اتصلت علي طالبة جامعية مُثقلة بالهموم والأحزان، صوتها كئيب وحديثها بائس، كانت تسأل، “هل سمعتم بمشكلتنا؟.. من الذي سيهتم بها؟”
بدأت تسرد ضياع نحو سنتين من عمرها، منذ بِدء الثورة نهاية 2018، حتى اليوم لأسبابٍ مختلفة ولا أحد يتطرق لمشكلتهم.
بعد يومٍ واحد، اتصلت طالبة أخرى من كلية الطب بجامعة نيالا، تحدثت عن عدم وجود أساتذة لتدريس المنهج، وعدم توفر معامل، بل أشارت إلى انقطاع دائم للماء والكهرباء وعدم وجود أي مطعم أو استراحة داخل الكلية..
بعد ساعات وجدت مشكلة من نوعٍ آخر، طلاب كلية طب الأسنان بجامعة مأمون حميدة، من المستوى الأول حتى الرابع، أُبلغوا رسمياً من مدير الجامعة بالبحث عن جامعة أخرى بديلة بعد مصادرة معدات الكلية.!
صدقت الطالبة فاطمة وهي تسأل “من سيتهم بمشكلتنا.؟”
فالشاهد أن تعثر الطلاب في إكمال دراستهم الجامعية، ليس موضع اهتمام من الدولة ومسؤوليها، فلم أسمع أو أقرأ مجرد إعراب عن القلق.!
حتى الوزيرة التي دخلت لتكنس وتمسح آثار الكيزان كما أعلنت بعد تسلم مهامها، لم تغضب من “مرمطة” الطلاب وتعرضهم للإذلال، ليس بسبب أموال أو رسوم، إنما لتخبط الدولة ولجانها في قرارات متضاربة ولضعف متابعة وزارتها لما يحدث من تردٍّ في جامعات تقع تحت مسؤوليتها..
أن تتعثر الحكومة في تحسين معاش الناس وتتخبط في السياسات، أهون مئة مرة من إضاعة أعمار الطلاب نتيجة قرارات إدارية خاطئة، فالأخيرة لا تُغتفر.كثير من الطلاب الذين ينتقلون إلى جامعات أخرى، يضطرون إلى إعادة عام كامل، وتختلف الرسوم المقررة بين المكان السابق واللاحق، فضلاً عن اختلاف البيئة والمكان والاسم وأشياء لا تعد ولا تحصى..
كل هذا لماذا؟ .. بل مسؤولية من هذه..؟
هل يصعب على الدولة توفير بيئة مقبولة للطلاب لاستكمال دراستهم..؟ ألا يمكن أن تنأى بالصراعات السياسية عن الطلاب ومستقبلهم وإضاعة أعمارهم..؟
معظم الأشياء يُمكن أن تنصلح، لكن العمر الذي يمضي لا يعود، فارحموا هذه الأجيال من تخبط قرارات بضعة أفراد.