-١-
أورد موقعُ صحيفتنا (السوداني) نهار أمس، خبراً للمحررة المتميزة إيمان كمال الدين جاء فيه الآتي:
أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قراراً بسحب الجنسية السودانية عن “3” آلاف أجنبي مُنحت لهم في عهد النظام السابق.
ويأتي القرار بناءً على توصية وزير الداخلية الفريق أول شرطة حقوقي الطريفي إدريس دفع الله.
وطبقًا لمعلومات (السوداني)، فقد صدر قرار سحب الجنسية السودانية عقب توصيات لجنة فنية متخصصة بمراجعة الجنسية السودانية بالتجنس مُنْذُ ١٩٨٩م وحتى ٢٠١٩م.
وفي مارس 2020م، أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قراراً بتوصية من وزير الداخلية الفريق أول شرطة حقوقي الطريفي إدريس دفع الله بسحب حوالي ١٣ ألف جنسية سودانية مُنحت لأجانب خلال النظام السابق.
انتهى فحوى الخبر.
-٢-
مثلُ هذه القرارات الأفضلُ ألا يتم التعاملُ معها عبر التسريباتِ الإخبارية المُقتضبة والمعمَّمة.
سحبُ الجنسية السودانية من هذا العدد الكبير من المتجنسين يحتاجُ لتقديم معلوماتٍ كافيةٍ ووافية.
كان الأوفقُ أن يتم ذلك عبر مؤتمرٍ أو بيانٍ صحفي، تُقدم خلالهما معلوماتٌ تفصيلية عن ما وصلت إليه اللجنة الفنية من معلوماتٍ وحقائقَ بنت عليها القرارات.
ومن خلال ذلك يعرفُ الجمهور السوداني والمعنيون بسحب الجنسية حيثيات تلك القرارات ومبرراتها.
-٣-
سحبُ جنسية دولةٍ ما ليس أمراً هيِّناً يمكن أن يتم التعاملُ معه بسهولةٍ ويسر.
أخْذُ الجنسية في الأساس تترتَّب عليه أوضاعٌ متعددة؛ اقتصاديةٌ واجتماعيةُ وإنسانيةُ وغير ذلك.
وأمرُ السَّحْب تتجاوزُ آثارهُ المسحوبَ منه إلى أسرتِه والمتعاملين معه في الحياة العامة.
كما أنَّ مثل هذه القرارات يحتاجُ التأقلم معها والتكيَّف عليها لوقتٍ وزمن.
-٤-
ليس من مصلحة الصورة الذهنية للدولة شيوعُ أنها تمنحُ جنسيتها دون ضوابطَ وإجراءاتٍ كافية.
كذلك في المقابل، ليس من المصلحة تصويرُ الدولةِ بأنها تسحب جنسيتها بصورة فورية تعسفية.
نعم هنالك كثير من المعلومات تتحدث عن عمليات بيع وشراء تمت للجنسية السودانية خلال سنوات الحكم الماضية.
بل الأخطرُ من ذلك ما ظل يترددُ أن الجنسية السودانية تم الحصول عليها من قبل مُشتبه بهم في قضايا الإرهاب والإجرام.
وضبطُ مثلِ هذه الحالات في المطارات الدولية له انعكاسٌ خطيرٌ على التعامل مع الجوازات السودانية.
-٥-
من المتوقعِ أن كلَّ تلك المعطيات وضعتها اللجنةُ الفنيةُ التي قامت بعملية المراجعة في اعتبارها وهي تُصدرُ تلك القرارات.
لكن ما أخشى منه أن تكون عملياتُ نزعِ الجنسية قد تمت بطريقةٍ حماسيةٍ عدائيةٍ استهدفت مواطني دولٍ بعينها.
للأسف تسودُ في الشارع السوداني روحُ عداءٍ للأجانب تحت دعاوَى وهميةٍ عديدة، رغم انتشار السودانيين في كثير من الدول وحصولهم على جنسيَّاتها.
يكفي أن غالب الحاكمين اليوم من وزراء وكبار مسؤولين في الدولة هم من حَمَلَة الجوازات الأجنبية.
كما أن السودان – كدولة – شكَّلته الهجراتُ المتعاقبةُ من دولٍ ومناطق ودول أفريقية وعربية وآسيوية.
-٦-
واليوم السودانُ كأرضٍ شاسعة وإمكانيات وافرة يحتاج لمجموعاتٍ وهجرات سكانية جديدة؛ بخيراتٍ ومقدرات متنوعة.
حينما تم انفصالُ الجنوب، وعاد غالبُ الجنوبيين إلى بلادهم تأثرتْ كثيرٌ من القطاعات الحيوية في السودان.
والسودانُ بحدوده الواسعة وجواره المفتوح والمأزوم، ليس له المقدرةُ على ضبط وتتظيم الهجرات غير القادمة بمطار الخرطوم.
فليس من الحكمةِ اتخاذُ مواقفَ عدائية تجاه القادمين عبر المطارات مثل السوريين أو المصريين في وقت مضى.
غالبُ القادمين من سوريا لهم خبراتٌ نوعيةٌ في مجالات متعددة يحتاجها السوقُ السوداني.
وإذا اقتنع الفلاحون المصريون بالعمل في السودان، ففي ذلك خيرٌ كبيرٌ لنا ولهم.
-أخيراً-
علينا تشجيعُ الهجرة والاستقرار في السودان وفق ضوابطَ محددة تعلي من قيمة الفائدة.
لا التنفيرَ من ذلك عبر دعاية عدائية، غير حكيمة، وإجراءات تعسفية ذات نزوعٍ سياسيٍّ غير مُبرّر.