-١-
لو قيل لك: حدِّد على وجه الدقة، العِلل المركزية في الحكومة الانتقالية، لن تجد ما هو جامعٌ ومانعٌ غير القول:
قِلّة الخبرة، وضعف التجربة، وإفراط الثقة في الخارج، واتّساع المزاعم، وعدم العناية بالمصداقية والشفافية!
واحدٌ من أهمّ أسباب سقوط النظام السابق، قبل اعتصام القيادة العامة، وانحياز الأجهزة الأمنية والعسكرية، نفاد رصيده من المصداقية والثقة في أقواله وأفعاله معاً.
إلى آخر يومٍ في حياته السياسية، لم يستطع النظام السابق أن يتجاوز عُقدة (اذهب إلى القصر رئيساً وسأذهب إلى السجن حبيسا).
-٢-
في عالم ثورة المعلومات والاتصال، واتساع دائرة الوعي السياسي، لم تعد الأكاذيب قابلةً للتسويق أو الصمود أمام الحقائق.
كثيرٌ من الأفراد والكيانات ظلَّوا معتقلين في أكاذيبهم اعتقالاً أبدياً.
-٣-
حتى لا نطلق الكلام على عواهنه ونصدر الأحكام جزافاً، دون حيثيات، علينا تقديم ما يؤكد عدم الشفافية وما يحيط بالمصداقية من ريب وشكوك.
خذ مثلاً: منذ البداية (قولة تيت)، مضى زمن طويل لتحديد الوثيقة الدستورية الحقيقية.
فقد كان الحديث يدور حول وجود وثيقتين، ولا يعرف أيتهما المعتمدة وسيتم العمل بها؟!
وإلى اليوم لا يعرف أحد كيف حسم الأمر؟!
بعد فترة أُثير جدلٌ مُشابهٌ: عن الاتفاق بين حمدوك والحلو بأديس أبابا.
كان الجدل حول عدم التطابُق بين إعلان المبادئ المكتوب باللغة الإنجليزية، والبيان المشترك المكتوب باللغة العربية!
وإلى اليوم لا تعرف حقيقة ما تمّ الاتفاق عليه؟!
-٤-
خطوة سيادية مُهمّة وحَسّاسة.. تضع السودان في شبه انتداب أجنبي (البعثة الأممية):
قرّرها وأمضاها رئيس الوزراء مُنفرداً، دُون عرضها على حاضنته السياسية، ولم يستشر فيها شركاءه العسكريين!
كشفت الصحافة العالمية، الخطاب قبل أن يتم الإعلان عنه رسمياً!
رئيس المجلس السيادي قابل، رئيس الوزراء الإسرائيلي بيوغندا دون وجود قرارٍ أو اتفاقٍ على ذلك!
علم الجميع خبر المُقابلة من وسائل الإعلام الإسرائيلية!
-٥-
صدر قرارٌ بتشكيل لجنة تحقيق حول صفقات شركة الفاخر المُريبة:
لماذا لم تنعقد اللجنة إلى اليوم، رغم مُرور أشهر على قرار التشكيل؟ .. وما هي وضعية شركة الفاخر حالياً؟!
في أيّام الاعتصام، تمّ القبض على أشخاصٍ، وعرضت اعترافاتهم في الفضائيات على أنهم وراء قتل بعض المُعتصمين!
أين هم الآن.. هل تمّت مُحاكمتهم، أم تمّ إطلاق سراحهم؟!
-٦-
جاءت المحاولة الغامضة لاغتيال رئيس الوزراء، وقدِّمت كثير من المعلومات، وتمّت الاستعانة بـ(الف بي آي) وقتها، ومرّت ستة أشهر ولا جديد؟!
إلى الآن لا يعرف أحدٌ ما وصلت إليه التحقيقات، هل هي عملية إرهابية أم عملٌ سياسيٌّ داخليٌّ؟ ومن هُم المقبوض عليهم على ذمة التحقيق؟!
المُتفجِّرات التي تم الإعلان عنها في مؤتمر صحفي قبل أيّامٍ، وقيل بإمكانها نسف كل مباني الخرطوم، لا تزال القضية غامضةً:
هل مُرتبطة بعمل إرهابي أم تجاري ذي صلة بالتعدين؟ والمقبوض عليهم هل هم تُجّارٌ أم سياسيون أم إرهابيون؟!
-٧-
المجموعة المُتآمرة لاغتيال عضو لجنة التفكيك صلاح مناع والتي تحدّث عن اجتماعها بحي المجاهدين:
من هُم؟ ولماذا لم يتم القبض عليهم؟ وما هي تفاصيل المُخطّط؟!
وما هي تفاصيل مُحاولة اغتيال بابكر فيصل عضو لجنة إزالة التمكين:
هل تم فتح بلاغ؟ ومن هُم المُتّهمون؟ وووو؟!
الفاسد الفلولي، الذي ذكر وجدي صالح أنه قام بتقديم رشوة (2) مليون دولار وحقيبة ذهب:
من هو؟ .. وهل تم اتخاذ إجراءات ضده أم ماذا (حدس)؟!
-٨-
نفرة (القومة للسودان)، ما هي محصلتها النهائية؟ ، كم بلغت الأموال المُتحصِّلة؟ وما هي أوجه صرفها؟!
الأموال المُتبرّع بها لمواجهة جائحة “كورونا”:
كم بلغت تلك الأموال؟ وأين تم صرفها؟ وهل صحيحٌ أنّ وزير الصحة المُقال لم يقدم الى اليوم تقريراً تفصيلياً يُحدِّد أوجه الصرف ؟!
تبرُّعات مؤتمر برلين لشركاء السودان الدوليين:
هل تمّ الإيفاء بها؟ كم من المبالغ تمّ استلامها؟!
والأدهى والأمر ، لأول مرة في تاريخ السودان ، تتم إجازة تعديل على الموازنة السنوية، بصورة سرية!
لم تعلم بها لا الحاضنة السياسية، ولا مستشارو اللجنة الاقتصادية لرئيس الوزراء، دعك أن يشاوروا بشأنها ، ولم يتم نشرها رسميا حتى اليوم!!!
-٩-
وزير المالية السابق ذكر أنه سيدعم الميزانية من الأموال المُستردّة عبر لجنة التفكيك، وسيقوم ببيع دور الحزب المحلول في مزاد عالمي:
كم من الأموال المُستردّة دخلت خزينة المالية عبر اللجنة؟ .. وما قيمة دور الحزب المحلول؟ .. ولماذا لم ينعقد المزاد العالمي إلى مغادرة الوزير منصبه؟!!
إمعاناً في عدم الشفافية والرغبة في مُمارسة سياسة الغتغتة والدسديس، ظلّت غالب المؤتمرات الصحفية تُغلق فيها أبواب الأسئلة أمام الصَّحفيين!
للأسف كل القضايا أعلاه،محصنة بالصمت، أو مخبوءة في تلافيف زحام الأحداث المتلاحقة، رهانا على ذاكرة الأسماك!
-أخيراً-
على الحكومة والأجهزة الانتقالية، تقديم كشف حساب سريع للرأي العام.
كشف حساب يُوفِّر إجابات مُقنعة لتلك التساؤلات، قبل أن تتحوّل لاتهامات تفضي لإدانات.
إذا لم تنظر فيها المحاكم اليوم، ستُوثِّقها دفاتر التاريخ غداً.