ومن عجب ان بعض اطراف الحاضنة السياسية التي يقودها دكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء يطعنون في قرار التطبيع مع اسرائيل ويلوحون بالتصعيد وسحب دعمهم للحكومة دون ان تسعفهم الشجاعة الكافية لتقديم الاستقالة عن مواقعهم السياسية والتنفيذية..
والادهي ان احزاب الحاضنة الرافضة للتطبيع تتمسك بالكراسي وتنسي المبادئ وتتنكر لمواقفها المعلنة ضد اسرائيل، صمت الجميع وهللوا للخطوة دون ان يطرف لهم جفن، خلعوا اثواب الحياء وجلسوا عراة من المبادي بعد ان سقطت ورقة التوت- التي كانت تستر عورتهم السياسية- في مستنقع تاييد التطبيع مع اسرائيل.
لم نقرأ استقالة لوزراء لو تنفيذيين عاشوا حياتهم في جلباب البعث والناصريين والقوميين العرب، واستمدوا وجودهم في منصة السياسة من مبادئ ترفض الاعتراف باسرائيل ، لم نسمع عن انسحابات من الحكومة لاطراف تقاسمها المواقع والامتيازات صمتت صمت القبور وقد كانت تصدعنا صباح مساء وهي تهتف علي طريقة شعبان عبدالرحيم (وبكره اسرائيل .. اييييييه).
اين الاتساق بين المواقف والمبادئ ولماذا تستمر احزاب مثل البعثيين والناصريين والشيوعيين والامة في حكومة داست علي كرامة شعاراتهم المعلنة ومضت الي التطبيع مع اسرائيل دون ان تاخذ مجرد التفاتة للوراء؟! .
لايحسبن احدهم ان كاتب المقال ضد التقارب السوداني الاسرائيلي الامريكي، فقد دعونا مرارا الحكومة منذ العهد السابق للبحث عن مصالحها في اي مكان، وعدم اقحام العواطف السياسية في توجيه علاقاتنا الخارجية مع الحفاظ علي كرامتنا الوطنية بعيدا عن اجندة المحاور والتجاذبات الاقليمية، الواقع انني اتحسر جدا علي ضياع القيم والمبادئ وضعف الاستقامة السياسية في احزاب تبيع مواقفها لمن يدفع اكثر ولا تستنكف من البصق علي تاريخها مقابل البقاء علي كراسي الحكم.
انهم يحلمون باي انجاز حتي وان غرس خنجرا في خاصرة حاضنتهم السياسية، ارايتم كيف جيروا ماحدث لمصلحة تغريدة ( شكرا حمدوك)، حدث هذا بالرغم من الحقيقة الشاخصة التي تقول ان الفريق اول عبدالفتاح البرهان هو الذي فتح طريق التطبيع مع اسرائيل عبر لقاء رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو في فبراير المنصرم بيوغندا ،وان رفع اسم السودان عن لائحة الارهاب لم يكز الا جزرة حصلنا عليها مقابل العلاقات مع اسرائيل، وان ما تحقق كان نتاجا لمفاوضات الامارات بين البرهان وفريق المحادثات الامريكي وجدت حظها من مدفعية ثقيلة صوبتها اصوات الحاضنة السياسية التي تهلل للتطبيع الان ، وترفض دفع فواتير الانحياز للمبادئ عبر نافذة الاستقالة من الحكومة.
بربكم ما الذي يحمل احزاب تستند علي ارث القومية العربية للموافقة علي التطبيع مع اسرائيل، اين المواقف والمبادئ ام ان كراسي السلطة اجمل مما يعتنقون، اين الانموذج المرجو في تقديم الدروس المرتبطة بالانحياز الجهير للقيم والمبادئ السياسية ، لماذا يستمر رافضو التطبيع في مواقعهم ويستمرون جزءا من حكومة خانت شعارات احزابهم ومبادئهم التاريخية وضربت بها عرض الحائط، المضحك انهم يتمسكون بالمناصب والامتيازات ويهددون – مجرد تهديد- بسحب دعمهم للحكومة.
حينما كتب الصديق ضياء الدين بلال
(سنتركهم يخلعون ثيابهم قطعة قطعة ويتخلصون من شعاراتهم الزائفة واحدا بعد الآخر ، وحين تذهب السكرة وتحضر الفكرة سيجدون أنفسهم عراة أمام عين التاريخ))، قلت له ان بعض الذين يحكمون الان قدموا عراة من القيم والمبادئ ، اذ ليس لديهم ما يخلعونه ابتداء .
عبثية وفوضوية الراهن السياسي تتجلي ضعفا في الانحياز للمبادئ وغيابا للاستقامة الاخلاقية بما يجعل من الاتساق بين الشعارات والمواقف مهمة صعبة للذين لاهم لهم سوى كراسي الحكم، اذ بات المشهد مفتوحا علي (ناد للعراة) بعد ان خلعوا ثيابهم وباعوا شعاراتهم الزائفة..، من تقدم باستقالته من الحكومة او انسحب من حاضنتها احتجاجا علي التطبيع مع اسرائيل… لاحزب.. لا احد… حتي كتابة هذا المقال بعد 48 ساعة من التطبيع .
صحيفة اليوم التالي