النعمان عبدالحليم بعد خروجه من الاعتقال بتهمة محاولة اغتيال حمدوك: هذا ما كنت أعنيه بعبارة (72 ساعة وكل قرد يطلع جبله)
السودان
![النعمان عبدالحليم بعد خروجه من الاعتقال بتهمة محاولة اغتيال حمدوك: هذا ما كنت أعنيه بعبارة (72 ساعة وكل قرد يطلع جبله) 1 النعمان](https://alnawrs.com/wp-content/uploads/2020/05/النعمان-.jpg)
- أبلغت المعتقلين بموقعي عبر التلفون وجاءوا فذهبت معهم
- لهذا الأسباب (…) تم إطلاق سراحي
- كنت أتابع كل الأخبار حتى المظاهرات ومن كتب عني جيداً أو سيئاً
- عفوت عن النائب العام لوجه الله رغم ظلمه لي
أعلن د.النعمان عبدالحليم القيادي بالمؤتمر الوطني المحلول والذي اعتقلته السلطات لـ (9) أشهر، على خلفية محاولة إغتيال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، العفو عن من ظلمه وإعتقاله طيلة تلك الفترة، وقال في حوار مع (الإنتباهة) إن النائب العام هو المسؤول عن الإعتقال، وأضاف: (لكن عفوت عنه لوجه الله)، وأشار النعمان إلى أن الإفراج عنه تم عقب استنفاد كل مراحل الإعتقال القانونية، ونوه إلى أن النيابة أمرت بالإفراج عنه عندما لم تجد بينة ضده، وأكد أن الإعتقال كان عادياً وأن المعاملة كانت جيدة من قبل الشرطة والاستخبارات العسكرية، ودعا النعمان إلى التسامح وعدم التشفي والإنتقام.
حوار : آدم محمد أحمد
* اعتقلت لـ (9) أشهر وتم الإفراج عنك ماهي الحثيثيات ؟
– الحيثيات أن الجهاز القضائي رفض تجديد الإعتقال أو الحبس، بدوافع أن الأمر الطبيعي أن أي شخص يتم حبسه أو إعتقاله عبر القضاء هو الذي يجدد الحبس أو الإفراج، لأن القاضي لديه حق تجديد الحبس من يوم إلى (6) أشهر، وبعدها تعرض أوراق المعتقل إلى الجهاز القضائي، من دون حضور الشخص المعني، وهذا ما حدث أن مولانا عصام الدين محمد إبراهيم قاضي المحكمة العليا، منح الجهات صاحبة الدعوى مهلة شهر في البداية وإنتهت ثم منحهم (15) يوماً وثم جددها إلى (7) أيام وبعدها رفض التجديد، لأنه يفتكر أن التسعة أشهر كانت كافية للتحريات أن كان الشخص المعني مداناً.
* وماذا حدث بعد أن رفض القضاء التجديد؟
– أضطرت تلك الجهات إلى أن تحمل الأوراق وتذهب إلى النائب العام وقالت له أن المتهم موجود في الحراسة دون مصوغ قانوني، وهذا ما قاله محامي الدفاع الخاص بي عند تقديمه الطعن .
* كيف تم إعتقالك؟
– أعتقلتني قوة من الاستخبارات العسكرية، حضرت إلى منزلنا في كوبر لكني لم أكن موجوداً حينها، فأتصلت عليّ الوالدة وقالت لي أن أشخاصاً كذا وكذا يطلبونك، فقلت لها أديني ليهم في التلفون، فعرفت أنهم يتبعون إلى الاستخبارات العسكرية، فقلت لهم، أنا موجود في هذا المكان فجاءوا وذهبت معهم إلى مكاتبهم في سلاح الإشارة ببحري.
* وماذا قالوا لك حينها؟
– قالوا لي تفتكر جبناك هنا لشنو، فقلت لهم طبعاً يكون للبوست الذي كتبته في صفحتي بالفيسبوك لأني قلت (كلها 72 ساعة وكل قرد يطلع جبلو)، وقلت لهم هذه صفحتي الخاصة وأعبر فيها ما أشاء.
* وماذا كان ردهم؟
– بعدها تم تحويلي إلى شرطة المباحث للتحري وتم التحري معي لعشرة أيام لكنهم أوصوا بإطلاق سراحي بالضمانة الشخصية، لكنهم أشترطوا ذلك بأن أحضر جواز سفري ليتم حظري من السفر وبالفعل أحضرت الجواز وتم حظري من السفر، وقالوا أن القضية مكان الإعتقال من مهام جرائم المعلوماتية، وتم تحويلي إلى جرائم المعلوماتية التي طلبت مني تسجيل إعتراف قضائي بأن البوست الذي كتبته كان إجتماعياً ولا علاقة له بالسياسة.
* لكن إذا سألناك الآن ماذا كنت تقصد بعبارتك الشهيرة (كلها 72 ساعة وأي قرد يطلع جبلو)؟
– العبارة جاءت في سياق أن البلاد كانت تمر بفترة عصيبة تشهد إنعداماً تاماً للوقود والخبز لأن حقل هجليج كان متعطلاً، والأزمة مستفحلة، ووفقاً لقراءتي أن الوضع لن يستغرق (3) أيام، بعدها الشعب سيثور وأن الحكومة ستذهب، وأن الوزراء أصحاب الجوازات الأجنبية سيغادرون، هذا ما عنيته وهذه طريقتي التي يعرفها جميع من يعرفني، وأنا أستاذ فلسفة وليس مهندس كيمائيات، وأنا زول سياسي معروف ورؤيتي للأشياء أن الحوار هو الطريق الأمثل للتعامل مع المجتمعات وليس القتل أو الإغتيال، لأن القتل عندما يبدأ في أي بلد فلن يتوقف ولن نسلم منه نحن أيضاً، والقتل محرم عند الله بنص القرآن، والتاريخ السياسي يشهد لي في ممارستي للعملية السياسية، وكل ما أملكه هو الحجة واللسان، وأنا الآن أتحدى قوى الحرية وأقول لهم تعالوا نتناظر كيف نحقق العدالة، لأنهم وضعونا في السجون مع المجرمين.
* صف لنا المعاملة في السجن وأين كنت موجوداً؟
– الشرطة والأمن والجيش أجهزة قومية كانوا يتعاملون معنا بمهنية وإحترام متبادل والقضاء كان عادلاً وقوياً جداً، ومن هنا أنا أدعو الشعب في أن يحافظ على مؤسساته كلها لأنها تمثل الدولة، فترة إعتقالي تحولت فيها من موقع لآخر، كنت موجوداً في الاستخبارات العسكرية حوالي (15) يوماً، كانت المعاملة فيها جيدة وراقية، لكن أنا قلق لأني معتقل في النهاية ولم أجد طريقة لإبلاغ أسرتي بمكاني، بعدها تم تحويلي إلى مباحث بحري، وكانوا يميزون بيننا والمسجونين الآخرين في جرائم أخرى، كان مسموح للأسرة أن تقدم الوجبات، وليس لديهم علاج وكنت أتعالج من نفقتي الخاصة، أصبت حينها بإلتهاب حاد أشبه بالكورونا وكانت لدي مشكلة في الرأس جراء النوم على الأرض، مما سبب لي توتراً في خلايا الدماغ، وكذلك سمحوا لي بإدخال الكتب واستطعت ان أعمل بعض المراجعات.
*وكيف تنظر إلى محاولة الإغتيال نفسها؟
– العنف والتصفية السياسية والجسدية مرفوضة جملةً وتفصيلاً، لأن الدولة السودانية تعاني من هشاشة وحتى إذا ثبت أن حزبي متورط في حاجة من هذا القبيل فأنا بريء منه، لكن في تقديري أن المحاولة تعتبر تمثلية سيئة الإخراج، لأنهم حاولوا أن يقولوا إن حمدوك مستهدف لرفع رصيده مرة أخرى، لأن حمدوك طيلة الـ (30) سنة الماضية لم يجد أي رئيس وزراء إجماعاً مثلما وجده هو، لكن الأمر تلاشى وأصبحت توجه له اللعنات بدلاً من عبارة شكراً حمدوك، لذلك حاول تدارك الأمر بهذه المحاولة، ونحن نعلم أن التفجير بهذا الحجم والصوت الذي دوى إذا لم يصل للشخص المستهدف شيء فحتماً سيصيب آخرين من حول المكان على أقل تقدير، وأفتكر أن سياسة أركان النقاش التي يدير بها هؤلاء الناس الدولة لا تقدم إلى الأمام، لأنهم نشطاء وهناك فرق بين السياسي والناشط، فالأول يفكر كرجل دولة، على العموم نحتاج إلى روح التسامح العالية جداً حتى نصبح رجال دولة حقيقيين.
* هل كنت تتابع الأخبار؟
– نعم كانت تأتيني الأخبار من الخارج بطرق مختلفة وعبر الزيارات التي تصلني في المعتقل، ولكن عندما أنظر إلى الناس الموجودين حولنا من رجال الأمن والشرطة، وأجدهم في حالة من التذمر، أعرف أن الحياة أصبحت صعبة، والأسرة عندما تأتيني بالوجبة كانت تنقل لي الأخبار في الخارج، هذا عندما كنا في حبس الشرطة، ولكن في موقع الاستخبارات كانت لنا شاشة لمشاهدة الأخبار العالمية، لاني حينها لم أكن معتقلاً بالفهم المعروف ، وكنت أتابع أي زول كتب عني كلاما سيئاً أو جيداً ، وعندما خرجت شكرت من كتب مادحاً أو ذاماً، تابعت المظاهرات كلها، لكني كنت أتمنى أن تبقى هذه الحكومة في الحكم فترة من الوقت حتى يعلم الناس أن هؤلاء ليسوا جديرين بالحكم، كنت أتناقش مع لجنة التحري بقوة، عندما أناقشهم أعتز بإنتمائي للحركة الإسلامية، والمؤتمر الوطني وأقول لهم حكمنا لثلاثين عاماً وخرج الشعب ضدنا ونحترم الثورة الآن، التي قام بها الشباب، لكن الله لم ييسر لنا أن نكون جزءاً من هذا الحراك، تجربتنا بشرية، كل التجارب تمر بشيء طيب وسيئ.
* كيف وجدت حال إخوانك بعد الخروج؟
– كنت أعلم أن الأوضاع معقدة، وكنت متابعاً جيداً لكن عندما خرجت وجدت أن الوضع أسوأ، وقبلها نظرت إلى وجوه الناس في الخارج فوجدتها بائسة، ورأيت الحرائر يقفن في صفوف العيش والسيارات تصطف في محطات الوقود لأيام وليالٍ، وجدت أن المجتمع تغيرت بنيته وأصبحت هناك جرأة والبعض يجاهر بالسوء، ورأينا التبجح في الشوارع، والشعب لا يحتمل بعضه البعض، العام الدراسي مجمد ، عدت إلى الجامعة كي أصرف راتبي، وجدته لا يسد الرمق ولا يكفي لإيجار الشقة التي أسكنها، وتحول نقاش الناس إلى المأكل والمشرب وتركوا الأشياء الأخرى، لكن ما لفت إنتباهي مشهد الحركات المسلحة التي يبدو انها أكثر وعياً وتسامحاً وفهماً للحياة السياسية، من هؤلاء، وكنت أتابع تحركات جبريل ابراهيم والزيارات الإجتماعية التي قام بها، وجدت أن من يحمل السلاح أكثر الناس وعياً ممن يحملون القلم.
* هل تحمل الآن أية ضغينة تجاه أحد ؟
– أنا عفوت عن من ظلمني وهو النائب العام ، الشخص الوحيد الذي كان وراء إعتقالي وصحيح ربما يكون هناك من خلفه، لكن أنا عفوت عنه لوجه الله و(9) شهور قضيتها في الإعتقال دون ذنب، لكن أعتقد أن هذه ضريبة لأني رهنت نفسي للشأن العام والعمل العام، حتى إن أودى ذلك بحياتي، لكني تمنيت أن أجد دولة العدالة التي لم أعشها في زمني، في دولة ما بعد 11 أبريل، لكن للأسف لم أجدها، لكن رسالتي للناس انهم لا يجب أن يميلوا إلى التشفي والنتقام لأن ذلك يدمر الدولة السودانية وهي لا تحتمل أكثر مما يحدث، نحتاج أن نكون بلسماً شافياً لنبني وطناً معافى،و نحتاج إلى التكاتف وننسى مرارات الماضي.