حديث المدينة _ عملة جديدة .. لماذا؟ _ عثمان ميرغني
(غيروا العملة) هذه العبارة اسمعها وأطالعها في وصفات العلاج المحلية للواقع الاقتصادي التي يستخرجها البعض من حزمة مسلمات ثابثة في العقلية السودانية.
بالله عليكم ما جدوى تغيير العملة طالما الأسباب ذاتها متوفرة لتجعل العملة الجديدة تقع في المصير ذاته الذي أدى إلى تغيير العملة القديمة؟
وزيرة المالية المكلفة، د. هبة محمد وبكل أريحية قالت إن تصاعد أسعار الدولار بسبب سببه شراء الدولار بأي سعر باستخدام عملة مزورة، وهي بذلك شطبت كل عملتنا الوطنية، فلن يفرق أحد بين مزورة وحقيقية، طالما الوزيرة تعلن على الملأ أن عشرات المليارات (المزورة) تتدفق إلى الأسواق لشراء الدولار بأي سعر، فهي مجرد أوراق مطبوعة لا تكلف شيئاً غير وخز الضمير.
لنفترض أن الحكومة اليوم أعلنت تغيير العملة، وطبعت العملة الجديدة، فما الذي يجعل المزورون يتوقفون عن التزوير؟ وما الذي يجعل العملة الجديدة تسري في شرايين النظام المصرفي بدلاً من أن تخزن في اليوت؟ وما الذي تغير غير شكل وتصميم ورسومات العملة؟
بدلاً من إضاعة المال في طباعة عملة جديدة، ومكلفة للغاية، الأفضل قليل من المال في توسيع التطبيقات المالية الإلكترونية، والسير قدماً في التخلص من العملة الورقة أو تحجيم تداولها إلى أبعد حد.
تطبيقات الحكومة الالكترونية وتوسيع نظم الدفع الالكتروني ستسهم في امتصاص العملة من الأيدى والبيوت إلى شرايين وأوردة النظام المصرفي، وسيأتي يوم قريب لن يحمل أحد العملة في جيبه ويصبح التداول الالكتروني هو السائد في كل مكان، وستختفي مهنة النشالين العريقة.
كما أن تيسير التداول المالي الالكتروني يطور التجارة الالكترونية بصورة كبيرة مما يساهم في ازدهار الأعمال عموماً وتوفير الوقت والجهد، وفوق ذلك يحقق واحداً من أهم الاحترازات الصحية المطلوبة لمكافحة فيروس كورونا.
من الحكمة البحث دائماً عن الحلول التي تتوافق مع مطلوبات المستقبل، فعالم اليوم –وبعد تجربة كورونا- بدأ التخلص من المكاتب واستبدالها بالعمل عن بعد من أي مكان عبر الانترنت.
لا حاجة لتغيير العملة، الأفضل التخلص من تداولها بتطوير نظام الدفع الإلكتروني.
الحل في الغاء الفئات الكبيرة وجعل فئة العشرون جنية اكبر فئة مما يجعل الجميع يورد للبنك ويستخدم الكروت الذكية مما يسهل فرض الرقابة الالكترونية ومتابعة حركة السيولة والله الموفق