أين رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك؟ .. لماذا لم يخرج للشعب السوداني ليجيب لماذا طبع علاقات بلادنا مع إسرائيل .. اعتاد حمدوك كثيراً (دفن الدقن) .. ومن الصدف والحديث عن إسرائيل، انطبق عليه حديث بني إسرائيل لسيدنا موسي: (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ).
نقول لحمدوك ليس كل الأوقات تجدي سياسة الانزواء أو إغلاق الأبواب في وجه الآخرين .. التطبيع قضية استراتيجية أمنية وسياسية من الدرجة الأولى.. صمتك قد يضر بالخطوة التي تمت.. بالمقابل أنظروا للطرف الآخر.. وأعني رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان .. اتفقت أو اختلفت معه، فإنه قاد وبشجاعة خط التطبيع.
خرج للعلن مباشرة عقب عودته من أوغندا ولقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فبراير الماضي .. حرصت على تلبية دعوة التنوير التي قدمها مكتبه لرؤساء التحرير.. كتبت مرتين عن لقائنا بالبرهان .. قلت في زاوية 7 فبراير 2020 (خيوط اللعبة الآن بيد البرهان .. وربما ذلك ما يقلق الحرية والتغيير .. وتخشى تمدد (العسكر) ليصلوا مرحلة تلقي التحية من (الشباب).. لا سيما وأن مايحدث يفسر كتسويق لشخصية البرهان في الغرب .. خاصة وأن المؤهل حالياً لمتابعة ملف إزاحة السودان من القائمة (الإرهابية) هو البرهان .. رغم أن الأمر لا يليه.
وأشرت إلى أن البرهان تحدث معنا بثقة مفرطة .. وكنت قد لفت انتباهه عندما أتيحت لي فرصة الحديث، إلى ارتكابه ذات أخطاء النظام السابق .. الذي ظل يقدم دون أن يقبض .. ولكن البرهان أطلق ذخيرة (التطمينات) .. وكتبت (الراجح أن الجنرال نظف المنطقة الأمامية من الألغام).. أكبرت فيه شجاعته وصراحته .. وتوقعت ذلك فمن شعارات الجيش (وري وشك) ، (أرمي قدام) .. لولا التنوير وقتها حول لقائه نتنياهو لما مر التطبيع الآن بكل هذه السلاسة.
رغم تعالي أصوات رافضة له بالأمس وهو أمر متوقع كان أبرزها حركة الإصلاح الآن والتي وصفت الصفقة بالرخيصة .. ومن جانب حزب البعث الذي سحب تأييده للحكومة .. أن التعامل مع المسائل المصيرية والحساسة .. لا يجدي معها الحديث المعسول، والكلمات الفضفاضة التي يجيد حمدوك التعامل بها.
رفع البرهان كثيراً من الحرج عن حكومة حمدوك بدفاعه عن التقارب مع إسرائيل .. رغم أن حمدوك بعدها تنصل عن مباركته لقاء (البرهان /نتنياهو) .. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد وقد خرج الناطق باسم الحكومة وتناول ثلاث مسائل كانت تعني بشكل صريح أن الخرطوم ستظل كما هي عاصمة (اللاءات الثلاث).
احترمت صمت البرهان .. وبالفعل (السكوت من ذهب) .. حيث لم يأبه لصراخ الحكومة وتضليلها للرأي العام .. وأمس تداولت منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو قديم للناطق باسم الحكومة .. ومؤكد أنه الآن في موقف لا يحسد عليه .. وهو ينوه في المقطع ، إلى أن السياسة الخارجية اختصاص الجهاز التنفيذي.. وأنه ليس من أولويات الحكومة الآن، لما أسماه التنكر للشعوب المضطهدة والمناضلة –في إشارة لفلسطين – .
ثم تأكيداته أن العلاقات مع إسرائيل شأن يتعدى اختصاصات الحكومة ذات التفويض المحدود.. ويجب أن ينظر فيها الجهاز التشريعي والمؤتمر الدستوري.. أعتقد حان الوقت بأن تنظر الحكومة و(قحت) لعلاقتهما مع العسكريين بكثير من التعقل .. وأن يقولوا للبرهان (شكراً).
مع العلم أن واقع الحال يقول إن هذه الكلمة لم تعد صالحة للتداول.
آخر لحظة الصادرة اليوم الاثنين 26 اكتوبر 2020