مناظير _ أسألوهم لا تتركوهم! _ زهير السراج
يجب أن يخرج الشعب بكل طوائفه وفئاته وشبابه ونسائه ورجاله الى الشوارع غدا ليعبر عن غضبه من الضائقة المعيشية الصعبة وانعدام ضروريات الحياة والصفوف الطويلة التي لا تنتهى والصمت المريب الذى تمارسه السلطة الانتقالية بكل مكوناتها من عسكر ومجلس سيادي وحكومة وحاضنة سياسية واحزاب وتجمعات ومسؤولين في كل المواقع الاتحادية والولائية، لا يفعلون شيئا سوى التشبث بمقاعدهم والتناحر مع بعضهم البعض وغلق الآذان عن صرخات المطحونين، وكأنهم يحكمون بلدا آخر غير السودان، فتح لهم أبوابه ليتحكموا فيه ويتقلبوا في نعيمه، بينما يتقلب الشعب كل يوم وساعة وثانية ولحظة في نار الجحيم المقيم!
أخرجوا الى الشوارع التي لا تخون وعبروا عن رأيكم في كل شيء بوضوح، وأخرجوا الغضب من صدوركم وانفخوه في وجوه الذين يجلسون على الكراسي الوثيرة ويتمتعون بكل شيء على حسابكم ويتركونكم للجوع والمرض والعدم والغلاء الطاحن والظلام الدامس وجيوش البعوض والذباب وتلال القمامة وعصابات النهب والخطف وانتهاكات العسكر والقتل بالرصاص في بعض الأحيان، ويستخسرون فيكم كلمة واحدة يوضحون فيها لماذا تتقلبون في الجحيم، لماذا تقفون في صفوف الخبز والغاز والبنزين بينما هم يكوشون على كل شيء، ويستثمرون أموالكم ويصدرون كل شئ من الذهب الى العملة الى اللحوم، ويبيعون المحاور الزراعية بملايين الدولارات كل يوم، ويحرمونكم من كل شئ حتى اللبن لأطفالكم الذين يتربص بهم شبح الموت كل يوم !
أسألوا البرهان وحميدتى وبقية العسكر لماذا لا يدعمون الخزينة العامة لماذا لا يدفعون ضرائب استثماراتهم الضخمة، لماذا لا يتركون إدارة المال العام لوزارة المالية، لماذا لم يلتزموا بالوعد الذى أطلقوه بدعم الميزانية العامة بمبلغ ملياري دولار، لماذا تطالب شركة الجنيد بتعويض خمسين مليون دولار مقابل التنازل عن جبل عامر وهو ملك للوطن والشعب، لماذا ينشغل العسكر بالاستثمار في اللحوم والصناعات الغذائية وبيع السيارات والمياه الغازية، بدلا عن تركها لوزارة المالية والوزارات المتخصصة والتفرغ لواجبهم المقدس في حماية الوطن .. أم أنهم جيش ودعم سريع وجند لدولة أخرى تستعمر السودان وتستنزف موارده لصالحها، ولا تعطيه حتى الفتات، ولقد بزت في ذلك المستعمر الحقيقي الذى عندما استعمر السودان كان أرحم على أهله من أبنائه الذين يستعمرونه الآن!
أسألوهم أين اصلاح المؤسسات العسكرية، ولماذا لم يقوموا بإعادة هيكلة قوات الدعم السريع حتى اليوم وإلغاء قانونها الذى يمنح قائدها سلطات لا يتمتع بها أي قائد عسكري آخر في السودان ولماذا لا تخضع مع قائدها لقانون القوات المسلحة الذى يخضع له أي جندي في الجيش من البرهان نفسه و حتى أصغر رتبة، ولماذا لم تدمج في القوات المسلحة حتى اليوم باختيار العناصر الصالحة للخدمة العسكرية وتنشئتها على العقيدة العسكرية للجيش بدلا عن عقيدة (حميدتى)، ولماذا تحارب حتى اليوم في اليمن باسم الشعب بدون أن يعرف عنها الشعب أي شيء!
أسألوا (حمدوك) عن الضعف الشديد لحكومته والاداء المخيب لوزرائه وعدم وجود برنامج واضح حتى اليوم، وعن كل شئ من تفكيك النظام البائد ومحاكمة المجرمين وهزالة الاعلام والصمت الغريب الذى يتعاملون به مع الشعب، ولماذا يسكت عن أفعال العسكر ولا يسألهم لماذا لم يدفعوا المبلغ الذى إلتزموا به، لماذا لا يطالبهم عيانا بيانا بتسليم أموالهم واستثماراتهم لوزارة المالية نيابة عن الشعب، ولماذا لا يقول كل شيء للشعب حتى يفهم لماذا هو جائع ومريض ومطحون وواقف ديدبان في الصفوف منذ أكثر من عام، على الاقل حتى يصبر على محنته ولا يفقد الامل في الاصلاح بدلا من تركه جائعا وحائرا!
أسألوهم وأرغموهم على الخروج من مكاتبهم الوثيرة بالهتافات العالية التي لا تتوقف، عسكر على مدنيين على مجلس سيادة على حكومة ووزراء ومستشارين، على حواضن سياسية وتجمعات وأحزاب لا تكل ولا تمل من الصراع ولعبة الكراسى، وأصرخوا في وجوههم، نعم أصرخوا في وجوههم بأعلى صوت، وطالبوهم بأن يقولوا لكم كل شيء .. ولا تستمعوا للذين يقولون لكم لا تخرجوا، ويريدون أن يحجروا رأيكم ويسكتوا صوتكم، ويخوفونكم بفزاعة الكيزان حتى تسكتوا عن فشلهم وعجزهم وصمتهم!
صحفية الجريدة