الأخبار الرئيسيةمنوعات

نفيسة محمد محمود «السنينة» .. امرأة من رحيق العزيمة

أغمضت اغماضتها الأخيرة عصر السبت

الخرطوم: رندة بخاري

(السنينة وجحا) شخصيات لا يمكن للذاكرة أن تسقطها إذ كان يطوفا معا كل المسارح ليقدما عروضاً مسرحية توعوية.

وبعيداً عن بعضها البعض، فلكل منهما تجاربه الدرامية والمسرحية وكما فرقت سبل الحياة بين الثنائي جحا والسنينة التي ودعت الفانية أمس السبت بعد رحلة صراع مع المرض.

ونقلب اليوم أوراق سيرتها الذاتية الحافلة بالعطاء في عدد من المجالات الإبداعية

الناس طرب في حي العرب

الممثلة الراحلة نفيسة محمد محمود المعروفة في الوسط المسرحي ( بالسنينة) واحدة من نساء السودان المبدعات فهي ابنه أم درمان وتحديدا حي العرب ذلك الحي الذي رفد البلاد بعدد وافر من المبدعين (شعراء، فنانين، ملحنين) لذا ما أن يذكر اسم حي العرب حتى يقال (تلقى الناس طرب في حي العرب).

وفي هذا الحي تلقت السنينة مراحلها الدراسية وبدأتها من الكُتاب لتنتقل بعدها للمرحلة الابتدائية في مدرسة الاتحاد النسائي، أما المرحلة الثانوية فدرستها بمدرسة المليك بابي روف.

الشرارة الأولى

ظهرت موهبتها باكراً وهي طالبة في الكتاب الذي تذهب إليه من اجل حفظ القرآن الكريم. ولم يكن الكتاب يحصر دوره فقط في حفظ كتاب الله، فكان هناك اهتمام بالمناشط، وعلى سبيل المثال: التشجير المنزلي، الطبي بجانب الرياضة وعمل الإسكتشات الخفيفة. فبدأت نفيسة في أداء بعض الأدوار الخفيفة، فتلك كانت الشرارة الأولى وتحديداً في حقبة الخمسينيات.

ما بالكم

نفيسة كغيرها من الممثلات شكت من أسرتها وعانت من رفضها لولجها مجال التمثيل. وقالت في أحدى حواراتها معنا : (كانت الأسر ترفض بتاتاً أن تدخل أحدى كريماتها للتمثيل، وعندما قبعت في المنزل وانقطعت عن مواصلة تعليمي تم قبولي كمعلمة في أحد أقاليم السودان، وعلى الرغم من أن تعليم النشء رسالة سامية، رفضت أسرتي كذلك أن أسافر فما بالكم بالتمثيل.

فواصل درامية

استسلمت نفيسة ولم تسافر لتصبح أستاذة، ولكنها كانت على موعد سطرته لها الأقدار فكانت على علاقة صداقة مع بنات المذيع عبد الرحمن إلياس، وكانوا على علم بموهبتها، فطلبن من والدهن أن يجد لها فرصة عمل بالإذاعة، فطلب منها أن تدرس آلة كاتبة ليجد لها وظيفة بالإذاعة، وبالفعل ذهبت ودرست وعادت إليه مرة أخرى، وطلب منها البقاء في الإذاعة حتى ظهور الوظائف، وأثناء تلك الفترة عملت في برامج الأطفال حيث كانت تقوم بأداء اسكتشات صغيرة، وعملت أيضاً في ركن المزارع، إذ كانت تقدم فواصل درامية قصيرة، ولتعمل بدأب في الحسابات، وزاملت فيها كل من فاطمة رحمة الله، آمنة عبد القادر في قسم الآلة الكاتبة. اما الممثلات فبنات دفعتها هن فوزية يوسف، بلقيس عوض، نعمات حماد بجانب بعض الممثلات.

من الإذاعة إلى المسرح

لم تترك نفيسة رحمه الله عليها المذيع عبد الرحمن إلياس رحمة الله عليه، وكانت تجلس معه في مكتبه وكانت تجاوره الأستاذة سميرة مدني التي تقدم في تلك الفترة برنامج الأسرة، وبحكم جيرتها لإلياس، كانت تعرفها جيداً.

أيضاً جاور إلياس الأستاذ محمد حسين خليل وكان يعمل أيضاً في برامج الأسرة والطفل، فأصبحت نفيسة تشارك معهم.

بدأت الراحلة مشوارها من الإذاعة قبل أن تنتقل إلى المسرح، وتلك قصة أخرى مفادها أن كان كلا من الممثل الراحل الفاضل سعيد، تور الجر، أبو قبورة، يقدموا برنامجاً اسمه فرصة سعيدة مع المذيع عمر عثمان، وكانت تؤدي معهم بعض الأدوار، هي تقدم فقرة، وأبو دليبة يقدم فقرة، وهكذا وهؤلاء هم الذين انتقلوا بها من العمل بالإذاعة إلى المسرح، وكانوا يعملون في مسرح الريفيرا (مسرح باب الاذاعة).

مواسم مسرحية

كما هو معروف أن الأستاذ الفكي عبد الرحمن أول مدير للمسرح القومي هو صاحب فكرة المواسم المسرحية التي لا زال المسرحيين يتحدثون عنها بفخر لما شهدته من ازدهار للحركة المسرحية، وبحسرة على ما آل إليه حال المسرح اليوم من هروب للجمهور منه بجانب ضعف الأعمال المقدمة وفى تلك المواسم التي انطلقت في العام 1967م قدمت نفيسة محمد محمود عدد من الأدوار عبر أعمال مسرحية لازال الناس يذكرونها وهي (المك نمر) وهو أول عمل أدته من على خشبة المسرح، سنار المحروسة، إبليس، الزوجة نمرة 22، كلاب لهب.

وكانوا وقتذاك يطوفون أقاليم السودان المختلفة بعروضهم تلك وروت لنا نفيسة ذات يوم أنها وضعت أسرتها أمام الأمر الواقع، بالرغم من معارضة بعض أفراد الأسرة، وفي النهاية نزلوا عند إصرارها وتركوها تواصل مسيرتها فكيف لا وهى وحيدتهم، ومحل احتفائهم والدلال.

لم تقف نفيسة طيب الله ثراها عند الإذاعة والمسرح فدخلت التلفزيون أيضاً، وبدأت مرة أخرى من برامج الطفل والأسرة وعملت في حكاية يحيى شقيق الممثل يحي شريف، وعملت مع سليمان احمد حسين المعروف بجحا، وقدمت معه دور السنينة فأصبح من الصعب أن تعمل مع غيره، فعرفهما الناس كثنائية جحا والسنينة. واعتقد البعض أنهم زوجين لذا بعد وفاته عندما كانت تلتقي ببعض المعارف من خارج الوسط يسألوها (لم لست في بيت الحبس). تجربة ظلت تتحدث عنها نفيسة بفخر وكانت تقول (أنا سعيدة بها لان الجميع أعجب بها، لذلك رسخت في أذهانهم.

أما أعمالها التلفزيونية هي (الدلالية، كلاب لهب، دولار ريال شيك سياحي… وأعمال أخرى).

زوجها من الوسط

تزوجت نفيسة من الوسط المسرحي فزوجها الأستاذ بلال احمد محمد خير كان ممثلاً في فرقة الممثل الفاضل سعيد، والتقيا مع بعضهما في فرقة الفاضل ولكنه لم يواصل في طريق التمثيل، وفتح له محلاً تجارياً بينما واصلت في التمثيل.

أدوار لا تناسبها

كانت تبرر الممثلة الراحلة نفيسة محمد محمود غيابها عن الساحة المسرحية والدرامية بان الأدوار التي تقدم لها لا تناسبها. وعلى حد قولها رحمة الله عليها إنها كانت تقدم أعمالاً مسرحية من واقع حياتهم التي يعيشونها، وعندما يأتي الجمهور يستفيد مما يقدم، ويخرج من المسرح وهو قد استفاد وشاهد شيئاً مفيداً، أما جيل اليوم فنجده يميل إلى حد كبير ل تقديم عروض غالبيتها ضاحكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *