بيان لجنة إزالة التمكين و محاربة الفساد واسترداد الأموال بالطيران المدنى وهي تتبرأ من قرار إحالة 56 من منسوبي الطيران المدنى للتقاعد .. فتح الباب واسعا على تساؤلات مشروعة حول ما يحدث هناك .. مقروءا هذا مع ذلك الأداء الضعيف لمدير الطيران المدنى فى حواره مع هذه الصحيفة وهو يتنصل من مسئولية البحث عن ما يقارب المليار دولار نهبت من الطيران المدنى .. ثم حديثه عن إغلاق المطار لأن طابقين على مبنى يتبع للشرطة يهدد سلامة حركة الطيران بمطار الخرطوم ويعجز عن التعامل معها .. كل هذا يقود وجهة تلك التساؤلات مباشرة الى مكتب مدير سلطة الطيران المدنى شخصيا .. ولكن الأسوأ من هذا أن هذا البيان قد أثار غبارا كثيفا غطى واقعة أخرى .. تتعلق ايضا بكشف آخر .. فإن كان كشف الـ (56) يمثل تجاوزا للإختصاصات .. فإن كشف الـ (7) الذى نحن بصدده اليوم يرتقى لمستوى الفساد .. إن لم يكن سوء إستغلال النفوذ ..!
ففي منتصف اكتوبر المنصرم صدر كشف بإعادة مفصولين من الطيران المدنى ممن فصلوا للصالح العام فى الفترة من يوليو 1989 وحتى ديسمبر 2018 .. هذا نص تعريف المعنيين بالإعادة للخدمة وفق ما حمل ذلك الخطاب .. وما لم يقله الخطاب .. ولكن محتواه شرح ذلك .. أن القائمة خصصت تقريبا لإعادة مراقبين جويين .. هكذا حصريا .. وحتى الآن يبدو الموضوع عاديا .. ومتسقا مع جهود الإنصاف التى تقوم بها مؤسسات السلطة الإنتقالية .. لتعويض من فقدوا وظائفهم .. تعسفيا .. أكررتعسفيا .. خلال العهد السابق .. !
ولكن .. قليل من التمعن فى الخطاب يبرز ملاحظات تثير كثير من التساؤلات .. حول مدى إتساقه مع مبدأ الإنصاف والعدالة الذي ترفع شعاره الثورة .. فالإسم الثالث فى القائمة كان هو .. ابراهيم عدلان ابراهيم .. وهو نفسه المدير العام الحالي لسلطة الطيران المدنى ..مراقب جوي سابق .. و الذى أعاده القرار للدرجة السابعة .. أي أن السيد عدلان اصبح يشغل الآن وظيفتين فى ذات المؤسسة .. وليس هذا مثيرا .. ولكن السؤال .. هل عاد كل ضحايا النظام السابق فى الطيران المدنى ..؟ الم تكن الحصافة تقتضى أن يكون السيد المدير آخر العائدين ..؟ الم تحدثه نفسه عن الإيثار وعن الترفع عن المغانم وإتاحة الفرصة لآخرين أشد حوجة للعدالة وللإنصاف ..؟ وكل هذا ليس مهما ايضا .. فثمة شكوك حول مدى إنطباق شرط الإعادة على السيد عدلان .. فالوقائع والشهود تؤكد أن الرجل أعيد للخدمة فى ظل ذات النظام .. وعاد الى عمله بالفعل .. ولكنه غادر مرة أخرى بإرادته .. لا برغبة النظام ..!
وهناك ما هو أسوأ .. فإذا كانت قائمة السبعة قد بدت وكأنها مخصصة للمراقبين الجويين فقط .. فإن القائمة قد ختمت بإسم سيدة لا صلة لها بالرقابة الجوية .. لا من بعيد ولا من قريب .. ليس هذا فحسب .. بل يقال أن شرط الإعادة الذى تأسس عليه القرار .. وهو الفصل التعسفي .. لا ينطبق عليها ايضا .. بل إنها فصلت لغيابها .. مرافقة لزوجها خارج البلاد .. و عودتها علي قائمة .. المراقبين الجويين .. يؤكد فقط ما ذهبنا اليه من إستغلال للنفوذ .. !
وجود المدير العام على قائمة العائدين مبكرا كان يمكن إعتباره .. تجاوزا محدودا .. أما وجوده هو والسيدة حرمه .. فهذا ما يعجز المراقب عن إيجاد توصيف له ..!
إذن .. الذى يفعل هذا .. لن يغلبه أن يلتف على .. جهة الإختصاص .. أي لجنة إزالة التمكين بالطيران المدني .. ليحيل 56 من منسوبي مؤسسته الى الشارع .. دون التقيد بأية معايير .. ولئن كان سهم الإعادة قد ذهب لغير مستحقيه .. فالمؤكد أن سهم الإحالة .. هو الآخر .. قد طال غير مستحقيه .. وكلو بمزاج المدير ..!!