بالامس كتبت مقالا بعنوان (دعوا الشعب يموت) نصحت فيه الدكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء الموقر بعدم الاقدام علي اغلاق البلاد بسبب الموجة الثانية من كرونا .
كتبنا لحمدوك انه (ربما ابرمت الكورونا موعدا مع الموت الذي بات مرغوبا للكثير من ابناء هذا الشعب الصابر بعد ان عزت الحياة واستحالت مع استمرار الضغوط الحياتية المتواصلة).
نبهناه كذلك الي ان ما يحدث في البلاد هذه الايام سيؤدي لكوارث اجتماعية وامنية لن يعلم مداها الي الله وختمنا بالقول : لا تغلقوا البلد دعوا الشعب يموت فالله ارحم عليه منكم..
ما كتبناه في المقال جاء مدعما بما يؤكد ان الاغلاق لن يعني الا زيادة النار التي يعيش فيهاالمواطن حطبا، فالحياة اساسا معلقة ومجمدة جراء ارتفاع اسعار الوقود وازماته وانعدام الخبز والغاز والدواء وارتفاع فواتير العلاج والسفر ، واغلاق المؤسسات التعليمية، وفشل الحكومة في مواجهة التزاماتها تجاه المواطن.
المقال وجد اصداء واسعة تؤكد بالفعل ان الاوضاع المعيشية دخلت اللحم الحي وان الناس يتوقون لما يخرجهم من جحيم الحياة التي باتت لا تطاق .
هاجمني كالعادة بعض الناشطين ممن لا تعجبهم اية كتابات سالبة عن حكومتهم غير الرشيدة، كورال (شكرا حمدوك) يهزي بالانتقادات والشتائم غير مصدق ان كل ما شاده من احلام وما ردده من اقوال يتحول الان الي فشل يومي من قبل حمدوك ومعاونيه من الكفاءات حملة الجوازات الاجنبية.
جل هؤلاء اقروا بالواقع واعترفوا بفشل حمدوك لكنهم يهاجمون عدم انتقادي للمكون العسكري في الحكومة التي طالما صدعوا رؤسنا بانها مدنية، وان العساكر لا شان لهم بادارة الدولة التي ورثوها من الكيزان وسيطروا علي مفاصلها وزارة وزارة ومحلية محلية ومكتب مكتب.
غريب امر هؤلاء، ( مش قلتو مدنية)، لماذا يتحمل العساكر وزر الاخفاق وانتم تسلبونهم مجرد المشاركة في الحكم، غريب ان تصبح الحكومة عسكرية في جرد حساب الفشل العام وتكون ( مدنياااو) لحظة التباهي بالسيطرة علي مفاصل الدولة والبوبار بان العسكر مجرد كومبارس في مسرح الاداء العام.
الم تدعوا بان المهام المكفولة للعسكر في الحكومة تشريفية وان الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة ومن معه لا تتخطي مهامهم اجازة الترقيات واستقبال السفراء وبرتكولات استقبال ووداع ضيوف البلاد.
قلنا ان العسكر بحكمون فرفضتم، حتي امر التطبيع مع اسرائيل الذي اكمله البرهان ورفاقه نسبتموه لحمدوك وهتفتم بحياته واظهرتم ان للرجل يد في ازالة اسم السودان عن لائحة الارهاب الامريكية رغم علمكم بان البرهان هو الذي ادار المفاوضات في الامارات وان حمدوك كان يرفض مبدا الربط بين العلاقات مع امريكا والتطبيع مع اسرائيل.
كاتب المقال غير معجب باداء العسكر ويري انهم مضوا في كثير من الخطوات تحت ستار مدنية الدولة بلا تبصر، ويحسب عليهم الكثير مما حاق بمبدا العدالة عبر رعايتهم للجنة ازالة التمكين التي يرأسها جنرال في قامة ياسر العطا مازلنا نتساءل عن سر التحول الذي طرأ علي ما عرف به في الجيش من ( ضبط وربط) وكاريزما ننصف المظلوم وترد الحقوق الي اهلها، العسكر مازالوا سلبيين في كثير من الملفات وليس بعيدا ماتعرضت له وداد بابكر حرم قائدهم العام السابق وهي تقبع لاكثر من تسع اشهر في الحراسة بلا محاكمة، كما انهم لم يكونوا في الموعد الذي انتظره المواطن وهم يناون بانفسهم عن ازماته وما حاق به من ضغوط معيشية بالغة القسوة ويغلقون الطرقات حينما يهم باللجوء اليهم جراء وطاة الحكم الذي مازال يثقل كاهلهم بالمزيد من الفواتير الباهظة، نعم فالعسكر مازالوا يحمون حكومة الحرية والتغيير رغم هتافات ( معليش معليش ما عندنا جيش) وهذا واجبهم لتحقيق الانتقال المامول.
بالرغم من ذلك لا اعتقد انهم- اي العسكر- معنيون بما يواجه المواطن من ازمات ترتبط بمعاشه اليومي ، هم غير مسؤولين عن ملفات تنفيذية تعني بتوفير السلع، لاصلة لهم بادارة شؤون المالية ولا التجارة والصناعة ، لا علاقة لهم بتوفير الوقود واسعاره، ولا صلة لهم بالغاز والعك اليومي في ملف الخبز، العسكر غير معنيين بملفات الصحة، ولاصلة لهم بالادوية ولا سياسات المالية واجراءات البنك المركزي، واسعار الدولار وضعف الرقابة علي السلع.
مهام العسكر محددة في الوثيقة الدستورية ومن الخطا تحميلهم مسؤولية الاخفاقات التي تسال عنها السلطة التنفيذية بقيادة حمدوك ووزرائه المتبقين بعد ان اعفي منهم سبعة ضربة لازب بسبب الفشل ولم يستطع حتي الان تعيين اخرين.
بالطبع هذا لن يعفيهم من المسؤولية الأخلاقية لكن العبء المباشر يقع علي عاتق الحكومة المدنية التي استشهد شباب كثر من اجل ان تبقي واقعا يحكم السودانيين، سنلوم العسكر ان اتفقتم واعترفتم بانهم من يحكمنا الان اما في ظل ما يحدث، فان المواطن لا يعلم سوى رئيس الحكومة وجهازها التنفيذي حمدوك الذي شكرتموه كثيرا وتخاذلتم في لحظة انتقاده حينما اخفق من باب المكابرة ليس الا…
صحيفة اليوم التالي