المشهد المنقول من جوبا أمس كان رائعاً ومدهشاً، لحظات كبيرة وثمينة وتاريخية، وسلام من شأنه إرضاء الجميع..
ياسر عرمان، مالك عقار، جبريل إبراهيم وآخرون، عركتهم السياسة وخبروها، طوروا من فكرهم السياسي وأتقنوا العمل الميداني، أصبحوا أكثر انفتاحاً وليس أقوى رغبةً في الانتقام..
هم إضافة حقيقية ودفعة قوية للمشهد العام بكل فقره وبؤسه..
ما هو متوقع أن الاتفاقية التي أسعدت كثيراً من السودانيين أمس ورقصوا طرباً على أنغامها، قد لا تصمد كثيراً لتحديات حقيقية في بعض بنودها، ولخلافات متوقعة بين فصائل الجبهة الثورية من ناحية وخلافات منتظرة مع بعض كيانات قوى الحرية والتغيير من ناحية أخرى..
الترتيبات الأمنية والمسائل المتعلقة بالتسريح وإعادة دمج الحركات المسلحة، وليس فصائل الجبهة الثورية فقط، إنما حتى الدعم السريع، وذلك بنص الاتفاقية..
قلة المال وافتقاد الدعم المباشر وتباطؤ المجتمع الدولي في تقديم مساعدة ملموسة كلها أشياء قد تُعجل باهتزاز الاتفاقية..
لكن هناك أمل بالعبور، إن أخذنا في الاعتبار أن جميع النقاط القابلة للإنفجار معلومة لدى قادة الجبهة الثورية وكذلك الحكومة السودانية.
ما يحدث، يستحق أن يكون وقتاً للفرح بعيداً عن التنبؤ، وساعات للأمل بعيداً عن التحليل والمعلومات..
اتفاقية السلام ينطبق عليها إحساس التمسك بالحاضر أكثر من المستقبل الذي يبدو مجهولاً..
على الجبهة الثورية التي تضم فصائل مدنية ومسلحة، أن تعلم بأن قوتها حتى الآن في وحدتها، وأنها تملك الكثير.جميع الأحزاب السياسية بلا استثناء، سعت للمناصب ومن بعد حوزتها على المقاعد سعت للتمكين..
لكن مازال الأمل قوياً بأن يأتي ياسر عرمان ورفاقه إلى الخرطوم وولايات السودان لتمكين الأفكار لا المقاعد..
لم يعد الآن وقت العودة للماضي والوراء، ليس وقت التخوين وتقليب الدفاتر القديمة..
ما حدث أنهى حرباً راح ضحيتها آلاف الأبرياء، يستحقون أن تُخلد أسماؤهم بالعدل والوفاء والمحبة، بإعلاء قيمة الوطن والابتعاد عن الصغائر..
لن تُعاد مشاهد وأحاسيس الأمس، فكثير من الفرص غير قابلة للتكرار..
وإنها ليست كباقي الفرص..!