الخرطوم : شذى الشيخ
تفجّرت الخلافات مجدداً بين اتحاد المدارس الخاصة ووزارة التربية والتعليم وعادت إلى السطح، على خلفية سحب تراخيص المدارس الخاصة، مما أدى إلى استفحال الأزمة، في الوقت الذي اتجهت بعض المدارس لسوح المحاكم طعناً في قرارات وزارة التربية والتعليم.
ووصف خبراء تربويون، قرار سحب التراخيص بالصائب وغير قانوني، وطالبوا اللجنة التسييرية بضرورة التحرك للحفاظ على حقوق منسوبيها من المدارس الخاصة، وقالت اللجنة التسييرية لاتحاد المدارس الخاصة إنها لا تعلم بقرارات وزارة التربية والتعليم ولم تتم مناقشتهم، لجهة أنها لا تعترف باللجنة التسييرية لاتحاد المدارس الخاصة.
سحب تراخيص:
وكانت قد أصدرت الإدارة العامة للتعليم الخاص بولاية الخرطوم، قرارين إداريين بسحب تصاديق المدارس الخاصة غير العاملة من العام المقبل.
واستهدفت القرارات، (56) مدرسة خاصة بمرحلة الأساس، و(148) مدرسة خاصة بالمرحلة الثانوية بكل محليات ولاية الخرطوم.وقال مدير الإدارة العامة للتعليم الخاص بالولاية عبد الكريم حسن في تعميم صحفي، إن القرار يستهدف كل المدارس بمرحلتي الأساس والثانوي، وأكد أن الخطوة تأتي في إطار مساعي إدارته لضبط التعليم الخاص بالولاية، ورفع جودة مخرجات العملية التعليمية .
تحرك اللجنة التسييرية:
من جهته، قال الخبير التربوي عوض الدنقلاوي، إنّ ما تم من إجراءات سحب التصاديق المجمدة غير قانوني، وقال بالإمكان استدعاء أصحاب هذه المدارس لمعرفة الأسباب الرئيسية التي جعلت هذه المدارس تلجأ للتجميد، ولعل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد والتضخم الذي حصل خلال الأشهر الستة الماضية كانت أسباباً كافية للتجميد والكل يعلم بأن معظم هذه المدارس مستأجرة وارتفاع إيجار العقارات، وأيضاً ارتفاع مدخلات التعليم من (كتاب مدرسي ووسائل تعليمية) وارتفاع تكلفة التشغيل هو السبب الرئيسي وراء التجميد.
لا يوجد في فقرة في قانون التعليم 2015 أو لائحة 2012 تنص علي سحب التصديق. هذه الخطوة لم تكن موفقة في هذه الظروف، وكنا نتمنى من الوزارة أن تتصرّف بالحكمة في اتخاذ القرارات، ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها مثل هذا السلوك غير التربوي مع أصحاب المدارس، قبل أسبوع تم إغلاق بعض المدارس العالمية (التعليم الأجنبي)، مما أدي إلى تصاعد التوتر والصراع حتى تم الحسم فيها قانونياً بواسطة القضاء الذي أنصف هذه المدارس وتم فتحها ومزاولة نشاطها.
نتمنى من اللجنة التسييرية لاتحاد المدارس الخاصة التحرك للحفاظ على حقوق منتسبيها من المدارس الخاصة، وهذا العام شهد صراعات لم نشهدها منذ أمد بعيد.
ليس لدينا علم :
وفي ذات السياق، قال الأمين العام للجنة التسييرية لاتحاد المدارس الخاصة أمين محمد للصحيفة، إنهم ليس لديهم علم بهذا القرار، ولم تتم مناقشتهم، وأبدى أسفه من هذه الخطوة، وقال: نحن من واجبنا متابعة ما يدور في التعليم، ولكن وزارة التربية والتعليم لا تعترف بنا حتى الآن، وعن سحب تصاديق المدارس غير العاملة، قال هذا يحتاج إلى قانون فردي وأن لا يتم إلغاء الصناديق بصورة جماعية.
أما عن هجرة الطلاب من المدارس الحكومية إلى المدارس الخاصة فهذا يحتاج إلى إثبات وشهادة قيد، ووصف التنقلات بالصورة الطبيعية، وتساءل: هل المدارس الحكومية لديها مواعين لاستيعاب الطلاب القادمين من المدارس الخاصة؟ وأردف: في حال ثبوتها، هنالك تنقلات من المدارس الخاصة، واعتبر ذلك سبباً اقتصادياً ومباشراً، وليس بسبب تجويد العمل بالمدارس الحكومية، وعن تجميد قرار المدارس قال هذا يلزمه قانون.
ازدحام:
فيما شهد مكتب شؤون التلاميذ بوزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم، ازدحاماً شديداً هذه الأيام بسبب تغيير العديد من التلاميذ والطلاب لمساراتهم من التعليم الخاص إلى الحكومي وتتزايد الطلبات لتلقي التعليم بالمدارس الحكومية بعد الزيادات المهولة في الرسوم الدراسية بالمدارس الخاصة التي استحال على أولياء الأمور تحمُّلها !
وقال مدير شؤون التلاميذ والمدارس بمرحلة الأساس بولاية الخرطوم، الخزين بكري الخزين، إنهم لم يألفوا طيلة السنوات الماضية مثل هذه الأعداد الكثيرة المتزايدة التي تحضر إليهم بصورة يومية من كل المحليات لأجل الانتقال من المدارس الخاصة إلى الحكومية، وعزا ذلك لارتفاع رسوم الدراسة في التعليم الخاص هذا العام حسب إفادات أولياء الأمور، والتي أرهقت كاهلهم تماماً، مشيراً إلى أنهم لم يتوقّعوا هذه الأعداد الكثيرة التي تزداد طلباتها يوماً بعد يوم. وطالب الخزين، الحكومة بأن تهتم بمقومات التعليم الحكومي بعد هذه الهجرات الكثيفة وأن تقوم بتهيئة بيئات المدارس الحكومية لاستقبال هذه الأعداد المهولة من التلاميذ، وأن يواكب زيادة رواتب المعلمين الاهتمام بتوفير المعينات الأخرى في العملية التعليمية للنهوض بالتعليم الحكومي ليلبي طلبات الأسر التي لم تتحمّل تكاليف ونفقات المدارس الخاصة.
ضبط أوضاع المدارس:
وفي ذات السياق، أكدت عضو لجنة مركزية المكتب التنفيذي لمركزية لجنة معلمي السودان درية محمد بابكر أن الوزارة في سعيها لضبط اوضاع المدارس الخاصة وحصرها، قررت سحب تراخيص المدارس غير العاملة، وقالت توجد كثير من التصاديق لمدارس موجودة على أرض الواقع (محمولة في الجيوب والحقائب)، وتابعت: جميعنا يعلم أنه في الفترة السابقة كانت تستخرج الكثير من التصاديق كإكراميات لأصحاب النفوذ ولكثيرين من الذين ليست لهم علاقة بالتربية والتعليم، لذلك جاء هذا القرار لمزيد من الضبط مع ملاحظة اي مدرسة قامت بإجراءاتها الصحيحة من تجميد نشاطها عبر مكاتب التعليم والوزارة لا يشملها هذا القرار، وإنما القرار مقصود به المدارس التي ليس لها وجود على أرض الواقع ولم تقم بالإجراءات المطلوبة.
أما فيما يتعلق بالهجرة العكسية للطلاب من المدارس الخاصة، قالت درية: نحن نعلم أن وزارة التربية والتعليم من خلال السياسات التي نود تنزيلها على أرض الواقع هو أن يكون التعليم متاحاً وفي متناول الجميع لذلك تحاول الوزارة أن تسعى لإصلاح البيئة المدرسية وتوفير المعلمين بكل مدرسة وتوفير الكتاب المدرسي حتى يستطيع المواطن أن يعود مجدداً للتعليم العام عكس ما كان يحدث في الفترة السابقة، حيث كان المواطن يضطر للذهاب إلى المدارس الخاصة لما توفره من إمكانات، ولكل ذلك نتمنى أن تقوم الدولة بواجبها تجاه الصرف على التعليم وتوفير الميزانية الكافية لعمل ذلك حتى لا يتضرر المواطن ويلجأ إلى التعليم الخاص الذي أصبح مكلفاً.
لجوء للمحكمة:
من جهته، قال مدير الإدارة العامة للتعليم الخاص بوزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم عبد الكريم حسن، إن بعض المدارس الأجنبية التي صدرت قرارات بسحب تراخيصها، قد لجأت للمحكمة وهذا من حقها القانوني الذي كفله لها الدستور، مشيراً إلى أنه قد صدر قرار من المحكمة بوقف تنفيذ قرار سحب التراخيص وإجراءات التسليم والتسليم وتوفيق أوضاع الطلاب وتسليم الختم لحين الفصل في الطلب المقدم من هذه المدارس، وقد ظنت إحدى هذه المدارس أنّ القرار قد جاء في صالحها فتسرّعت في فتح المدرسة لفهمها الخاطئ لقرار القاضي الذي اضطر إلى أن يصدر قراراً آخر بخصوص مدرسة أخرى، مضيفاً إلى عبارة وقف التنفيذ جملة (ولا يشمل ذلك فتح المدرسة للطلاب)، لأن القاضي لم يبت ولم يفصل في الطلب أصلاً سواء لصالح الوزارة أو لصالح المدارس حسب منطوق القانون، فوضع بذلك حدّاً فاصلاً للفهم الخاطئ للمدارس بخصوص قراره الأول وتسرعها في فتح المدرسة، وأشار فى تصريحات صحفية الى أنهم في الوزارة يتبعون القانون المتعلق بالتعليم الخاص الذي يتحاكمون إليه في تعاملهم مع هذه المدارس، وقال إنهم تهمهم مصلحة الطلاب وتعليمهم قبل كل شيء، وهذه المصلحة، تدرك الوزارة جيداً الخطوات السليمة لتحقيقها، والوزارة أشد حرصاً على فتح المدارس واستمرار جميع التلاميذ والطلاب في مدارسهم، ونناشد كافة أولياء الأمور ومؤسسي المدارس بأن يراعوا مصلحة ومستقبل فلذات أكبادهم.