في ذكرى مولد رسول الإنسانية، سيدنا محمد “صلى الله عليه وسلم”، لم أجد أفضل من أبيات عمه أبي طالب التي عُدّت أبلغ من المعلقات السبع، وهي أجمل ما قيل في مدح الرسول الكريم “صلى الله عليه وسلم”:
وأبيض يُستسقى الغمام بوجهه
ثِمال اليتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاك من آل هاشم
فهم عنده في رحمة وفواضل
تبارى الشعراء في مدح رسول الإنسانية عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، ولكن أبا طالب كان الأجمل والأروع وهو الذي كانت محبته لرسول الله “صلى الله عليه وسلم” صادقة منذ الطفولة، ويروى أنه كان يتعهد الرسول بمعاملة خاصة، وهو الذي رعاه بعد وفاة والده وقد تنبأ له بمكانة عندما يكبر، وبدأ في تعليمه التجارة واصطحبه في قافلة تجارية إلى بلاد الشام، وأثناء هذه الرحلة مروا على راهب اسمه “بحيرة” في منطقة بصرة، وكان من عادة هذا الراهب أن لا يخرج من الدير، لكنه عند مرور قافلة أبي طالب خرج فجأة واتجه ناحية سيدنا محمد وكان عمره آنذاك (١٢) عاماً، وقال بحيرة لأبي طالب: (في طريق القافلة ما من حجر ولا شجر إلا خروا سُجّداً وقد رأيت علامة النبوة عليه)، وكان يقصد خاتم النبوة بين كتفي الرسول الكريم “صلى الله عليه وسلم”.
أبو طالب من الذين عاشوا في حياة الرسول الكريم وزرعوا الحب.. ومن الذين عاشوا في حياته بإيجابية ومحبة، السيدة خديجة، التي كان لها الدور الكبير في حياة الرسول الكريم، وقد عرفت برجاحة عقلها ويكفي أنها اختارت الرسول الكريم زوجاً، وقال لها “صلى الله عليه وسلم” في إحدى المرات: (هذا جبريل قال لي إن الله يقريك السلام ويبشرك ببيت في الجنة من قصب لا صخب ولا نصب فيه)، وذلك مكافأة لها لوقفتها النبيلة مع الرسول الكريم. فقالت: (هو السلام ومنه السلام)، وقد أدركت بفطرتها أنها لا يمكن أن تقول لله سبحانه وتعالى “عليك السلام”. وكانت السيدة خديجة عندما ينزل جبريل على سيدنا محمد في الأيام الأولى وكان الرسول فزعاً تقول له: (كلا، أبشر فو الله لا يخزيك الله أبداً.. إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق).
الذين عاشوا في حياة الرسول كثر، ومنهم السيدة فاطمة، ابنته التي كانت أحب الناس إليه، والسيدة عائشة زوجته المخلصة التي نقلت عنه العلم والدين وكانت خير الزوجة، وسيدنا أبو بكر الصديق الذي جسد الصداقة بمعناها العظيم، وسيدنا عثمان الذي تبرع بكل ماله لتجهيز جيش العسرة وقال عنه الرسول الكريم بعد ذلك: (ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم)، وسيدنا الفاروق عمر الذي أعز به الإسلام.. وهل أنسى علي الكرار الذي جسد البطولة والتضحية في أبهى صورها.
الحديث عن خلفاء وصحابة رسول الله “صلى الله عليه وسلم” يطول، وهو كان وسطهم كالقمر، وعاش بينهم شجاعاً كريماً جسد كل القيم النبيلة. لم يقل الرسول لا أبداً في حياته لمسكين أو فقير أو أي شخص طلب منه حاجة.. طلب رجل مرة إهداءه قميصه فلامه الناس وقالوا له: (كيف تطلب هذا الطلب وأنت تعرف أن الرسول لا يملك غير هذا القميص)، إلا أن الرسول استجاب له، وكان رد الرجل: (أريد أن يكون هذا الثوب كفني بعد موتي)، وفعلاً مات الرجل بعد فترة وتم تكفينه بثوب الرسول “صلى الله عليه وسلم”.
كان سيدنا محمد “صلى الله عليه وسلم” شهماً، تجسدت فيه النخوة العربية والمروءة.. يروى أنه كان يتفقد الأسرى بعد إحدى الغزوات فخاطبته امرأة بين الأسرى بقولها: (يا محمد خلي سبيلي، أنا ابنة أكرم العرب، أنا سفانة ابنة حاتم الطائي) فخلى سبيلها وبالغ في إكرامها وقال لها: (لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه)، ولمّا رجعت إلى قومها خاطبت أخاها عدي ابن حاتم الطائي وطلبت منه أن يذهب ويجلس مع سيدنا محمد “صلى الله عليه وسلم”، وقالت في وصف الرسول: (إنه يحب الفقير ويفك الأسير ويرحم الصغير ويعرف قدر الكبير، وما رأيت أجود ولا أكرم منه)، وقد أسلمت وأسلم عدي بعد مقابلته للرسول، وكان عدي قبل ذلك مهدراً دمه لإساءته إلى سيدنا محمد “صلى الله عليه وسلم”، ولكن بعد مقابلته للرسول عفا عنه وأسلم، وأسلم قومه.
هذا هو سيد العالمين ونبي الرحمة عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فماذا يريد الأغيار منه ومن الإسلام والمسلمين؟ وهم يتعمّدون في كل مرة الإساءة برسوماتهم، وهذه المرة حفلة الإساءة تحت رعاية الرئيس الفرنسي الأحمق ماكرون.
سيرتد عليهم حقدهم الأسود وإساءاتهم الصدئة.. والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العظيم: (إنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ).. هذه بشرى لنا تجعل قلوبنا تطمئن بعد موجة الحزن والغضب على أفعال الأحمق ماكرون وزمرته.
محمد رسول الله “صلى الله عليه وسلم” هو النور والضياء هو البدر طلع علينا
بأبي أنت وأمي يا رسول الله.