الخرطوم: صديق رمضان
في حدث استثنائي لم تشهده العاصمة السودانية الخرطوم منذ العام 1964 الذي انهت فيه ثورة شعبية حكم الجنرال إبراهيم عبود ،يعود التيار الاسلامي للتحالف مجددا اليوم في ذكرى ثورة 21 اكتوبر مع الحزب الشيوعي ليس لإسقاط حاكم عسكري كما حدث قبل 56 عاما بل من أجل تغيير حكومة فترة إنتقالية أعقبت ثورة ديسمبر التي أبعدت الجنرال عمر البشير عن سدة الحكم.
وإلتقاء اليسار واليمين في السودان يعد أمر نادر الحدوث تاريخيا، ففي ثورة أكتوبر عام 1964 كان لكل تيار منهما إسهاما بنسبا متفاوتة في وضع حد للحكم العسكري الأول الذي شهده السودان عقب استقلاله من الإستعمار البريطاني بعام واحد.
وظلت العلاقة بين الحزب الشيوعي والتيار الاسلامي متوترة ولم يسبق ان حدث تلاق بينهما بل ظل العداء منذ حادثة طرد نواب الشيوعي من البرلمان في ستينيات القرن الماضي من الأحداث التي يستدعيها انصار كل طرف لتغذية الشعور السالب المتبادل .
وفي فترة حكم نظام الانقاذ الذي استمر لثلاثة عقود فان الحزب الشيوعي لم يجد بعد التضييق عليه غير العمل السري او ماتعارف عليه النضال من تحت الارض،وقد تعرض قادته لابشع صنوف التعذيب من النظام الاسلامي وقتها ،وقضى القيادي الحالي للشيوعي صديق يوسف تسع سنوات من عمره وراء معتقلات الانقاذ واقبيته السرية.
غير أن الشيوعي والتيار الاسلامي ورغم العداء المستحكم بينهما الذي ارتفعت وتيرته عقب الحادي عشر من أبريل الذي شهد اقصاء الاسلاميين عن الحكم ،حدث تلاق بينهما في عدد من القضايا.
حيث تطابقت اطروحاتهما حيال مخرجات إتفاق سلام جوبا الذي أبرمته الحكومة السودانية مع الجبهة الثورية ،فقد أعلنا رفضهما له لأنه بحسب رؤيتهما لا يخدم أجندة الوطن.
وتطابق مواقفهما امتد ليشمل التطبيع مع إسرائيل الذي اعلنا رفضهما القاطع له ونددا بخطوة الحكومة الانتقالية في هذا الصدد ،وبدأ موقفهما متناغما في هذا الصدد.
ومجددا يعود الشيوعي والإسلاميين لتفعيل تحالفهما غير المكتوب وقد قررا الخروج اليوم في مواكب 21 اكتوبر مثلما فعلا قبل 56 عاما وذلك لإجبار الحكومة الإنتقالية على الرحيل.
فالحزب الشيوعي اصدر بيانا دعا فيه انصاره للخروج إلى الشارع لإعادة الثورة الي مسارها بعد ان أنحرفت عنه كما أكد،وذات الدعوة اطلقها المؤتمر الشعبي وقادة بالحزب المحلول المؤتمر الوطني.
ولايعرف أحد على وجه الدقة هل سيستمر التحالف اليميني اليساري بالسودان اذا مانجح اليوم في اسقاط حكومة الفترة الإنتقالية ام يعود الطرفان الي تبادل العداء بينهما كما جرت العادة حال فشلهما في مساعهما.
هكذا يحدثنا تاريخ التعددية الحزبية منذ الاستقلال يتوافق الضدان لمصالح حزبية ويتصادم الاخوان لمصلحة انية كفانا تعددية تحمل في طياتها العنصرية والجهوية واختلاف الراي وتعتد بأسلوب المحاصصة والخباثة من اجل مكاسب حزبية واخر اهتمامها مصلحة المواطن وتقدم الوطن