بقايا اوراق _ 2020 عَام استشعار النعم _ رندة بخاري
1
كَانَ حَقّاً عام استشعار النعم، وأولها نعمة الصحة، إذ أنّ جائحة كورونا أدخلت الجميع في حالة من الهلع والحظر الذي فُرض لعدة أشهر، أكّد على أنّ حُدُود أمان الجميع هو الأسرة والبقاء بين جدران البيت، كان فُرصة جيدة لمُراجعة النفس والوقوف معها، وترتيب أماكن بعض المعارف، ومن كنا نضعهم في مرتبة الأصدقاء، فلربما رهق العمل المُستمر كان يسقط الكثير من تفاصيل الأشياء التي كانت تقول لنا بصورة غير مباشرة إنّنا لم نحسن اختيارهم، فمنحني عن نفسي الحجر المنزلي في 2020 فرصة بأن أرى الوجوه الحقيقيّة لأشخاصٍ كُنت أراهن عليهم، واعترف أنّني خسرت الرهان..!
2
نعم، كان عاماً قاسياً، لكن تعلّمنا منه العديد من الدروس، وكان ولا زال الدرس الأول والمُهم هو أنّ رحلة الحياة قصيرة قد تنتهي، لأنّنا فشلنا فقط في عمليتي الشهيق والزفير، وكم أشفقت في هذا العام الذي نقف على حافته لنُودِّعه على تلك الأسر التي فقدت أرواحاً عزيزة عليها بجائحة كورونا، التي منعتهم من طبع قبلة الوداع على جبين من مات لهم، ومنعتهم إيضاً من تشييعهم الى مرقدهم الأخير، ولأنّ بروتوكول كورونا قضى بأن يحجر كل من خالط مُصاباً نفسه، واجهوا أحزانهم بمفردهم دُون أن تمتد يد لتربت عليهم، وتُخفِّف عنهم مُصابهم.
3
نعم، ودّعنا عامنا هذا، لكن أحداثُهُ باقية فينا ما بقينا، فالمواقف المُؤلمة تلتصق بالذاكرة ولا تُغادرها أبداً، ومع ذلك نفتح الباب واسعاً لآمال وأحلام لم تتحقّق، آملين في أن تُعانق أرض الواقع في 2021، الذي نأمل أن نُودِّع فيه هذه الجائحة، وأن تعود الحياة إلى سابق عهدها، إذ أنّ الجميع يمنون أنفسهم بعودة أيّامٍ، كانوا يصبون جام غضبهم عليها، ومع استمرار الموجة تأكّد لهم أنّ تلك الأيّام رغم شُعُورهم بالملل تجاهها، كانت الأفضل.. فالشعور بالأمان لا يعدله شئٌ.
ranadabokary@gmail.com