همس الحروف _ البخل تجاه المسؤولية المجتمعية _ الباقر عبد القيوم علي
ذكر دكتور أكرم زيدان في كتابه ( هوس الثراء وأمراض الثروة) إن سلوك البخل ينقسم إلى أنواع عدة منها : بخل الحرص والتدبير ، بخل الوهم و الخداع ، بخل الحسد ، بخل المحافظة ، و البخل الانفعالي ، ولعله اراد بذلك ان يوضح الخلل النفسي الذي ينشأ من شح بعض الانفس تجاه المجتمع الذي يثأثر من شح هؤلاء البخلاء حين الحاجة إليهم حسب تصنيف بخلهم ، فنجدهم فقط يجلسون على مقاعد المتفرجين تجاه الكثير من القضايا القومية و الوطنية التي كان من المفترض التعامل معها حسب الحاجة اللحظية لإنقاذ المجتمع من الكوارث او الإسهام ولو بالقليل .. و فيما بعد سوف يرجع تأثير ذلك إذا كان سلبياً او إيجابياً عليهم
إذن لماذا يبخل الإنسان تجاه مسؤوليته المجتمعية سيما إذا توفرت لديه كل عناصر النجاح التي مكنته من القفزة النوعية التي إستطاع بها إن يكتنز كثير من الثروات على حساب أكتاف هذا الشعب المغلوب على امره ؟*ط
هل حالة التقتصر التي نشاهدها هذه الايام في كثير من المؤسسات تجاه المجتمع محسوبة فقط في الجوانب المادية ؟ ، من حيث إمساك المال الذي كان من المفترض أن يكون مبذولاً في مثل هذه الكوارث التي امهلنا فيها النيل 100 عام حتى يمكننا من صيانة البنية التحتية لإستقبال مثل هذه الفيضانات بدون خسائر .. ولكن كل الحكومات التي تعاقبت على حكم هذا البلد لم تعر ذلك الأمر إهتماماَ ولهذا ركنوا لصمت الكوارث فنجدهم قد أمنوا الدهر فحاق بنا ما نراه أمامنا الآن … وفي مثل هذه الحالات يكون بذل المال فرض عين علي كثير من هذه المؤسسات وخصوصاً التي بنت مجدها علي حساب افراد هذا المجتمع و تحديداً التي تدعي راعيتها للمسؤوليات المجتمعية في توافه الامور مثل الإحتفلات الغنائية لعيد الام والاب وعيد الزهور والبطيخ التي يدفعون فيها مبالغ ضخمة يعجز الناس عن عدها وذلك من اجل ان يحمد لهم الناس ذلك امام كاميرات وعدسات الأعلام
إن شح الأنفس في البذل و العطاء هو نتاج سلوك إنساني معقد جداً ومتشابك يتكون من العديد من الانفعالات والدوافع النفسية والاجتماعية والاقتصادية وخصوصاَ الذين يجلسون علي تلك الكراسي الوثيرة ويديرون المال الذي يكون في ضمن ميزانية تلك المؤسسات مال مبذول للمساهمة المجتمعية ولكن انحراف غرائز المدراء من اجل المحافظة على بقاء هذا المال وتحويله فيما بعد إلى جيوبهم الخاصة حال دون تحقيق هذا الهدف المنشود تجاه المسؤولية المجتمعية، وهذا يعتبر من الصور المرضية التي لازمت هذا الشعب منذ الحقبة السابقة وهي الرغبة الجانحة في حب التملك والادخار التي يتضرر منها المجتمع، وهو يشكل القاعدة التي نمت على أكتافها اموال تلك المؤسسات .. وهذا السلوك يعد حالة مرضية تشخص بهوس الثراء الذي يدفع بالفرد إلى الرغبة العارمة في امتلاك المال ، حتى إذا كان ذلك على حساب المجتمع
السؤال الذي يفرض نفسة أين تقف تلك الشركات من هذه الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب من جراء فيضانات النيل وخصوصاً انها بنت مجدها و إستفادت كثيراً من التسهيلات التي قدمتها لهم الدولة في السابق وكان كل ذلك خصماً من الدخل العام من خزينة هذا الشعب
اين شركات التعدين المحلية ، و شركات الإتصالات زين ، وأم تى إن ، و سوداني ، واين شركة الفاخر ، ودال للأغذية ، و منظومة الصناعات الدفاعية ، و كافة البنوك التجارية المحلية والاجنبية وكذلك اين الشركات الوهمية التي تدعى صناعة السيارات في السودان و هي فقط تجمع أجزائها المفككة ، و ايضاً أين شركات القوات النظامية التي جنبت كثير من اموال هذا الشعب لصالحها و حرمت الشعب منها و هي تمتلك الشاخنات والمعدات التي كان من الممكن إنتسهم في هذه الكارثة .. وسؤالى كذلك أين دور شركات التعدين الأجنبية التى حازت على أميز مربعات التعدين و اين … واين … كل منظمات المجتمع المدني التي نأت بنفسها بعيداً وإلتزمت الصمت
أقول إلى كل هؤلاء (ملاك ومدراء هذه الشركات والمنظمات والمؤسسات ) التي ذكرتها والتي سقط إسمها سهواً إين انتم من هذه الكارثة التي تشاهدونها بأعينكم ولكن قلوبكم عنها مغفلة وإحساسكم تجاهها متبلد .. و نحن الشعب نحمد الله على هذه الإبتلاءات التي عرفتنا بمعادن الرجال وكما تنظرون إلي الشعب هكذا بعيون لاترى .. فسوف يأتي اليوم و تدور الدائرة عليكم و ينظر إليكم الشعب حينها بعين الاعمى ، و يسكت تجاهها سكوت الاخرس .. و لتعلموا أن الأيام دول بين الناس و الحساب ولد