيا بوضع اليد والتي اعاد الجيش السوداني إنتشاره فيها _داخل حدوده الدولية _ حيث اكمل حتى الان ما نسبته 80 % منها . من جانبها عادت أثيوبيا امس الاربعاء الى لغة التصعيد حيث السودان بانتهاك الاتفاقية الموقعة بينهما لحل قضية الحدود عبر التفاوض،
وقال عضو مفوضية الحدود الإثيوبية السودانية السفير إبراهيم إدريس إن ما وصفها بانتهاكات القوات السودانية أحدثت خسائر في الزراعة والممتلكات، وأدت إلى تشريد مواطنين إثيوبيين، داعيا إلى حل الخلافات الحدودية سلميا وفقا للاتفاقيات الدولية. وطالب أعضاء مفوضية الحدود الإثيوبية السودانية -في مؤتمر صحفي بأديس أبابا- السودان بالعودة الفورية إلى ما سموها حدوده الأصلية، والالتزام باتفاقية عام 1972.و أنه لا يوجد ترسيم للحدود أو اتفاقيات في هذا الشأن، بقدر ما هي تفاهمات، وفق تعبيره.!
تصريحات الدبلوماسي الاثيوبي عضو مفوضية الحدود تدعم تصريحات متطرفة للناطق باسم الخارجية الاثيوبي دينا مفتي الذي كرر اتهامات للسودان بتجاوزه لحدوده وتوغله داخل الاراضي الاثيوبية فيما قال السفير الاثيوبي بالخرطوم الاسبوع الماضي اثناء مشاركته في ندوة محضورة بالخرطوم ان اثيوبيا لا تعترف بترسيم خط جوين 1902 وانه ترسيم إستعماري على حسب تعبيره
المفارقة ان أثيوبيا نفسها وفي حين ترفض ترسيم الحقبة الاستعمارية بواسطة البريطانيين و(جوين) فانها حصلت على اراضي اقليم بني شنقول _ اقليم اثيوبي حاليا _ ومنطقة المتمة الحدودية قبالة القلابات بولاية القضارف بناء على ذاك التقسيم حيث طلب الامبراطور منليك ضم المتمة لاثيوبيا بإعتبار انها المنطقة التي لقى فيها الامبراطور الاثيوبي يوهانس مصرعة على يد قوات المهدية وانه لاعتبارات وطنية وعاطفية يرجو ضمها لبلاده وقد كان !
اكثر من هذا ان اثيوبيا وعقب حرب بادمي مع أرتريا 1998 _2000 احتكمت وفق اتفاقية الجزائر الى المرجعية الخاصة بتحديد الحدود بناءً على معاهدة ثلاثية وقعتها بريطانيا وإيطاليا وإثيوبيا في 15 مايو 1902. وهذا يحدد الجزء الغربي والوسطى من الحدود حيث وقعت الأحداث والمقصود بها نطاق الحرب مع ارتريا التي شملت منطقة بادمي (منطقة الصراع الرئيسية في الحرب) الحدود الغربيةلاثيوبيا مع ارتريا ومنطقة تسورونا-زالامبيسا في منطقة الحدود الوسطى ومنطقة بوري .
صحيح أن إتفاق الجزائر تجمد الى مغادرة وطي حقبة رئيس الوزراء الاسبق مليس زيناوي وخلفه هايلي ديسالين لكن اعيد للخدمة في يونيو 2018 _ بعد تسمية آبي احمد خلفا لديسالين _ أعلنت الحكومة الإثيوبية ا إنهاء خلافها الحدودي مع إريتريا و قررت أن تنفذ بالكامل اتفاق الجزائر الموقع في العام 2000 لإنهاء النزاع بين البلدين وما توصلت إليه لجنة ترسيم الحدود . وبموجب مرجعية إتفاق الجزائر تشكلت مفوضية ترسيم الحدود من خمسة قضاة دوليين لتعيين وترسيم الحدود بين إرتريا وإثيوپيا. بموجب المعاهدات الاستعمارية لعام 1900 و1902 و1908 والقانون الدولي، ولا يحق ان تتخذ قراراتها على اساس التراضي.
الجدير بالذكر أن ذات المرجعيات الإستعماريةبما في ذلك خط جوين الذي رسم كذلك مع ارتريا حدود السودان وأثيوبيا وبالتالي الإلزام واحد من إستعمار او غيره وطالما إرتضت به أثيوبيا في حدودها الجنوبية مع أرتريا ولمواقع تبعد أمتار في الحدود الفاصلة فهو أشد إلزاما للحدود مع السودان ولأراضي تمتد داخله لاكثر من 15 كيلو متر ..ولا كيف؟! . فكيف يجوز الاحتكام مع ارتريا لمرجعية العام 1902 ويكون على السودان البدء حول الحدود لنطاقات مرسمة من عهد الانجليز وبموافقة الامبراطور الاثيوبي لتكون مرجعيتها اجتماعات 1972 ؟! هذه قسمة فوق الضيزي معنى ودلالة.