الخرطوم:صديق رمضان
في معسكري عطاش وابوشوك للنازحين بدارفور غرب السودان بدأ المشهد اليوم الجمعة وكأنما المواطنون يترقبون حلول احد اعياد المسلمين غدا..اما بولاية النيل الازرق فقد غادر مائة من الرموز السياسية والمجتمعية الي جوبا عاصمة دولة جنوب السودان..فيما تزينت مدينة كادوقلي حاضرة جنوب كردفان باعلام البلاد ..الرابط المشترك بين دارفور والمنطقتين الاستعداد للاحتفال بالتوقيع علي اتفاقية السلام غدا بالشطر الجنوبي للسودان ،وعلي النقيض تماما فان هذه المناسبة تأتي فرحتها منقوصة بشرق السودان في ظل إحتقان غير مسبوق.
فالشرقاويون الذين ظلوا يجأرون بمر الشكوي من التهميش منذ العام 1958 الذي شهد ميلاد حزب مؤتمر البجا ،ليس في تمام اتفاقهم مثلما كانوا قبل 62 عاما حينما التفوا حول كيانهم السياسي المطلبي،فقد ضرب جسدهم داء الاختلاف فباعد بينهم ووحدتهم التي اشتهروا به طوال العقود التي انصرمت عقب استقلال السودان من براثن المستعمر البريطاني.
والخلافات بدأت واضحة في مؤتمر جبيت الأخير بولاية البحر الاحمر أخيرا بارتفاع الاصوات الرافضة للمسار ،جاءات امتدادا لاحداث مماثلة عاصفة منذ بداية التفاوض بجوبا حينما اجترح مفاوضون بالجبهة الثورية تنحدر اصولهم من شرق السودان مسارا خاصا بقضايا الإقليم.
وعقب التوقيع علي إتفاق هذا المسار في خواتيم العام الماضي فان الشرق شهد احتقانا غير مسبوق وانقسمت مكوناته بين مؤيدة ورافضة للمسار.
فالمجموعات التي ترفض المسار ترتكز علي عدد من الاسانيد منها ان المفاوضون لم يحملوا تفويضا من شعب الاقليم للإنابة عنهم ،وهذا دفع منسوبي هذا التيار وعلي رأسهم ناظر عموم قبائل الهدندوة محمد الامين ترك التأكيد علي ان مسار الشرق لايمثلهم وانه لن يتنزل علي ارض الواقع مهما كانت الضغوطات ،ولوح هذا التيار اخيرا باستعمال سلاح الحكم الذاتي اذا مضت الحكومة في اعترافها بمسار الشرق.
علي الضفة الأخري من النهر فان من يؤيد المسار يؤكد علي ان من انابوا عن المواطنين في التفاوض والتوقيع من ابناء الشرق وان الاتفاق حقق للاقليم مكاسب كبيرة لايمكن غض الطرف عنها لمجرد وجود رأي في الذين تولوا عملية التفاوض وصولا الي التوقيع.
ولعب الخلاف حول هذا المسار دورا بارزا وراء اندلاع عدد من الاحداث العاصفة بالاقليم التي اودت بحياة مئات المواطنين ،ورغم ذلك فان الحكومة الانتقالية اظهرت التزاما واضحا للجبهة الثورية بالتمسك بانفاذ مسار الشرق وعدم التراجع عنه.
وغدا تشهد جوبا التوقيع النهائي عليه وهذا يعني ان الفرحة بهذا الإتفاق في الشرق لن تأت مكتملة وان إنفاذه علي أرض الواقع يحتاج الي تضميد الجراح وتقريب شقة الخلاف بين التيارات المتصارعة حوله،وهذا يلقي باعباء جسام علي الحكومة الإنتقالية .