أغلقت الولايات المتحدة الامريكية الأبواب المشرعة أمام المكوّن العسكري ، ووضعت في طريقه عدداً من المتاريس التي تحول دون هيمنته على السلطة حاضراً او مستقبلاً، ولم يأت قرار الكونجرس الأمريكي الخاص بقانون المحاسبة والمساءلة والشفافية من فراغ فأمريكا تتابع مايجري في السودان بدقة عالية، وتعلم تلك الرغبة الجامحة للعساكر في سيطرتهم على مقاليد الحكم في السودان، وتعاملهم بوضع اليد على الشركات الاقتصادية التي تدر أموالاً هائلة خارج الجهاز المصرفي ومبالغ لايعلم حجمها أحد ، كما انها تتابع بشدة تلك العراقيل التي يضعونها في طريق الحكومة المدنية حتى لا تحقق إنجازاً ملموساً على ارض الواقع، ويكون الفشل عنوانها وتتاح لهم فرص الانفراد بحكم السودان،
فهذا التشريع يعد من أخطر المهددات التي تزلزل امبراطورية العسكر ومستقبلهم السياسي في السودان، ويفتح آفاقا أرحب لتحقيق مرامي الثورة وأهدافها.
اما المهدد الثاني وهو مرحلة امريكا (مابعد ترامب) وهل ستكون سياسة جون بايدن ودخوله البيت الابيض، كسياسة ترامب ، بايدن الذي يدعم حزبه التحول الديمقراطي في السودان ويقف بجانب الثورة وتطلعاتها ويطالب بتحقيق أهدافها من حرية وعدالة وارساء مبدأ الشفافية.
المهدد الثالث ان علاقة السودان بدول مجاورة لن تكون كما كانت في السابق فقبِلاً كانت كلما غضبت امريكا او اراد حكام السودان ان ترضى عنهم هرولوا الى هذه الدول التي تلعب دور الوسيط و( لها ماتريد) مقابل ان تكون العلاقة بامريكا جيدة وليتها كانت تقدم نتائج حقيقية، على العكس كانت كلها أدوار لاتتجاوز الوعود الزائفة التي تجعل ( الهرولة مستمرة ) ولم ينته هذا السيناريو بزوال النظام البائد للأسف، بل استمر بعد التغيير، فالقيادات العسكرية سارت في ذات الطريق الذي كان يسلكه المخلوع، ولم تستفد من دروس الثورة التي طالبت بإعادة السودان لسابق عهده كدولة رائدة كانت تحتكم بها الدول عند الخلافات فيما بينها ودول أخرى، وأرادت الثورة ان تعيد لها هذه القيادة والريادة ولكن أبى الذين لا يعرفون قيم الثورة إلا ان يكونوا في ظل هؤلاء الذين هم الآن في حيرة من أمرهم كيف تكون علاقتهم بأمريكا، اذاً انتهى هذا الدور واصبح السودان كما كان كبيراً يتعامل مع امريكا مباشرة فربما تحتاجنا هذه الدول يوماً لنكون لها (واسطة خير) حتى ترضى عنها امريكا.
المهددالرابع هو ان العسكر كانوا يظنون ان الحكومة المدنية فقدت دعم الشارع بعد كل الازمات المصطنعة والحقيقية، وان خروج مواكب ديسمبر ستكون نهاية الحكم المدني في السودان شاركهم هذا الوهم فلول النظام البائد وبالرغم من ذلك لم يجتمع الشارع على قلب رجل واحد لكي يؤيد اسقاط حمدوك، فبالرغم من الاصوات المنادية بالإسقاط، إلا ان صوت تصحيح المسار كان الأعلى بدليل ان المقاومة وتجمع المهنيين والحزب الشيوعي وعدد من الاحزاب السودانية رفضت اسقاط حكومة حمدوك، وفضلت تصحيح مسارها وهذا يعني ان الشعب يريدها مدنية.
المهدد الخامس الحكومة المدنية كسبت كل الثقة من المجتمع الدولي والاتحاد الأروبي والولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الأفريقي لذلك هذا الإجماع الخارجي مع ثورة داخلية صامدة وعنيدة يجعل أحلام العسكر كالثريا، جميلة لكنها بعيدة المنال.
طيف أخير:
التحية لبواسل القوات المسلحة وجنودها وهم يقدمون أرواحهم طاهرة فداء للوطن
صحفية الجريدة