همس الحروف _ أدركوا الفجيعة التي أتى بها وزير الطاقة!! _ الباقر عبد القيوم علي
ضيق الأفق الناتج عن قصر بصر وبصيرة بعض مُتّخذي القرارات المصيرية في هذه الحكومة، ساق إلى انكماش المساحات التي يُمكن رؤيتها بوضوح، وتعود ضبابية هذه الرؤية لتبني البعض منهم أفكاراً وشطحات تُعبِّر عن سلوكهم الشخصي دون دراسة وافية أو مشورة كافية، ولهذا يصاحب نتائج تلك الأفكار فشلٌ ذريعٌ يُعطِّل قطار التغيير، ولأنها لم تُقتل بحثاً قبل خروجها من مكاتبهم لتكون قراراً نافذاً يدخل حيِّز التنفيذ ويفرض على أفراد هذا الشعب المغلوب على أمره، والذي لا يوجد في جسمه مكانٌ يخلو من ضربة أو طعنة نتجت من فقدان الأمل الذي كان معقوداً على هذه النخب الحاكمة، والذين تعجز بصائرهم عن الرؤية حينما يفكرون في معالجة بعض الإشكالات التي تمر بها الوزارات التي يجلسون على كراسيها كمعالجة البصيرة (أم حمد) لقضاياها، التي ضلّ سعيها وكانت تحسب أنها تحسن صنعاً، إذ نجدهم لا يحسبون أثر وقع قنابلهم النووية وتجاربهم الذرية على هذا الشعب، وذلك لأنّهم يغلب عليهم ضيق الأفق وتنحصر نظراتهم للحلول في إطار محدودٍ جداً وضيِّقٍ، وأحادي الجانب وهذا هو مربط الفرس الذي غيب عنهم رؤية الصورة الشمولية للأوضاع بصورة مجملة، وسيجر ذلك إلى الفشل، لأن مجمل هذه المعطيات التي تم الأخذ بها حرمتهم من التشخيص الدقيق للمشكلة المحددة بعينها والتي لم يدرس حساب حلولها وفق قراءة متأنية، مع إهمال الإسقاطات السلبية التي تقع على الآخرين، وذلك نتيجة انغلاق أبصارهم في مكان محصور، وعدم الاكتراث للنتائج، مع عدم وضع الاعتبار لظروف الشعب التي من أجلها قامت هذه الثورة، وكل هذه المعطيات ما زالت متوفرة أمامهم، مع علمهم التام بأن لهذا الشعب غضبة لن ترحم كل من وضع له المتاريس أمام تقدم أطفاله وسيُكافئ حينها كل مسؤول بما يستحق، وبغض النظر عن سلبيات أو إيجابيات هذا المشهد الذي يتوقّع حدوثه بشكل مباشر أو غير مباشر، سوف يتبع ذلك كثير من السلبيات التي تنعقد عندها الكارثة!
الشعب ما زال يقع تحت تأثير تخدير نتائج الضربات المُتلاحقة على رأسه والتي لم يفق منها بعد، والمسؤولون ما زالوا منغمسين في تجاربهم التي يقومون بإجرائها عليه بدون رحمة وكأنهم فئران مختبرات، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء رؤية ما وراء الأكمة، مما يُجرِّدهم ذلك القدرة على الرؤية الثاقبة، ومن ثم يُمكنهم من فهم ما هو أبعد من أطراف أصابعهم، وهذا هو الشئ الذي يحجب عنهم التفكير الممتد بما لا يسمح لهم من الرؤية العامة للأمور على غرار تلك الحدود الضيِّقة والمغلقة التي لا تتجاوز المكان والزمان الذي يقفون عنده، لأنّهم تسمّروا في المربع الأول وهم لا يشعرون بذلك .
في إنابة غريبة من نوعها يتحدث إلى الشعب وزير الطاقة بلسان وزيرة المالية وهي صاحبة الاختصاص في هذا الشأن، ليُبرِّر أسباب تلك الزيادات في كلمات باهتةٍ وصفراء وذلك كمسألة (الجس بعد الذبح) والذي لا طائل من تبريره لها، لأنّ هذه الزيادات قد دخلت حيِّز التنفيذ، ويقول في معرص حديثه المستفيض، الذي سوف أعرض عليكم جزءاً منه والذي يقول فيه إن زيادة أسعار الكهرباء كانت هي البديل الأوحد لوزارة المالية من أجل تغطية احتياجات الكهرباء بعد عجزها عن توفير بدائل التمويل التي تُغطِّي هذه الاحتياجات، والتي يقر فيها بأنّها تُشكِّل العبء الأثقل والأكبر على المواطن السوداني !
ونجده يتحدّث بكل برودٍ مُدغدغاً بحدثه، عواطف المُواطنين الذين دخل عليهم بمدخل الدين، بأن هذه الزيادات لم تشمل دُور العبادة ويا ليتها شملتها وتخطّت معاش الناس، لأنّ الإنسان يتأثر بمعاشه مباشرة ويمكن أن يكون أداء الفرائض والشعائر في المساجد مرهوناً بالاستطاعة ولا ضير في ذلك، وكما قال أيضاً إن الزراعة وصناعة الأدوية تحديداً لم يتأثّرا بهذه الزيادات، ناسياً أو مُتناسياً أن الشريحة التي لم يكن حديثه شفافاً عنها والتي يظن أن الدعم ما زال يشملها وكلامه هنا ليس بالدقيق لأنّ زيادة الكهرباء مثل زيادة الدولار يرتفع معها كل شئ، فكيف لهذا المزارع البسيط الذي يتم خداعه بهذه العبارات الطنّانة والرنّانة أنّ الكهرباء لم تشمل القطاع الزراعي والصناعي، ولكن ما شمل القطاع التجاري سيُؤثِّر سلباً على معاش هذا المزارع المسكين والذي سوف ترتفع معه كذلك كل أجور العاملين في هذا القطاع الحيوي، فكيف ستكون ردة فعل التجار مقابل هذه الزيادات، فحينما يقومون بشراء الـ30 كيلواط بخمسمائة جنيه، فكيف لهم أن يلتزموا بالأسعار القديمة التي سيقع أثرها مُباشرةً على هذا المواطن البسيط، وكيف لأصحاب الصيدليات أن يلتزموا وهم يدفعون فاتورة التكييف اللازم لصيدلياتهم والتي قد يصل استهلاك المكيف الواحد فيها إلى 300 كيلواط ساعة وذلك ما يعادل 5000 جنيه في اليوم الواحد، وكذلك كيف سيقع تأثير ذلك على الشريحة المُنهكة والتي يقول عنها وزير الطاقة إن الزيادة لم تشملهم وما حصل ليس بالحجم كما هو مُروّجٌ عنها في الوسائط والتي يدعي فيها بأن أعلى شريحة مدعومة ستدفع مبلغ 760 جنيهاً لشراء 600 كيلواط ساعة، ويقول مُتهكِّماًعلى ذلك إن هذا المبلغ الزهيد ربما يُوازي تكلفة فاتورة تلفون أحد أفراد الأسرة الواحدة، كما استعرض أن الأسرة التي تليها سوف تدفع مبلغ 440 جنيهاً مُقابل 400 كيلواط ساعة، والأكثر فقراً وأقل استهلاكاً ستدفع 200 جنيه مُقابل 180 كيلواط ساعة، وعلّق ساخراً على هذا المبلغ بأنه لا يزال أقل من سعر حجر بطارية واحد، ولكن كان يجب على سعادة الوزير أن يعلم بأنّ كل هذه الشرائح التي ذكرها ظناً منه أنّه من الداعمين لها، فقد هزمها بالزيادة التي ستطالهم بصورة غير مباشرة، والتي ستعجز عن مُجاراة هذه الزيادات التي سيقابلها التجار وأصحاب الصناعات والورش والبقالات التي تحتوي على عددٍ مُقدّرٍ من الثلاجات وأجهزة التكييف، فهل يا سعادة الوزير استصحبت كل هذه الإشكالات في هذا القرار الأهوج وغير المدروس والذي سوف يُشكِّل قنبلة موقوتة سوف تنسف كل جميل نتج عن شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ولهذا يجب على قيادة الدولة تثبيت هذا القرار وإيقاف تفعيله مع مُعالجة هذا الأمر قبل أن يستفحل ويقع الفأس على الرأس ويعض النُّخب وأصحاب هذه القرارات على أناملهم ندماً بما فرّطوا وأسفاً على ما تحدّوا به هذا الشعب المعلم..!!
مسؤولون فاشلون ولا علاقة لهم بهموم وشقاء المواطن المطحون
ثورة الجياع والغاضبين قادمة بإذن الله وسنده وعندها ستعرفون يا مسؤولين السجم والرماد قيمتكم وقيمة هذا الشعب الصابر الذي اتى بأمثالكم الى هذه المناصب التي لا تستحقونها أيها المخادعون الفاشلون