طبيعي جداً أن تعلن الحكومة شكلاً جديداً من أشكال حالة الطوارئ .. وهي الطوارئ الاقتصادية .. وأن تسند المهمة إلى القوات النظامية لحماية الاقتصاد من التخريب .. وهي ذات القوات التي ظلت محل اتهام بالعمل على تخريب الأقتصاد عبر شركاتها واستثماراتها.. وعدم الهبوط في مطار وزارة المالية.
لجأت الحكومة إلى الحلول الأمنية العقيمة، لمعالجة المشكل الاقتصادي .. ذات الطريق الذي سارت عليه الإنقاذ في أواخر أيامها .. وتحديداً قبل شهرين من سقوطها عندما أصدرت أوامر طوارئ .. قيدت حتى وزن الذهب المسموح للمرأة المغادرة البلاد بإرتدائه.
مضت الإنقاذ في ذلك الطريق الملغوم في ظل انعقاد لجنة سعر الصرف برئاسة البشير وكان سعر الدولار يرتفع يوماً بعد يوم .. والآن تمضي الحكومة الانتقالية في ذات الطريق والدولار يحلق عالياً .. مستخدمة ذات الأدوات الفاشلة وذات التفكير الغبي قصير النظر .. الذي سيورد البلاد مورد الهلاك.. ما أشبة الليلة بالبارحة.
حسناً .. قلنا طبيعي أن تلجأ الحكومة الانتقالية لمعالجة المشكلة الاقتصادية باتباع الأساليب الأمنية وذلك بعد أن عجزت في التعامل مع الملف الاقتصادي، بواقعية ووفقاً للمعطيات الحقيقية .. لا التقديرات الخيالية والوعود الوهمية على شاكلة المصادرات الدولارية المليارية.. ما كنت أتمنى لوزير الإعلام فيصل محمد صالح أن تتملكه نظرية المؤامرة ليعلن عن حرب في خياله فقط .. لا أثر لها على أرض الواقع بوجود عمل منظم لتخريب الاقتصاد.
الذي أقعد بالحكومة تعاملها سياسياً مع الاقتصاد .. ذادت (المرتبات) وهي لا تملك (إيرادات) .. ولذلك عجزت عن الإيفاء بمرتبات عدة جهات في موعدها منها القوات النظامية، حتى اضطرت وزيرة المالية المكلفة هبه محمد على للاعتذار للجيش .. ظل صادر الثروة الحيوانية في تراجع مستمر .. وتعيد المملكة السعودية باخرة تلو أخرى .. ولا تتعامل الحكومة بحسم مع المتسببين في الكارثة.
تراجع صادر الذهب وبصورة مخيفة.. فقابلت الحكومة الأمر بالإعلان عن حلول مضحكة على لسان رئيس اللجنة الاقتصادية محمد حمدان (حميدتي) بوزن النساء وهن ملأى بالذهب في طريقهن إلى دبي، ووزنهن عقب عودتهن دونه .. وتوعدهن حميدتي بالسجن عشر سنوات.
لكن المشكل الأكبر أن رئيس الوزراء د.عبد الله حمدوك لم يستعد مبكراً لما بعد (تسقط بس) .. ولذلك أوصد الباب باكراً – بعد نحو أقل من شهر من أدائه اليمين الدستورية – أمام أي تعاون من جانب الأشقاء .. وقد التقى وزير خارجية السعودية أبراهيم العساف في نيويورك .. وقال له (بلادنا لا تحتاج إلى منح وهبات).
وللمفارقة جاء وزير المالية البدوي وبعد شهر من حديث حمدوك ليفاجئ الجميع .. معلناً أن موازنة 2020 ستمول من أصدقاء السودان .. وهي المرة الأولى في تاريخ البلاد أن يتم تصميم موازنة بهذه الصورة .. ثم واصلت الحكومة التعامل مع الاقتصاد من باب السياسة، بالإعلان عن تطبيق خطة لصرف مدفوعات نقدية مباشرة للأسر الفقيرة.. كانت الحكومة في حاجة لأكثر من مليار دولار لتنفيذها.
وواصلت الحكومة ذات نهج التضليل أو عدم الدراية – سيان – والبدوي يبشرنا باعفاء الديون قبل العام 2020 .. هذا بخلاف الحديث السياسي المتواصل للجنة إزالة التمكين وتأكيدها مع كل مؤتمر بتحويل الأراضي والعقارات والأموال الطائلة المصادرة إلى وزارة المالية.. كان الحل في يد الحكومة بضبط الانفاق العام .. وتوظيف ماهو متاح من موارد .. واستثمار السند الشعبي قبل عام ،ثم التعاون مع الأصدقاء.
قالت الحكومة لن نعتمد على أي (هبة) وهاهي تعتمد على (هبة) في وزارة المالية التي رفعت التحية للقوات النظامية.
آخر لحظة الصادرة اليوم السبت 12سبتمبر 2020