الخرطوم : النورس نيوز
حضر شعار العدالة، مع تخلق الحراك الشعبي الذي انتهى بالإطاحة بالرئيس عمر البشير في أبريل 2019، وردده الثوار بشكل كورالي في كل المواكب (حرية .. سلام .. وعدالة).
حدث التغيير، فهل تغيرت الأحوال في ردهات المحاكم بالعاصمة الخرطوم. سؤال يمكن الإجابة عليه بجولة قصيرة على الصحيفة الجنائية والعدلية في 2020، ومعرفة أهم القضايا التي وصلت المحاكم وينظرها القضاء.
لجان تحقيقات ومحاكمات
يقع على عاتق السلطات العدلية، تحقيق أحد شعارات الثورة العظيمة، ولن يهدأ للشارع الذي صنع التغيير بالاً حتى يرى العدل سائراً بين الناس.
وشكل النائب العام للجمهورية تاج السر الحبر، العديد من لجان التحقيقات والتحريات، ووضع على رأسها قانونيين ضليعين، ومحامين مخضرمين، ووكلاء نيابات مشهود لهم، وكل هؤلاء للتحقيق والوصول الي الجناة ومرتكبي الجرائم التي وقعت خلال الثورة المجيدة، أو ما حدث قبلها وبعدها، ويشمل ذلك جرائم الفساد والاعتداء على المال العام، ومخالفات القوانين واللوائح من قبل رموز النظام بالنظام المعزول.
وألقت تلك اللجان ووفقاً لأوامر النيابة المختصة القبض علي المتهمين المطلوبين، وأخضعتهم للتحريات والتحقيقات حول ملابسات ومخالفات تمت أو شبهات تحوم حولها، حيث بات واقعاً يعيشه الكثيرين مسالة تقديم بعض رموز النظام السابق للمحاكمات بالساحة القضائية، وتشكيل محاكم خاصة لنظر قضاياهم من قبل رئيس القضاء نعمات عبدالله محمد خير، إضافة إلى تعيين قضاة في درجات (عليا/ وإستئناف/ وعامة) لنظر قضاياهم المختلفة، حيث لم تعد كلمة (مستحيل) تعيق مسارات العدالة في البلاد، لاسيما وأنه وفي سابقة قضائية وتاريخية، تُسجلها مضابط الوثائق، جرى تقديم الرئيس المعزول عمر حسن أحمد البشير، في قضية ضبط مبالغ بالنقد الأجنبي داخل مقر اقامته بالقيادة العامة لقوات الشعب المسلحة، ما يعتبر أول محاكمة لرئيس سوداني تقلد الحكم بالبلاد .
انقلاب مدبري 30 يونيو
في أولى تلك القضايا بردهات المحاكم في العام 2020م، تشير (النورس نيوز) إلى قضية مدبري إنقلاب 30 يونيو 1989م المتهم فيها الرئيس المعزول عمر حسن احمد البشير، و(27) من قادة ورموز حكومته البائدة من عسكريين ومدنيين، حيث اتسمت هذه القضية بالعديد من المفاجات خلال مراحل نظرها، لا سيما وأنه ولقرابة (11) جلسة متواصلة لم تستمع المحكمة لأقوال المتحري، حيث كانت طلبات هيئات الدفاع عن المتهمين تسيطر علي إنعقاد كل جلسة، وفصل في الكثير منها وأبرزها رفض المحكمة لطلب الدفاع بشطب الدعوي الجنائية لسقوطها بالتقادم أي بدعوى مرور (10) اعوام عليها، وعللت المحكمة وقتها رفض شطب الدعوى بأن الانقلاب من الجرائم المستمرة.
ولم يتوقف عناصر المفاجاة عند ذلك بل أعلنها داوية رئيس هيئة المحكمة وقاضيها عصام الدين محمد ابراهيم، بتنحيه عن النظر ومواصلة القضية لمرضه بارتفاع ضغط الدم، حيث كان قرار تنحيه صادماً للعديد من الأوساط القانونية والمراقبين، ممن أفادوا بأن قراره يكتنفه الغموض لأنه جاء بغتة، ودون سابق إنذار.
(طه) ومنظمة العون الإنساني
كان لنيابة الأموال العامة دوراً في صنع الحدث، بتقديم أحد رموز البلاد بالحكومة البائدة وهو النائب الأسبق للرئيس المعزول علي عثمان محمد طه، لمحكمة جنايات جرائم الفساد ومخالفات المال العام، كمتهم على ذمة مخالفات مالية بمنظمة العون الإنساني، بمعية إثنين آخرين “الأمين العام السابق بالمنظمة وخبير مالي”، حيث توالت إجراءات المحاكمة والإستماع للمتحريين الأول والثاني فيها إلى جانب عدد من شهود الاتهام.
في المقابل أوقفت المحكمة مواصلة النظر في القضية بسبب جائحة كورونا في موجتها الثانية، وقطعت موعداً لاستئنافها في الثالث من شهر يناير للعام المقبل 2021م.
حاوية المخدرات
يبدو أن هذا العام لا يعرف المستحيل، إذ شهدت محكمة مكافحة الإرهاب بمجمع محاكم الخرطوم شمال، إحالة ملف محاكمة (18) متهماً بينهم سيدة على ذمة قضية أضخم شحنة حاوية للمخدرات، حيث تحتوى على مايفوق الـ(9) ملايين حبة ترامادول مخدرة قادمة من سنغافورة عبر الميناء الجاف بولاية الجزيرة، ليتم القبض عليهم والتحري معها في الواقعة .
الجدير بالذكر ان الحاوية تم ضبطها في العام 2018م بيد أن إجراءات المحاكمة وإحالة أوراقها من قبل نيابة مكافحة المخدرات كان في هذا العام، وبالتالي يعتبر أضخم ملف حاوية مخدرات يحال للمحاكمة بعد سقوط النظام .
التشاديون والكوكايين التحليقية
أصدرت محكمة الإرهاب (1) بجنايات الخرطوم شمال، أحكاماً بالسجن المؤبد (20) عاماً والغرامة مليون جنيه في مواجهة شبكة أجانب بجنسيات أفريقية بينهما سودانيان، أدينوا بتهريب والاتجار في (997) أمبولة مخفية بإحترافية داخل أحشائهم من بودرة التحليقية لمخدر (الكوكايين) تزن ١١ كيلو جراماً، وذلك أثناء وصولهم من أحدى الدول عبر مطار الخرطوم الدولي، حيث غرمت المحكمة مبلغ (مليون) جنيه لكل واحد من المدانين وبعدم الدفع السجن لعام آخر، وقررت المحكمة ايضاً في قرارها إبعاد المدانين التشاديين فقط إلى دولتهم فور انقضاء مدة حكمهم علي ذمة القضية، ونبهت إلى أن المدانين السودانيين عليهما البقاء في دولتهم لانه ثبت حملهما جوازي سفر سوداني، فيما أمرت المحكمة كذلك بإبادة المعروضات الكوكايين المضبوطة بإحشاء المدانين وقت القبض عليهم .
الكباشي ولجان مقاومة الحتانة
توالت إجراءات المحاكمات في كافة الأصعدة، حيث قدمت النيابة المختصة خلال الشهر الماضي إلى محكمة جنايات كررى ملف محاكمة (10) شبان من لجان مقاومة الحتانة بأم درمان، في قضية إتهامهم بالإزعاج العام وإثارة الشعور بالتذمر بين القوات النظامية، إضافة إلى الإرهاب وإشانة السمعة والإساءة والسباب لعضو مجلس السيادة الإنتقالي، الفريق أول ركن شمس الدين كباشى، حيث ما زالت إجراءات القضية قيد النظر ولم تفصل فيها المحكمة .
حمزة وطريق دنقلا أرقين
شرعت المحكمة الخاصة بمحكمة جنايات بحري وسط، في محاكمة رجل الأعمال الشهير عبدالباسط حمزة، على ذمة مخالفة القانون الجنائي والثراء الحرام والمشبوه والتعامل بالنقد الأجنبي، وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وبحسب المصادر فإن رجل الأعمال أوقف علي ذمة اتفاق لعمل طريق (دنقلا – أرقين) دون اتباع الإجراءات القانونية، وعدم تنفيذه بالطريقة الصحيحة .
وبحسب المصادر فإن قضية الإتهام تشير إلى أن المشكو ضدها شركة مجموعة الزوايا للتنمية، وعنها عبدالباسط حمزة رجل أعمال، قد اتفق مع الحكومة لعمل طريق دنقلا أرقين دون اتباع الإجراءات القانونية وتم منح الشركة الامتيازات ولم ينفذ المهمة بالطريقة الصحيحة.
كبر وحساب رئاسة الجمهورية
نيابة مكافحة الفساد والتحقيقات المالية أحالت للمحكمة الخاصة والمنعقدة بمقر مباني محكمة مخالفات الأراضي بالديم شرق العاصمة الخرطوم، ملف محاكمة النائب السابق للرئيس المعزول، عثمان محمد يوسف كبر، وإبنته، ومدير مكتبه السابق علي ذمة مخالفات مالية فاقت الـ(41) مليون جنيه سوداني من الحساب الخاص برئاسة الجمهورية، حيث ما زالت إجراءات المحاكمة مستمرة لم يتم الفصل فيها .
شقيق المعزول ومصنع الجيش
بانتصاف العام الحالي 2020م قدمت كذلك نيابة الأموال العامة للمحكمة الخاصة بمخالفات الأراضي بالديم شرق، ملف محاكمة شقيق المعزول، د. عبدالله البشير، والأمين العام السابق للصندوق القومي لتطوير الخدمات الطبية التابع للقوات المسلحة، علي ذمة اتهامهما ببيع مصنع حديد شواهق التابع للجيش دون اتباع الإجراءات الصحيحة.
وفي اثناء سير إجراءات المحاكمة لبى شقيق المعزول نداء ربه، متأثراً باصابته بفيروس كورونا المستجد كوفيد (19)، في موجته الثانية بمستشفي علياء بأم درمان، لتقوم المحكمة بشطب الدعوى في مواجهته، وفقا لقانون الإجراءات الجنائية.
وفي المقابل قررت المحكمة مواصلة السير في إجراءات القضية في مواجهة المتهم الأول الأمين العام السابق للصندوق القومي لتطوير الخدمات الطبية التابع للقوات المسلحة، إذ ما زالت إجراءات المحاكمة مستمرة تستمع للبيانات وشهود الاتهام .
مناع وزين للاتصالات
قبيل اختتام العام الحالي كانت المفاجاة في إحالة نيابة جرائم المعلوماتية للمحكمة المختصة، ملف محاكمة عضو لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال، صلاح مناع، في الدعوى التي قيدتها ضده شركة زين للاتصالات، حيث اشارت الأخيرة إلى أن الأول قام بإشانة سمعة الشركة عبر نشره مقطع تسجيل صوتي يتهمها فيه بعدم سداد الضرائب وأنا تعمل في مجال تجارة السمسم وتجارة العملة الحرة، مع عدم سداد الشركة لرخصة التشغيل الخاصة بها.
واستمرت جلسات المحاكمة وتم سماع المتحري الأول والثاني فيها، والشاكي، بيد أن المحكمة علقت جلساتها إلى حين هدوء موجة كورونا، ومن من ثم مواصلة النظر في القضية .
شهيد المتاريس حنفي عبدالشكور
مع إعلان سلطات الحكومة الانتقالية، خلال يونيو، موعد اسئتناف الحياة العملية وغيرها بعد إغلاق فرضته جائحة كورونا؛ أعلن النائب العام تاج السر الحبر، لوسائل الإعلام تقديم النيابة العامة، أول ملف شهداء المتاريس خلال الثورة المجيدة، وهو ملف الشهيد حنفي عبد الشكور، المتهم بقتله ضابط برتبة رائد بقوات الدعم السريع، حيث شرعت محكمة أم درمان وسط في سماع القضية، إلا الأحوال الأمنية فرضت على السلطات إحالة جلسات المحاكمة لمعهد تدريب العلوم القضائية بضاحية اركويت شرق العاصمة الخرطوم.
وقتذاك قامت المحكمة بسماع المتحري والشاكي وشهود الاتهام، واستجوبت المتهم، ووجهت له تهمة القتل العمد للشهيد حنفي، ومن ثم ما زالت تستمع المحكمة لشهود دفاع المتهم في الدعوي الجنائية .
الناشط الضي بشارة واللايفات
تنظر محكمة جنايات الخرطوم شمال برئاسة القاضي حامد صالح حامد، ملف محاكمة الناشط السياسي والمعلق الرياضي، أحمد الضي بشارة، عقب ايقافه على ذمة تسجيلات مباشرة (لايف)، بثها على مواقع التواصل الاجتماعي، أفشى خلالها بمعلومات عسكرية سرية .
حيث يواجه الضى تهماً متفاوتة تتعلق بتقويض النظام الدستوري، وافشاء المعلومات العسكرية، والتحريض علي الهروب من الخدمة العسكرية وايواء الهاربين، إضافة إلى اتهامه بالتحريض علي التمرد، واثارة الشعور والتذمر وسط القوات النظامية، والتحريض بارتكاب ما يخل بالنظام العام واثارة الفتنة والنعرات القبلية.
في ذات الوقت ما زالت إجراءات المحاكمة مستمرة من خلال استماع المحكمة للفيديوهات المسجلة من المتهم .
الحاج عطا المنان واعادة الملف
في ذات الاتجاه أحالت نيابة الثراء الحرام والمشبوه للمحكمة ملف محاكمة رجل الأعمال القيادي البارز بحزب المؤتمر الوطني المحلول الحاج عطا المنان، بتهمة مخالفة قانون الثراء الحرام والمشبوه بإستغلال الوظيفة والحصول على أموال بطريقة غير مشروعة.
بيد أنه وبعد جلستين فقط طلبت النيابة إعادة أوراق الدعوى إليها مرة أخرى، لمزيد من التحريات، معللة بان هناك مستندات وشهود لم تتمكن من سماعهم بالتحريات جراء جائحة كورونا الأولى، إلا انه وحتى نهاية العام لم يتم إحالة ملف البلاغ للمحكمة مرة أخرى .
طارق سرالختم وسين للغلال
ما زالت التساؤلات تطرح يومياً لمعرفة مصير ملف قضية مدير شركة سين للغلال طارق الختم، في القضية المتهم فيها بمخالفة قانون التعامل بالنقد الأجنبي اشتراكاً مع الرئيس المعزول عمر البشير. حيث عقدت المحكمة الخاصة بمباني محكمة جنايات الخرطوم شمال لمايقارب الـ(4) جلسات للمحاكمة إلا أن ممثل دفاعه طلب إعادة ملف البلاغ للنيابة العامة مرة أخرى لمزيد للتحريات حيث وافقت المحكمة علي ذلك بيد أن الملف لم يتم إعادته حتى ساعة النشر للمحكمة .
سرقة أموال ومصوغات وزيرة سابقة
نظرت أيضاً محكمة جنايات الخرطوم شمال، ملف الدعوى الجنائية التي قيدتها وزيرة شهيرة بالعهد البائد ضد مدير مكتبها الخاص بالوزارة السابقة، تتهمه فيها بخيانة الأمانة والإستيلاء من داخل خزنة مكتبها آنذاك على مصوغات ذهبية تخصها وشقيقتها تزن (1.800) جرام ذهب عيار (21) مشغول ومبالغ بالعملة المحلية والأجنبية، حيث استمعت المحكمة إلى أقوال المتحريين الأول والثاني.
وبعد سماع المحكمة لأقوال الشاكية الوزيرة السابقة بالعهد البائد، كانت المفاجآة بان تطلب محامية الوزيرة السابقة من المحكمة حظر النشر فى القضية لتضرر موكلتها الوزيرة مما تناولته الصحف اليومية من تفاصيل دقيقة شملت أسماء أطراف الدعوى الجنائية والشاكية على حد قولها، فيما قطعت المحكمة موعداً للفصل في طلب الإتهام بحظر النشر فى الدعوى الجنائية .
حكم باعدام ضابط شرطة
المتابع للساحة القضائية في البلاد يجد أيضاً بأن نصيب المنتمين للشرطة كان موجوداً، لا سيما وأن محكمة جنايات الخرطوم شمال قد أصدرت حكماً في القضية الشهيرة بالإعدام شنقاً حتى الموت في مواجهة ضابط شرطة برتبة ملازم مدان بقتل الشاب (عزمي) بشارع النيل وكان وقتها متزامنا مع أيام الاعتصام المجيدة في رمضان العام 2019م.
قضية مقتل شرطي العمليات
حجزت المحكمة للنطق بالحكم ملف محاكمة (3) من ثوار بري، وهم شبان بمراحل دراسية مختلفة إبان توقيفهم على ذمة مقتل شرطي يتبع للعمليات والنجدة، رمياً بالحجارة خلال أحداث تظاهرات بالقرب من مول الواحة وسط الخرطوم لجهة تسليم مذكرة لمجلس الوزراء .