قبل الكارثة..!- شمائل النور
لو أعادت إحدى الصحف أو المواقع الإلكترونية أو بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي أي مادة أو صورة عن فيضانات وسيول ٢٠١٣ ونشرتها اليوم سيتطابق الوضع تماماً مع ما يجري حالياً، نحن فعلاً بلد لا يشبه إلا نفسه، كل شيء سيء باق في محله، لدينا قدرة هائلة في الحفاظ على المستويات المتقدمة في الفشل والعجز.
صحيح أن فيضان النيل هذا العام هو الأعنف وسجل النيل مناسيب قياسية فاقت التوقعات، لكن في الأصل هو ما جرى عليه الحال كل عام، وصحيح أن المشكلة الرئيسية ربما تكمن في أن غالبية المناطق المنكوبة هي في الأصل مجاري سيول، لكن يظل التعامل بعد وقوع الكارثة لا يتغير.
وصادف هذا العام أن البلاد للتو بدأت تنفك من حظر جائحة كورونا الذي عطل كل شيء.لا يزال النيل غاضباً والسماء محتقنة، ما يشير إلى احتمالات أسوأ، والتوقعات الخاصة بالمناسيب لم تعد بذات الدقة والتطابق الذي كانت عليه قبل سنوات، لأن التغير المناخي فعل فعلته.
الدعم الإقليمي من الجيران ودول الخليج إن كان عينياً أو تضامنياً والذي حظي به المواطن جراء هذه الأزمة، على قيمته الكبيرة إلا أنه ينبغي أن يفرض علينا التوقف كثيراً لنسأل أنفسنا، حتى متى نستقبل المساعدات سنوياً ونترقب دعم الجيران والأصدقاء؟
أيام قليلة ويعود النيل إلى هدوئه وتفك السماء احتقانها، لكن بالمقابل سيخلف ذلك آثاراً بيئية وصحية تستدعي العمل لمحاصرتها الآن وليس بعد ما تقع. ستتفشى الإسهالات والكوليرا وغيرها من الأمراض المرتبطة بالموسم والتي ظلت تحصد الأرواح سنوياً عقب كل موجة سيول وفيضانات، وهذا وضع يحتاج الترتيب مبكراً ابتداءً من اليوم وليس الغد.
اللافت أن الحكومة أعلنت حالة الطوارئ بينما لا يزال هناك فراغ وزاري لا يليق بهذا الوضع الطارئ، وزارات مثل (الصحة والمالية) لا تحتمل أقل مستوى من الفراغ لمجابهة حالة الطوارئ.
وضع الطوارئ المعلن والوضع المزري في الواقع لا يحتمل وضعاً مؤقتاً داخل هذه الوزارات، ما عليه الحال الآن يحتاج العمل على مدار الساعة وبصلاحيات تمكن اتخاذ القرارات سريعاً
وزارتا الصحة والمالية عليهما الاستعداد لمعركة ما بعد الفيضان لمجابهة الوضع البيئي والصحي أو على أقل تقدير محاصرته الآن للخروج بخسائر قليلة.