تحقيق : شذى الشيخ
استفحلت ازمة الدواء عقب خروج شركات الدواء الاجنبية
ودق صيادلة ناقوس الخطر، ورسموا صورة قاتمة للوضع الدوائي بالبلاد وعزا تفاقم أزمة الأدوية الى ارتفاع الدولار، ووصفوا الوضع بالكارثي.
وشكا مواطنون من انعدام عدد من الادوية من بينها دواء الملاريا وبخاخ الازمة، والمحاليل الوريدية، بالاضافة الى الادوية المنقذة للحياة ، وارجع مدير الإدارة العامة لشؤون الولايات بالصندوق القومي للإمدادات الطبية د.عبدالرحمن الجعلي، تدني الوفرة في الأدوية بسبب الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
تباطؤ الحكومة :
واتهم تجمع الصيادلة المهنيين رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك وحكومته بالتباطؤ وعدم الاهتمام بملف الدواء، وحمله مسؤولية إنسحاب عدد من الشركات المستوردة للدواء من السوق وتسريح عدد مقدر من الموظفين، وانهيار قطاع الصيدليات التى لحقت بها خسائر مادية لاتحصى خلال الفترة الماضية، واعلنت عن تشريد الآف من الصيادلة العاملين بصيدليات المجتمع التى تمثل ركيزة من ركائز القطاع الصحي وملجأ للمواطن في ظل الازمة الاقتصادية الطاحنة التى يمر بها، ووصفت الوضع الكارثي، وقال تجمع الصيادلة في بيان لهم ، ظللنا نترقب طيلة الفترة السابقة ماجادت به تصريحات رئيس الوزراء والتزامة بتوفير 30 مليون دولار من خلال محفظة السلع الاستراتيجية، إلا أننا وحتى الآن نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً ورأى أن انهيار قطاع الصيدلة اصبح واقعا معاشا لجهة ان الازمة أصبحت تضرب بخناقها على جميع المستويات وكشف عن أن مستندات استيراد الدواء ظلت طيلة الاسبوعيين السابقيين في ادراج محفظة السلع الاستراتيجية دونما أي استجابة .
قرار غير سليم :
من جهتها وصفت عضو تجمع الصيادلة المهنيين د. سماهر المبارك وضع الدواء في السودان بالكارثي والسيئ والخطير، وقطعت بان المشكلة اكبر من الشركات سواء في القطاع الخاص أو العام، واشارت الى ان رئيس مجلس الوزراء اصدر قرار يقضي باستيراد الدواء بتخفيض 10%، بالاضافة الى الغاء آلية استيراد الأدوية وقالت لم يضع رئيس الوزراء الية بديلة لاستيراد الدواء، وانتقدت القرار، ووصفته بغير السليم ، وأردفت بعد ثلاثة اشهر عاد رئيس الوزراء وأصدر قرار جديد لإنشاء الية لاستيراد الدواء الا انه قام بالغائها قبل تنفيذ القرار بأسبوعين، ووتحسرت على مآلات الأوضاع في قطاع الدواء وزادت للاسف ازمة الدواء لم تظهر حتى الآن بشكل واضح لعدم اصطفاف المرضى امام الصيدليات مثل الخبز والوقود، واعتبرت الدواء من الاولويات قبل الخبز والوقود، وكشفت عن اطلاق هاشتاق ” مافي دواء” عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتسليط الضوء على خطورة الوضع الصحي بالبلاد ، وذكرت ب( هناك تحديات تواجه القطاع العام والخاص، واوضحت أن القطاع العام مفروض أن يقوم بسداد 20 مليون دولار كل عشرة اشهر من جملة 200 مليون دولار، واكدت على ان وزارة المالية لم تدفع للامدادات الطبية سوى 10 مليون دولار، ووصفتها بالمأساة الحقيقية، وكشفت عن انعدام الدواء بالامدادات، وتساءلت كيف ينعدم الدواء بالامدادات الطبية؟ وأعلنت عن الادوية انعدام كل جرعات مرض السرطان، ومستلزمات غسيل الكلى .
واعتبرت أن التحدي الاكبر الذي يواجه القطاع الخاص والشركات العاملة في قطاع الأدوية ارتفاع سعر الدولار بالسوق الموازي مما تسسب في خسائر متواصلة لتلك الشركات، وحملت مسؤولية خروج تلك الشركات الى رئيس مجلس الوزراء، لجهة انه اصدر قرار قضى بتسعيرة الدواء، وتساءلت كيف تبيع الشركات الدواء بسعر الحكومة وهي تشتري الدولار من السوق الاسود؟
تشريد صيادلة:
من جهتها كشفت عضو تجمع الصيادلة المهنيين عن تشريد عدد من الأطباء الصيادلة من وظائفهم، بالاضافة الى ارباك سوق الدواء، ونوهت الى أن الاثر الاكبر يترتب على المخزون الاستراتيجي من الدواء نسبة لخروج تلك الشركات، ، وكشفت عن وفاة عدد من المرضى بسبب انعدام الدواء ، وشددت على ضرورة وضع قرار واضح للآلية التي يتم استيراد الدواء بها حتى يتمكن المواطن السوداني من الحصول على حقه في العلاج ، بالاضافة الى الالتزام وتفعيل والمحفظة الاستراتيجية ، وطالبت بتوفير 55 مليون دولار للدواء على أن يتم تقسيمها بواقع 10 مليون دولار الى قطاع الصناعة، و 25 مليون دولار للاستيراد، و 20 مليون دولار للامدادات الطبية او القطاع الحكومي، وحذرت من أن يؤدي انعدام الدواء الى الانهيار الصحي التام.
توضيح الآلية:
وارجع تجمع الصيادلة المهنيين انفجار أزمة الدواء منذ يناير الماضى بسبب توجيه رئيس الوزراء لبنك السودان المركزي بإلغاء تخصيص دولار للدواء، وشدد على رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك وكبير مستشاريه الشيخ خضر ومساعده د.أمجد فريد بضرورة الإسراع لتوضيح الآلية البديلة، مشيراً الى ان الحكومة تعهدت والتزمت بتوفير علاج آمن وفعال وفي متناول يد المواطن، حتى لا تحدث أزمة في الدواء والقطاع الصيدلاني والصحة بشكل عام.
الدفع بمذكرات :
ونوه التجمع الى أنه دفع بعدد من المذكرات الى مجلس الوزراء تضمنت مقترحات حلول الا أنها لم تجد أية استجابة ، فضلاً عن تنفيذ عدد من الوقفات الإحتجاجية أمام مجلس الوزراء بالشراكة مع بقية الصيادلة في القطاعات والاجسام الصيدلانية المختلفة والتي نتج عنها الوعد بإيفاء الدولة بالتزاماتها تجاه الدواء بمختلف قطاعته الحكومي منه ( الصندوق القومي للإمدادات الطبية) والخاص (قطاعى الاستيراد والصناعة الوطنية) وآخرها تصريح رئيس الوزراء في خطابه للشعب في الثاني والعشرين من أغسطس والتي تعهد فيها بتوفير 30 مليون دولار شهرياً وأستدرك قائلا لكن لم يُنفذ منها شئ حتى الآن وهي وعود تُشابه في فحواها ممارسات النظام البائد إن لم تكن اكثر سوءاً.
واعتبر أن استمرار الأزمة لعشر أشهر يعكس قِلة اهتمام الحكومة بصحة مواطنيها وأمر علاجهم ومكان ذلك من قائمة أولوياتها وإستخفافها بأمر الدواء والقطاع الصيدلاني، وقال ( يتجلى ذلك في عدم لقاء الاجسام الصيدلانية والجهات الفنية المختصة (المجلس القومي للأدوية والسموم والصندوق القومي للإمدادات الطبية وإدارة الصيدلة الإتحادية) رغم طلبها ذلك اكثر من مره لاستصحاب رؤاها بكل ما تملكه من خبرات وتأهيل.
ونوه الى ان كل تلك التحديات ساهمت في تأزم الوضع من سيء الى أسوأ حتي وصل الحضيض، واردف تجمع الصيادلة المهنيين الوضع الدوائي في السودان اليوم لا يَخفى على أحد سواء كان من المختصين أو المواطنين مما انعكس سلباً علي القطاع الصحي ككل فلا يمكن أن يستقيم الظل والجسد أعوج)
اتهام بالتهرب:
واتهم رئيس الوزراء ووزارة المالية بالتهرب من تحمل المسؤولية تجاه الدواء وإعلان سياسات دون تنفيذ بوزارة المالية أن تعمل على خنق المؤسسات الصيدلانية حتى عجزت عن تسيير أعمالها.
شكاوى:
واشتكى التجمع من جملة من الاشكالات ولخصها في معاناة المجلس القومي للأدوية والسموم في الحصول على الدعم المطلوب لتسيير أعماله حتى وصل الأمر لعدم قدرته على طباعة الوصفات الطبية الخاصة بالأدوية المخدرة، فضلاً عن توقف النظام الإلكتروني نتيجة لعدم المقدرة على سداد فاتورة خدمة الانترنت الشهرية، بجانب عدم صرف استحقاقات العاملين، واضاف : بل وصل الأمر لعدم القدره على توفير الوقود اللازم لتشغيل مولد الكهرباء عند انقطاع التيار الكهربائي، بالاضافة الى عدم التزام وزارة المالية بسداد فروقات النقد الأجنبي بالعُملة المحلية للامدادات الطبية، بجانب عدم الإيفاء بتوفير النقد الأجنبي اللازم لتوفير الأدوية المنقذة للحياة، وأوضح التجمع تم توريد 45 مليون دولار فقط منها 35 مليون دولار عبارة عن مديونية من العام السابق( 2019) من جملة 200 مليون دولار كان يفترض توفرها لصالح الإمدادات الطبية من بداية العام، مما ادى الى انقطاع اصناف كثيرة من الأدوية المهمة، وبالاضافة الى تسبب خلل في الإيفاء بالتعاقدات الطويلة التي تقوم بتوفير علاجات مرضى الكلي والسُكري والسرطان والمحاليل الوريدية ومستلزمات بنوك الدم
خروج شركات :
وكشف أمين نقابة الصيادلة أمين مكى عن خروج ٣ شركات كبرى مستوردة للادوية عن السوق وتوقع خروج المزيد من الشركات بسبب مديونيتها وعدم توفير التمويل اللازم للاستيراد وأعلن عن ندره فى المحاليل الوريدية وأدوية الأمراض المزمنة مشيرا إلى عدم التزام وزارة المالية بسداد ضمانات المحفظة للسلع الاستراتيجية وفقا للاتفاق الذى تم بين شعبه الصيادلة والمصنعة وأوضح مكي أن وزاره المالية رفضت مبادرة المحفظة الاقتصادية بحجة عدم انطلاقها من وزارة الصحة وذكر هنالك شركات مديونة لا تستطيع السداد فى الوقت الذي زاد من سعر تكلفة ومن ثم سيواجه المواطن ندرة حادة وقال هنالك ادوية بالمخازن والصيدليات لا تستطيع شراؤها أو يتم الشراء بطريقه قانونية و منذ انطلاقه المبادرة كان فرق سعر الدولار فى السوق الموازى والرسمى ١٢٠ جنيه وحاليا تضاعف مما انعكس على زيادة منصرفات الشركات دون عائد وشدد مكي على ضرورة التزام وزارة المالية بسداد الضمان وفقا للاتفاق
توقعات بانتهاء الأزمة :
وكشف عضو غرفة مستوردي الأدوية يوسف شكاك عن شحنة أدوية جاهزة للشحن وصل جزء منها لميناء بورتسودان ومطار الخرطوم تقدر بمبلغ 30 مليون دولار في انتظار محفظة السلع الاستراتيجية لتحويل المبلغ للمصانع الخارجية، وأشار شكاك في حديثه لبرنامج (كالآتي) الي “ان تحويل المبلغ تعترضه مبالغ لم يتم سدادها لوزارة المالية ومحفظة السلع الاستراتيجية منوها الي ان هذا الإجراء استمر اكثر من شهر” واعتبر ان إجراءات استيراد الأدوية تمر بمراحل عديدة الي ان تصل مرحلة الفواتير لمحفظة السلع الاستراتيجية، وقال شكاك ان تحقيق الوفرة الدوائية يحتاج لاستيراد دواء بمبلغ 30 مليون دولار شهريا لمدة أربعة أشهر للوصول الي نسبة (60- 70)٪ من الوفرة الدوائية علما بأن احسن حالات الوفرة في السودان تتراوح مابين(3-5)٪، وتوقع عضو الغرفة ان تنتهي أزمة الدواء في خلال شهرين اذا لم يتم الالتزام بسداد مبالغ الدواء وحول التصنيع المحلي للدواء قال شكاك ان المشكلة تكمن في تحديد الأسعار متوقعا ان يصل الإنتاج المحلي للأسواق خلال أسبوع بعد لقائهم بوزير الصحة
ناقوس الخطر:
ودقت لجنة صيادلة السودان المركزية ناقوس الخطر مطالبة الحكومة بوجوب التحرك العاجل لإيجاد حلولٍ جذريةٍ ومستدامة لملف الدواء، تشمل معالجات عاجلة لإمداد المناطق المتأثرة بالحميات في الولاية الشمالية وغيرها من الولايات بالأدوية اللازمة، وسد النقص الحاد في أدوية الملاريا والأمراض المزمنة والأدوية الأساسية المنقذة للحياة .
وأكدت اللجنة في بيانها ،أن أزمة الدواء ممتدة منذ عدة أشهر مما نتج عنها إنعدام للأدوية المنقذة للحياة وللأمراض المزمنة في ظل عدم إلتزام وزارة المالية والمحفظة بتعهداتها بتوفير العملة الأجنبية الأمر الذي فاقم من الأزمة لافتة إلى الحلول المؤقتة من الحكومة دون حل جذري.
ضرورة توفير الادوية :
من جهته تعهد وزير الصحة الإتحادي المكلف د.أسامة أحمد عبدالرحيم، بدعم وزراته للدواء، مؤكدا على ضرورة توفير الأدوية والوصول إلى معالجات فعالة وحاسمة لتوفيره، وشدد عبدالرحيم لدى اجتماعه بشعبة مستوردي وشركات الأدوية ببرج اتحاد الغرف التجارية وبحضور مدير عام المجلس القومي للأدوية والسموم، على أهمية جميع الأدوية خاصة المنقذة للحياة، وأضاف ( أزمة الدواء أثرت على الصيادلة والمواطنين، ولفت عبدالرحيم، الى انه تم الوصول مع مصنعين للأدوية المحلية الى حلول ستلعب دورا مهما في توفر الأدوية.
,وفي السياق قال الأمين العام للغرفة القومية للمستوردين د. الصادق الجلال، إن وزارة الصحة تقوم بدورها الكامل في إيجاد حلول لمشاكل الدواء
تدنى الوفرة :
ارجع مدير الإدارة العامة لشؤون الولايات بالصندوق القومي للإمدادات الطبية د.عبدالرحمن الجعلي، تدني الوفرة في الأدوية بسبب الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
ولفت الجعلي خلال مخاطبته الجلسة الإفتتاحية للورشة التدريبية التعريفية لمديري الفروع والمديرين الماليين التى انطلقت امس الاول بمركز عبدالحميد ابراهيم للتدريب بالامدادات،إلى النهوض بالصندوق والمشاركة في إصلاح النظام الصحي وتوفير خدمة إمداد طبي مستمرة وتوحيد سعر الدواء في جميع الولايات منوها إلى مطابقة الأسعار برئاسة أفرع الصندوق بالولايات بنسبة 100%ومطابقة الأسعار بالمرافق الصحية بنسبة 90%.
وأكد الجعلي،على تنفيذ سياسة وزارة الصحة الاتحادية في توزيع أدوية برنامج العلاج المجاني للأطفال دون الخامسة بمستشفيات ومراكز ووحدات صحة الأسرة بالولايات.
ولفت ،إلى توزيع أدوية البرامج المختلفة الى الولايات (الطوارئ والعلاج بالقيمة والدعم الخارجي ونقل الدم والأطفال) بنسبة 100%،وأعلن عن ارتفاع التغطية بالمرافق الصحية إلى 88% مقارنة مع الأعوام السابقة مشيرا إلى ان تغطية المستشفيات بأدوية العلاج بالقيمة بلغت 98%