همس الحروف- الباقر عبد القيوم علي- بلاغ إلى الرأي العام ضد صندوق دعم الطلاب بالدويم
السودان
في قصة مأساوية و غريبة على أفراد هذا الشعب المعلم و لأول مرة على إمتداد تاريخ الصندوق القومي لدعم الطلاب منذ تأسيسه وحتى تاريخ كتابة هذا المقال تحدث هكذا قصة ، حاملة إلينا في مضمونها قدراً كبيراً من أقذر أنواع الممارسات التعسفية التي حدثت في وضح النهار وبدون أدنى إكتراث أو خوف من الرقيب ، وذلك ضد الطلاب الذين يعتبرون السند الأول و الأقوى لهذه الثورة و الوقود الذي إحترق من أجل التغيير و إسترخصوا أرواحهم وبذلوها فداءً لهذا الوطن ، و لهذا كان لزاماً على الحكومة حماية من أتى بها إلى سدة هذا الحكم من كل أنواع الجور و التعدي و القرصنة التي تتدرج ما بين الخشونة أحياناً والنعومة على حقوق الطلاب الخاصة تحت مسمى (السلطة) .
قد قام موظفو هذا الصندوق و الذي من واجبهم أن يكونوا داعمين للطلاب حسب منطوق إسم مخدمهم ، بكسر صمت هذه المدينة المغلقة (الدويم) و التي لا يمر بها شخص كعابر طريق لبعدها عن الطريق العام ليزعج سكانها ، فمعظم زائريها من الذين يقصدونها في زيارة خاصة ، ولهذا السبب فهي مدينة هادئة تنعم بإتكاتها الرائعة على ضفة النيل الأبيض الغربية ، فإذا حدث فيها أي شيئ غير مألوف أو ما يعكر صفوها حسب عادات سكانها ، فسوف يقوم أغلبهم بتوثق ذلك ، و لهذا إذا عبر بها أي شخص غريب فهو معلوم لديهم و يعتبر ضيفاً عزيزاً حل على مدينتهم و سينال قدراً ميسوراً من واجب الضيافة ، و عندما يحدث فيها أي حدث ما بحجم الذي قام به هذا الصندوق فقطعاً ستقوم ذاكرتها بتوثيق جميع التفاصيل بدقة متناهية سوف توصف الحدث بصورة أدق من الحدث نفسه لوجود كثرة الموثقين الذين سيتناولونه من زوايا عديدة و مختلفة .
ضجت هذه المدينة في الأسبوع المنصرم حينما قام مسؤول قسم الإسكان بالصندوق بممارسة أقسى أنواع الضغط السلطوي غير المبرر على طالبات داخلية السعدية (سكن طالبات الطب) ، في هذه الفترة الزمنية العصيبة و العصية التي كان من المفترض أن يكون قد إنتهى فيها عهد الإرهاب السلطوي الذي يقع على بسطاء هذا الشعب ، و كان من المفترض ألا تحدث مثل هذه القصة و خصوصاً في مثل هذه الظروف الطارئة التي تأثر بها عموم أفراد هذا الشعب من فحش الغلاء الذي هزم الجميع بمختلف مكوناتهم ، و إضافة على ذلك ما ترتب عليه من أثار الجائحة التي شكلت عدة إسقاطات سالبة على الإقتصاد ، و يمكن روية تأثير ذلك بصورة أكثر وضوحاً في الطبقة الكادحة التي أصابها الشلل التام و التي أصبحت تجر أقدامها جراً و لا تقوى على السير و الإستمرار في العيش في ظل هذه الظروف الضاغطة .
يعتبر صندوق دعم الطلاب مؤسسة خيرية خدمية مهمتها تقديم خدمة لإسكان الطلاب المنتسبين إلى الجامعات الحكومية الذين تم قبولهم ضمن كشوفات القبول العام و كما أرجو التركيز في كلمة (دعم) هذه لأن ما حدث لهؤلاء الطالبات يتنافى مع هذه الكلمة تماماً ، و في كل الأحوال يعتبر الصندوق جهة خدمية تمنح إجارة السكن بموجب عقد يبرم بينه وبين المستفيدين من هذه الخدمة وهم الطلاب ويكون ذلك مقابل رسوم معلومة ، فيقع على كل من الطرفين حقوق و واجبات و ليس على الطلاب شي خلاف الإلتزام باللوائح بعد دفع الرسوم المقررة ، و ما هو معلوم بالضرورة للجميع أن خدمة هذا الصندوق في هذه الداخلية بالتحديد متردية لدرجة أن هنالك مياه منتشرة بكثافة داخل حوش هذه الداخلية منذ وقت بعيد لم يقم الصندوق بأي إجتهاد لمعالجتها ، و كما أن الحشائش نبتت بصورة لا تصدق إلا لمن رأى ذلك بأم عينه بسبب انتشار هذه المياة الآسنة داخل فناء الداخلية يشكل صار مهدداً أمنياً وصحياً بحيث يمكن أن يختبئ في وسطها جيشاً من اللصوص الذين يمكن ألا يراهم أحد من ساكنات هذه الداخلية لكثافتها ، ولقد أشرت إلى تلك المشكلة في مقال سابق إستجابت له فور بلوغها بها مديرة جامعة بخت الرضا بروف منى التي حاولت جاهدة مع الصندوق معالجة هذه المعضلة التي تشكل خطراً بيئياً و أمنياً ، و لكن بكل أسف إعتذرت إدارة الصندوق بأن ليس لديها مالاً كافياً تنفقه في هكذا معالجات ، و لهذا ظلت هذه الحشائش تعبث بأمن الطالبات إلى يومنا هذا ، و تشكل مرتعاً للثعابين و النواقل و الضفادع و كثير من الهوام و الدبيان و ما زالت تشكل مهدداً خطيراً على حياة الطالبات .
بتارخ 29 من شهر ديسمبر 2020 قررت لجنة الطواريء الصحية بجامعة بخت الرضا تعليق الدراسة وتأجيل الإمتحانات في جميع أقسام الجامعة نسبة لحدوث إصابات مؤكدة بكرونا ، و لقد قامت المديرة بروف منى بإخطار الصندوق عبر عميد شؤون طلابها د. محمد السباعي بعدم إغلاق الداخليات إلى حين أن يتمكن الطلاب من إخطار ذويهم من أجل تجهيز ميزانية سفرهم إلى مدنهم ، و خصوصاً الطالبات ، و لكن ما حدث لم يكن مفاجأة بقدر ما كان متوقع من هذه الإدارة التي حضر منها مدير إدارة الإسكان إلى الداخلية ، و قام بتوجيه الطالبات عبر المشرفة التي قامت بكتابة إعلان بخط اليد على باب الداخلية يدعو الطالبات بإخلاء السكن و فوراً ، و لقد تم تمزيقه قبل حضور عميد الطلاب إلى الداخلية من أجل تقصي الحقائق التي أدت لهذا السلوك الذي خالف توجيهاتهم للصندوق ، و لكن ما يشكل العنصر الحقيقي في المفاجأة ، هو عدة قرارات وكانت شفاهة أصدرها مدير إدارة الإسكان بالصندوق و هذا هو الشيئ الذي شكل صدمة تفوق حجم التصور للطالبات إذ طلب منهن :
(1) عند هذا الإخلاء المفاجيء يجب عليهن أخذ كل ممتلكاتهن من المعينات في السكن من كراسي و دواليب و كان لبعضهن ثلاجات يحفظن فيها طعامهن .
(2) و كما يجب التركيز على هذا البند الثاني والخطير في طلبه و هو ألا يغلقن أبوب غرفهن لتكون مفتوحة و بدون أقفال .
(3) و أما الطلب الثالت و هو كان الأخطر والذي لم يحدث مثله حتى في أيام حكومة الإنقاذ و ذلك لأنه يحمل صيغة تهديدية بوليسية و نوع من أنواع القرصنة الخشنة التي كانت تمارسها الأجهزة الامنية في ذلك العهد والتي هدد فيها الطالبات في حالة وجود أي غرفة مغلقة سوف يتم كسر أقفالها وإخراج أي مغتنيات منها إن وجدت يها بحيث الإدارة لن تكون مسؤولة عن الممتلكات بعد إخراجها من الغرف .
هذه القرارات التعسفية شكلت صدمة لهؤلاء الطالبات كبدعة سيئة ليس لها سوابق في تاريخ هذا الصندوق من قبل ، مما إضطر بعض منهن إلى الخروج وترجي الجيران و زميلاتهن اللاتي يسكن بالمدينة من أجل نقل أغراضهن إلى هذه البيوت مما أحدث ربكة كانت واضحة في شوارع هذه المدينة الصغيرة والتي وثق السكان أحداث ما حصل لهؤلاء الفتيات ، حيث إرتفعت أجرة النقل بالتكتك والبوكس من الداخلية إلى أحياء الدويم المختلفة من 300 جنيه حتى بلغت 5 ألف جنيه مما أحبط كثيراً منهن ، و تركهن كالمجنونات في شوارع وطرقات الدويم يحدثن أنفسهن كأنهن يهجرن من جراء ذلك التهديد ذو الطابع الوحشي الذي بات مهدداً لضياع أغراضهن حسب كلامه الذي تفوه به ، و الذي كان حديثه بمثابة أسوأ خاتمة عندهن للعام المنصرم 2020 رسخت في أذهان كل هؤلاء الشابات الصغيرات من ساكنات هذه الداخلية .
و لهذا أرجو من قراء هذا العمود أن يكونوا شاهدين معي على هذا التاريخ الذي حدثت فيه هذه التهديدات و أن يراقبوا معنا نتائج تلك التهديدات التي صرح بها هذا الرجل ، و بعد إنتهاء هذه الإجازة وعند نزول الطالبات إلى الدراسة سوف ندقق معهن فيما صار لهن .. لأن بعضهن لم يستجب لهذا التهديد ، وذلك ليس تحدياً منهن لقراره ، وأنما لعجزهن عن تدبير مكان لأغراضهن في هذه المدينة التي ليس لهن فيها معارف .. فنحن ننتطر وبشدة كمراقبين معهم عند تنفيذ هذا التهديد على أرض الواقع . ونقول لإدارة هذا الصندوق : (تلك هي داخلية السعدية و تلك هي غرف الطالبات التي قمن بإغلاقها و ما زالت أغراضهن بداخلها) ، وننتظر مع الطالبات ذلك البطل الشجاع الذي سوف يقوم بكسر أقفال غرفهن ، و عندئذ لنا كلمة أخرى ، و بعد ذلك سنراجع أرقامنا الوطنية مع إمكانية بقائنا أو عدمه في هذه البلاد الحبلى بالغرائب و العجائب والمفاجآت .
صورة إلى:
1/ السيدة وزير التعليم العالي .
2/ السيد أمين عام صندوق دعم الطلاب .
3/ السيد النائب العام .
4/ السيد مدير عام الشرطة .
5/ السادة جموع هذا الشعب الأسمر المعلم .
و لي عودة إن شاء الله
عجائب وقرعائب