كل المتحدثين من الرؤساء الذين شهدوا حفل توقيع اتفاق جوبا .. ناشدوا عبد العزيز الحلو للانضمام للسلام .. أمس وفي عودتنا من العاصمة الجنوبية حيث شهدنا ذات المناسبة .. ونحن بالمطار بالجنوب، علمنا أن وفداً، من الحرية والتغيير اجتمع بالحلو بمقر إقامته بجوبا.
يبدو الأمر محيراً بعض الشيء .. جوبا ترقص للسلام، والرئيس عبد الفتاح البرهان يغني للسلام .. والكل فرح بالسلام، ثم يستشعروا جميعهم أن الفرحة منقوصة بغياب الحلو .. ويطلقوا المناشدات وهو حاضر في جوبا ولعله من شرفة غرفته أو عبر التلفزيون الجنوبي تابع الاحتفال.
سيظل السلام غير مكتمل الحلقات بغياب الحلو وكذلك عبد الواحد نور .. لكن المهم جداً أن تبدأ الحكومة وبشكل جدي في ترتيب أوراقها لمفاوضة عبد العزيز منذ الآن ..حتى ينطلق قطار تنفيذ اتفاق جوبا.. التفاوض معه يتطلب استراتيجية جديدة وشفافية أوسع ورؤية أوضح.
وقبل أن نقفز إلى نصح الحكومة بالتعرف على مايريده الحلو .. مهم جداً أن يضم وفد التفاوض القادم قيادت الجبهة الثورية وفي مقدمتهم مالك عقار وياسر عرمان .. بل ما الذي يمنع أن يقود أحدهما الوفد؟.. على الأقل ستختصر الحكومة الكثير من الوقت والجهد .. نسبة لعلاقة الرجلين القوية والممتدة لعقود بالحلو ولمعرفتهم طريقة تفكيره وماذا يريد.
لحظة البدء في تنفيذ اتفاق جوبا فان عقار والحلو مسؤولان عن أي تأخير في التفاوض مع الحلو.. واذا كان عرمان أعلن للمقربين منه رفضه لأي منصب تنفيذي – وكنا رشحناه مرتين للخارجية – فاننا نرشحه لرئاسة المجلس التشريعي .. ولكن قبلها فليتحمل مسؤوليته التاريخية ويبدأ في التفاوض مع الحلو.
أكثر من مرة أرى أن ما أشيع من خلاف بين الحلو و(عقار/ عرمان) مجرد تكتيك .. شديد الشبه، بما فعلته الحركات المسلحة مع الإنقاذ وأعادته مع الحكومة الانتقالية .. وهي تتناسل يوماً بعد يوم، ويخرج من رحمها (حركات وحركات) ..بعضها يربطها وشائج القربى والدم.
المهم أن التفاوض مع الحلو يتطلب من عقار وعرمان أن يتحدثا بصوت جهير عن ما يريده، حتى وإن كان راغباً في رئاسة البلاد فهذا من حقه كونه سودانياً.. لكن المعلوم في كل الدنيا أنه ما من حركة تمردت على المركز ودخلت في تفاوض معه تم منحها كرسي الرجل الأول.. إلا إذا كان الحلو يحدث نفسه بالجلوس عليه بقوة السلاح.
وهذا يعني أنه يلحظ حالة من السيولة الأمنية بالبلاد .. ويتذكر معها أن قوات العدل والمساواة كانت على بعد كيلومترات قليلة من القصر الرئاسي بالخرطوم في مايو 2008م .. فما الذي يمنعه من تكرار التجربة .. وفي حقيقة الأمر هي مغامرة شديدة التهور.
إن على الحلو الانضمام إلى عملية السلام، وأن يأتي إلى الداخل وبعدها ينتظر الانتخابات .. ومرجح حينها أن يعود للتحالف مع رفاقه عقار وعرمان.
لكن عليه أن يعود للتفاوض، فلم يعد هناك مايناور به .. الحكومة متقبلة للعلمانية ومصير (المنطقتين) أقرته اتفاقية جوبا.. فليغزو الخرطوم (مسالماً)، لا (محارباً) .. تبدل الحال وذهبت الإنقاذ ولم يتغير الرجل .. أمر غريب !!.
آخر لحظة الصادرة الاثنين 5 اكتوبر 2020