تقرير : النورس نيوز
ما أن انتشر خبر مفادا حول امهال الحكومة الأمريكية السودان (24) ساعة لتقديم جواب بشان العرض الذي قدم للخرطوم بازالة اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للارهاب مقابل تطبيع العلاقات مع اسرائيل حتى تضاربت ردود الافعال بين موافقة البعض على التطبيع منهم رئيس مجلس السيادة ،ورفض رئيس مجلس الوزراء وبعض الأحزاب بقوى الحرية والتغيير ،الأمر الذي قد يفجر أزمة بين أطراف الحكومة الانتقالية ،بين شدّ وجذب مكونات الحاضنة السياسية والحكومة الانتقالية ستشهد الساعات القادمة الخبر اليقين من التطبيع.
التطبيع مربك
اعتبر نائب رئيس حزب التحالف السوداني محمد فاروق كلمة “التطبيع” مربكة في تعريف العلاقات الخارجية وبشكل خاص في مسألة العلاقة مع اسرائيل، وقال فاروق لـ(النورس نيوز) فقد ظل الاعتراف باسرائيل نفسها محل نقاش تجاوز الاقليم العربي ليشكل موقف من كل دول العالم وقد تم اعتبار الصهيونية نفسها كنظام عنصري وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3379، الذي اعتمد في 10 نوفمبر، 1975 بتصويت 72 دولة بنعم مقابل 35 بلا (وامتناع 32 عضوًا عن التصويت)، يحدد القرار “أن الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري”. وطالب القرار جميع دول العالم بمقاومة الأيدولجية الصهيونية التي حسب القرار تشكل خطرًا على الأمن والسلم العالميين.[1] وكثيرًا ما يستشهد بهذا القرار في المناقشات المتعلقة بالصهيونية والعنصرية. ألغي هذا القرار بموجب القرار 46/86 يوم 16 ديسمبر، 1991. وهو ما يهمنا هنا انه وفق الشرعية الدولية نفسها لم يعد اعتبار اسرائيل او “الصهيونية” ايدولوجيا عنصرية، لكن التجاوز الحقيقي لهذا التعريف تم باتفاق السلام الموقع بين الفلسطينيين والاسرائليين في واشنطن في سبتمبر ١٩٩٣، والذي عرف باتفاق اوسلو نسبة للمفاوضات السرية التي احتضنتها العاصمة النرويجية في العام ١٩٩١ والتي افضت لما عرف بمؤتمر مدريد، وان افضى الاتفاق لسلام مضطرب بين الفلسطينيين والاسرائليين ولكنه طوى صفحة القطيعة وعدم الاعتراف بدولة اسرائيل بالنسبة لاصحاب القضية انفسهم اي الفلسطينيين، وفق اتفاق اوسلو والذي قاد لتشكيل السلطة الانتقالية الفلسطينية كان مفترض ان يتم حل شامل للقضية الفلسطينية وفق قراري الامم المتحدة ٢٤٢ و ٣٣٨ بِمَا لا يتعدى السنة الثالثة من بدا تطبيق الاتفاقية.
انقسام الفلسطينين
وأوضح فاروق أن تناول العلاقات مع اسرائيل يتم وفق مواقف لا تساعد الفلسطينيين انفسهم وللاسف هذه المواقف ساهمت حتى في الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، بالنسبة للسودان وبعد ثورة ديسمبر نعتقد في حزب التحالف العلاقات الخارجية يجب أن تحكمها مرجعيات ومباديء تتسق وروح الثورة نفسها فيما يختص باحترام القانون وقرارات الامم المتحدة التي يجب ان تحدد اطار علاقتنا مع العالم الخارجي، نحن لنخرج من تركة ثقيلة للنظام السابق في تهديد السلم العالمي ووجود السودان في قائمة الدول الراعية للارهاب وهو امر يجب ان نعي ان تفكيكه يحتاج منهج مختلف وعمل دؤوب في البناء المؤسسي والقيم التي تحكم علاقاتنا الخارجية، وأضاف هذا لن يعني ابدا اقامة علاقات ثنائية وفق رغبات اطراف اخرى؛ فاستعادة الارادة الوطنية واستقلال قرارنا من اهم واجبات الثورة السودانية، ولا اظن ان ربط رفع السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب مع التطبيع مع اسرائيل امر يمكن قبوله؛ فهذين مسالتين منفصلتين تماما، حتى وان كنا لا نمانع في منافشة علاقات ديبلوماسية مع اسرائيل والتي لا يجب ان تكون ضد حقوق الشعب الفلسطيني وتحكمها المرجعيات التي اشرت اليها.
الشيوعي الكيان عنصري
أما موقف الحزب الشيوعي السوداني يختلف حسب القيادي بالحزب صديق فاروق قائلا إن نظرة حزبه للكيان الصهيوني ظلت ثابتة من حيث هو كيان عنصري ومعادي لكل الحركات الوطنية التحررية في العالم بأسره وبمختلف أعراقه ودياناته، ولا غرابة انه وجد ضالته في المؤسسة العسكرية السودانية التي تعاني من حالة فصام عن المجتمع وثورته ضد الاسلاميين الطفيليين الذين ابتدروا معهم محاولات التطبيع ووقال صديق لـ(النورس نيوز)قطعت الثورة السودانية تطور لقاءاتهم السرية التي حدثت مؤخرا ،وتابع موقفنا في الاصل هو انحياز للشعب الفلسطيني المقهور ونضاله ضد الاحتلال وما محاولات التطبيع الا استمرار لتوسعة المستنقع الاستخباراتي ببلادنا، واستمرار محاولات امراء الخليج لسرقة ثورات الشعوب على الانظمة الديكتاتورية فى المنطقة وافراغها من مضمونها الديمقراطى الثورى الذي يقوم على السلمية وينشد السلام.
الموضوعية بدل التهويل
بينما يعتقد نائب رئيس التحالف السوداني ان هناك تهويل في تاثير عملية التطبيع مع اسرائيل، ولولا الضغط الذي تمارسه ادارة ترمب الان كان يمكن مناقشة هذه العلاقة في سياق اكثر موضوعية، الدعم الذي تشترطه واشنطن الان كثمن للتطبيع كان اولى ان يكون ثمنا لدعم التحول الديمقراطي والسلام في السودان، وذكر العالم احوج لسودان معافى بعد سنوات طوال من القهر السياسي وايدولوجيا هددت سلامه وسلام العالم وامنه، ونحن كسودانيين ايضا احوج لمناقشة امورنا من خلال تعزيز روح انتماءنا واعتماد ادارة مواردنا وتنميتها لمعالجة ازماتنا الاقتصادية، بعد فصول القهر السياسي وطي صفحة الحرب السودان اقدر برايي على الخروج من مشروع دولة فاشلة لنموذج تنموي سيخاطب وبشكل ايحابي كثير من القضايا التي تشكل تحديات للعالم الان وفي مقدمتها الارهاب والهجرة ومعالجة اسس فساد انظمة الحكم في الدول التي تعتبر مصدرا لهذين التحديين. يمكن للثورة السودانية ان تتيح نموذجا للنجاح الذي سيسهم في تغيير وجه العالم،واضاف وفق المرجعيات التي تحكم الشرعية الدولية ومقررات الامم المتحدة لا نرى ان السودان لديه موقف اخر من ما يسمى بالتطبيع، ولا نعتقد ان المواقف الايدولوجية لبعض القوى السياسية السودانية تتعدى كونها مواقف نفسية تجاوزتها الاحداث وَلَن تخاطب حتى مصالح الفلسطينيين ناهيك عن مصالحنا كسودانيين، نحن فقط وكما اشرت ننظر لمجمل علاقتنا الخارجية في اطار يحفظ الارادة الوطنية ويصون استقلالها.