إن كانت رب صُدفة خير من ألف موعد، فرب فضول أيضاً خير من ألف مؤسسية ومليون مهنية و مليار واجب ومسؤولية .. بالأمس، شكّل وزير التربية والتعليم محمد الأمين التوم، لجنة من التربويين والمختصين في مادة التاريخ، وذلك لتقييم كتاب التاريخ للصف السادس شكلاً ومضموناً، على أن ترفع اللجنة تقريرها خلال أسبوع.. ولم يشكّل الوزير التوم هذه اللجنة إلا بعد أن لاحظ بأن وحدة النهضة الأوروبية بالمادة تتسم بقدر كبير من الضُعف..!!
:: لقد حكم الوزير التوم، على وحدة النهضة الأوروبية بالضعف، حسب بيان صادر عنه شخصياً، ومع ذلك شكّل لجنة لتقييم تلك الوحدة الموصوفة بالضعف الكبير.. والأدهى والأمر، وحسب اعترافه – بي عضمة لسانو- في ذات البيان، فإن معرفة الوزير التوم بأمر النهضة الأوروبية متواضعة، أي لا يعرف عن تاريخ هذه النهضة كثير شئ، ومع ذلك وصف مادتها بالضعف الكبير، ثم شكّل لجنة تقييم..!!
:: بما أنه حكم على المادة بالضعف الكبير، فما جدوى لجنة التقييم، ثم كيف عرف سيادته ضعف المادة، وهو لا يعرف عنها كثير شئ؟، وهل من المهنية أن يتم تقييم الكتاب بعد طباعته؟.. لا يستطيع أي كائن عاقل الإجابة على هذه الأسئلة ما لم يكن من (كفاءات قحت).. هم فقط من يعرفون أي شئ، بما فيه الحُكم على الأشياء التي يجهلونها، ثم الإفتاء في الأمور التي لا يعرفونها، وما الوزير التوم إلا نموذج لهذه الكفاءة النادرة..!!
:: وكما ذكرت – في مقدمة الزاوية – فإنّ محض فضول قد يكون أفضل من المؤسسية والمهنية، بدليل أن فضول الوزير التوم مثال مشرق للفضول الإيجابي المطلوب في إدارة مصائر البلد والناس.. فالرجل قاده فضوله للاطلاع على كتاب التاريخ المثير للجدل، وبالفضول وحده اكتشف ضعف تلك المادة (النهضة الأوروبية)، وبالفضول وحده قرر تشكيل لجنة لتقييم المادة..!!
:: شكراً لفضول الوزير التوم، ولولا فضوله لما اكتشفنا ضعف وحدة النهضة الأوروبية بكتاب التاريخ، بعد طباعته .. وكما تعلمون، قديماً – قبل اكتشاف علم الفضول – كانت الأجهزة الحكومية تُدير شؤون شعوبها بالمؤسسية والمهنية وغيرها من مصطلحات (عُلوم الإدارة)، ولذلك نقترح لحكومة الوزير التوم بتسجيل علم الفضول في الملكية الفكرية عاجلاً، بحيث يكون اختراعاً سودانياً، ولكي لا يتعرض للسرقة والاستخدام في دول الغرب..!!
:: وبالمناسبة، في عهد الفلول، كانوا يزعمون بأن أمريكا تستهدف الإسلام في السودان.. ولكن في عهد قوى الحرية، فإن فضول الكفاءات هو المستهدف في السودان، ولذلك يجب حمايته.. والمطلوب حالياً من الوزير التوم هو أن يواصل – بفضوله الأنيق – الاطلاع على كل المناهج، ولكل المراحل الدراسية، ربما كلها تتسم موادها بالضعف الكبير.. راجعوا كل الكتب، بعد طباعتها طبعاً، فالشاهد في التاريخ الإنساني أن الكفاءات لا تُراجع المناهج قبل الطباعة..!!