دمار 4 الآف منزلاً و13 ألف فدان.. حصيلة غضب النيل على ولاية تحمل إسمه
الدامر : تقرير إخباري : صديق رمضان
يجلس الخمسيني حامد عبدالرحمن؛ على جسر شيده السكان بقرية “البسابير” وهو يراقب مياه النيل التي غطت مساحات واسعة من ضمنها مزرعته التي تبلغ خمسة أفدنة؛ والتي قضى الفيضان على مغروستها بعد ان غمرتها المياه وتسببت في تلف محاصيل بستانية منها البصل؛ ويبدي “حامد” حزنه على ضياح حلمه وتبدد شقا ايامه، وذات الحسرة التي ملأت جوانح المزارع حامد فانها تسيطر على مئات المزارعين بولاية نهر النيل؛ الذين تكبدوا خسائر فادحة على صعيد الزراعة والمنازل التي ايضا تحولت في عدد كبير من القرى إلى حطام، فالنيل هذا العام جاء فيضانه كاسحا وغير مسبوق.
المسيكتاب..النيل يقسو
على ضفاف النيل بولاية يشتق اسمها منه فان شريان الحياة بدأ قاسيا على منطقة المسيكتاب، وفيضانه غير المسبوق لم يكتف بتدمير أكثر من اربعين منزلا وتحويلها إلى ركام بل حتى الاموات في مرقدهم كان لهم نصيبا من تمرد النهر العظيم حينما غمرت المياه قبورهم.. وفي جولته التي سجلها لولاية نهر النيل للوقوف على حجم الخسائر التي خلفها فيضان النيل، بدأ عضو المجلس السيادي البروفسيور صديق تاور، متأثرا بخسائر المواطنين الذين سعى لتخفيف وقع الألم عليهم وهو يؤكد وقوف الحكومة بجانبهم معنويا وعينيا ،واختار التجوال راجلا على أحياء القرية وبجانبه والي الولاية الدكتورة أمنة الفكي.
وقال رجل يبلغ من العمر 93 عاما يدعى عبدالله انه لم يسبق له ان شاهد مثل فيضان هذا العام ،ورغم الخسائر المادية الكبيرة التي طالت المنازل الا انه تحسر في حديث (للنورس نيوز) على التلف الذي تعرضت له كل البساتين والمزارع التي تقع إلى الشرق من النيل،معتبرا ان هذا يؤثر على حياة السكان لاعتمادهم بشكل اساسي على الزراعة.
انحياز وزغرودة
وبعد جولة تفقدية وقف فيها الوفد على الآثار الكارثية التي خلفها فيضان النيل لم تجد والي ولاية نهر النيل الدكتورة آمنه الفكي؛ غير ان تتوقف حينما اطلقن نساء المسيكتاب زغردوة بددت سكون القرية الوادعة التي يحتضنها النيل.. كانت الوالي في طريقها إلى سيارتها غير ان اكثر من مائة امرأة وشابة اطلقن زغرودة عالية فلم يكن امامها خيارا غير ان تتوقف وتلقي عليهن التحية، واكدت لهن حرصها على حل مشاكلهن والوقوف بجانب نساء الولاية؛ كما حظيت الوالي امنه الفكي باحترام من رجال القرية وحرصت على الانصات لاحاديثهم حول تردي الخدمات واثار الفيضان.
وبدأ لنا واضحا ان مجتمع نهر النيل يتعامل مع تعيين امرأة في منصب الوالي بوعي خاصة في القري، وبدأن النساء فخورات بهذا الأمر الذي تمثل بوضوح في خروجهن باعداد كبيرة لاستقبالها وهو الواقع الذي دفع امرأة ستينية إلى مخاطبة فتيات القرية وهي تؤكد ان هذا هو حصاد التعليم وطالبتهن باتخاذ الوالي امنه نموذجا.
شندي وحديث الثورة
في مدخل كبري شندي المتمة فقد انهمك الشباب في تقوية الجسر حتى لايجتاح حاضرة دار جعل، ورغم انهماكهم في العمل الا ان هذا لم ينسهم المخاطر التي تحدق بالثورة التي ماتزال تعتمل في صدورهم وعبروا عن هذا صراحة ،فما كان من الوالي امنه المكي غير طمأنتهم بتأكيدها على لجان المقاومة هي الرقيب على الثورة واداء الحكومة، ورأت ان ادوارها كبيرة في المرحلة القادمة،كاشفا عن ان الثورة لم تكتمل بعد لعدم تكوين كل هياكل السلطة الانتقالية وابرزها المجلس التشريعي.وقالت إن لجان المقاومة التي فجرت الثورة هي الرقيب على الثورة من واقع سدها للثغرات ،وقالت إن دورهم في التصدي للفيضان بانحاء الولاية المختلفة يؤكد حرصهم على المضي قدما في طريق النضال.وتعهدت للثوار بالاستجابة لمطالبهم والعمل على تفكيك دولة الانقاذ.
العطبراوي يدمر ام رهو
لم ينحصر الفيضان على النيل فقد تمرد ايضا نهر العطبراوي الذي مارس هوايته المحببة في اجبار سكان قرية “ام رهو” التي تقع قبالته على الابتعاد نهائياََ عن شاطئه بعد ان غمر المنازل وتسبب في انهيار اربعمائة منزل .واجبر الفيضان المواطنين على هجرة ارض اجدادهم واختيار موقعاََ بديلا يبعد سبعين كيلو من قريتهم المنكوبة.
وتفقد وفد عضو المجلس السيادي البروفسير صديق تاور المواطنين في القرية الجديدة التي نصبت فيها خيام مهترئة ،وقال ممثل المواطنين إن الفيضان تسبب في تلف المحاصيل ونفوق ستمائة رأس من الماشية ،و شكى من العطش لعدم توفر مصادر لمياه الشرب بالقرية الجديدة ،ونوه إلى ان الخيمة الواحدة تسكنها أكثر من خمس أسر وان الكثير منهم يفترشون الارض ويلتحفون السماء.
من ناحيته اكد صديق تاور؛ توفير مائة خيمة بشكل عاجل وقدم اعتذاره للمواطنين على تقصير الحكومة في تقديم الخدمات ،من ناحيتها وجهت والي الولاية الدكتورة امنه المكي سلطات محلية الدامر بتوفير مياه الشرب.
غضب واعتذار
في قرية الرهو الجديدة صبت والي ولاية نهر النيل الدكتورة امنه المكي جام غضبها على سلطات محلية الدامر بسبب التقصير في توفير مياه الشرب لنازحي قرية ام رهو الذين نزحوا من منطقتهم التي غمرتها مياه نهر العطبراوي.
ورصد (النورس نيوز) محادثة الوالي الغاضبة مع مسؤول بالمحلية عند زيارتها صباح اليوم قرية ام رهو الجديدة التي يقطن اهلها في خيام باليه ويعانون كثيرا في توفير مياه الشرب.
وسألت الموظف عن اسباب عدم توفير احتياجات المواطنين رغم مرور شهر على نكبتهم ،وبدأ عليها الغضب واضحا وهي توجه بتوفير مياه الشرب للمواطنين اليوم.
اما البروفسير صديق تاور فقد تعاطف مع المواطنين وقدم لهم الاعتذار لتأخير الحكومة في تقديم الخدمات لهم رغم مرور شهر علي الكارثة التي حلت بهم،والتزم عضو السيادي بتوفير مائة خيمة ومائتي ناموسية خلال 24 ساعة.
تتريس وتخفيف
من خلال تجوالنا على القري التي تقع إلى الشرق من نهر النيل فان الملاحظ ان معظمهم قد اجتاحتها المياه غير ان الجسور التي تم تشييدها بجهد اكبر من المواطنين بدعم من الحكومة اسهمت في تخفيف الاضرار خاصة علي المساكن التي تضررت منها 4 الآف منزل وتشرد اهلها واتخذ معظمهم الخيام مستقرا وسط اوضاع بيئية تنذر بخطر كبير في ظل المساحات الواسعة التي غمرتها المياه ،وتعتبر محلية المتمة من اكثر محليات الولاية تأثرا،وعلي صعيد الزراعة فان الضرر يعد كبيرا من واقع اجتياج المياه لمساحات واسعة واتلفت مغروسات بستانية في ثلاثة عشر الف فدان ،وهذا دفع عدد من المزارعين الي مطالبة عضو المجلس السيادي بضرورة اقالة عثرتهم عبر توجيه البنوك الوقوف جانبهم حتي يتمكنوا من العودة الي دائرة الانتاج في الموسم القادم.