قبل فترة تواصل معي بدر الدين أزرق، شقيق القتيل محمد أزرق الذي اعتقلته مجموعة من منسوبي الدعم السريع، فأوسعوه ضرباً وعذبوه ثم أطلقوا عليه أعيرة نارية وأردوه قتيلاً نهاية أغسطس الماضي.
ناشدت الأسرة قيادة الدعم السريع بالإسراع في تسليم المتهمين بعد قرار النيابة العامة بالقبض عليهم وفقاً للمادة “130”، وللأسف لم يتم إلقاء القبض عليهم.
بحسب الشهادات المدونة في محاضر الشرطة والنيابة لزملاء القتيل، إنه اعتقل وقتل في معسكر يتبع للدعم السريع، و لولا ضابط شرطة، لتحول بلاغ أزرق لإجراءات – قتيل مجهول -.
وما بين أزرق وبهاء الدين نوري قتيل الكلاكلة هناك عشرات القصص المحزنة والمتشابهة والتي تستحق حسماً واضحاً من قادة الدولة والمكون العسكري.
حوادث الاعتقال من قوة نظامية لمواطن ما ظلت تتكرر في الآونة الأخيرة، إذ يتم اقتياده لجهة مجهولة، ثم تعذيبه وقتله، فتسليم جثته لمشرحة باعتباره قتيلاً مجهولاً.
هذه الحوادث تطرح أسئلة ملحة لا لمحاسبة الفاعلين فقط، إنما لتجنب هذه الكوارث مستقبلاً.
ما هي القوات المخول لها اعتقال المواطنين..؟
ما نعلمه أن هذه الصلاحية سُحبت من جهاز الأمن، أبرز المطالب التي تمت الاستجابة لها من قادة الدولة، فهل سحبت هذه الصلاحية من الجهاز ومُنِحت لجهةٍ أخرى..
أين هي الأماكن التي يتم فيها اعتقال المواطنين..؟ ألا يفترض أن تكون معلومة وواضحة يعرفها الناس كما تعرفهها الأجهزة المعنية..؟
من الذي يُصدر أوامر التعذيب والقتل..؟ وهل هذا الأوامر مباحة في أي بند من قوانين ولوائح القوات النظامية..؟
لماذا تعجز الدولة بأجهزتها ومباحثها وقواتها واستخباراتها عن الاتيان بالفاعلين، خاصةً أن جميع حوادث القتل التي وقعت من السهولة كشف مرتكبيها..؟
الشيء المؤكد أن القوات النظامية في السودان متعددة وجميعها يحمل السلاح، والقوانين مازالت هلامية ورخوة، غير صارمة أو جادة في حسم طريقة تعامل القوات مع المواطنين.
إن كان ضعف الدولة المدنية يُحمل على رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ووزرائه والحرية والتغيير، فضعف الدولة الأمنية يُحمل على رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان وأعضاء المكون العسكري وقادة الأجهزة النظامية.
ما يحدث لم يعد مقبولاً البتة، وعلى المكون العسكري أن يثق تمام الثقة، أن هذه الحوادث من شأنها أن تزيد الشقة بين الشارع وأجهزته المختلفة.
لابُد أن يعلم أي مواطن، من القوة النظامية التي تقوم باعتقاله؟ وإلى أين تأخذه.
طرق العصابات والعربات خالية اللوحات سيكون له ارتدادات “مُزلزلة”، إن لم يتم حسمه وإيقافه والاعتذار عما يحدث على وجه السرعة.