تحليل سياسي- مخرجات جوبا .. تفويض الجيش ولكن ! (2)-محمد لطيف
تناولنا بالأمس مخرجات المنبر التفاوضى بجوبا من حيث الشكل .. وندلف اليوم الى النصوص .. وفى البال أن هاجس الأمن هو ما يشغل الناس .. لذا نحاول اليوم التركيز على تلك النصوص المعنية بالأمن .. وبدءا دعونا نؤكد .. وبشهادة خبراء .. أن من قاموا على صياغة نصوص تلك المخرجات النهائية .. قد أبدعوا فى صنيعهم وأجادوا عملهم .. حيث جاءت الإتفاقيات فى صياغة محكمة .. لا تحتمل التأويل .. هذا لا يقرظها ولا يقدح فيها .. بل يثبت جهد اولئك الذين سهروا على أن تخرج بذلك الشكل المتماسك .. غض النظر عن إتفاق الناس وإختلافهم حول المضمون ..!
ودعونا نبدأ بتلك النصوص ذات الصلة بالترتيبات الأمنية .. لأهميتها لجهة أنها الأساس الذى يبنى عليه كل شيء .. وبدءا نقول .. دونما تحفظ .. أن مخرجات جوبا قد أجابت على سؤال ظل يشغل بال المجتمع الدولى .. وظل لأكثر من عام .. بل ربما اكثر من ذلك .. محل جدل ونقاش داخل أروقة الأمم المتحدة .. ألا وهو ماذا بعد يوناميد فى دارفور ..؟ وطرحت أفكار ومشاريع عديدة للإجابة على ذلك السؤال الذى يعتبر محوريا بالنسبة للعالم .. وهو من سيتولى حماية المدنيين فى دارفور بعد مغادرة قوات يوناميد ..؟ أجابت مخرجات جوبا على ذلك السؤال بالتالى .. (اتفق الطرفان علي تشكيل قيادة وقوة حفظ الأمن في دارفور بما يضمن مشاركة قوة من حركات الكفاح المسلح بعد خضوعها لتدريب مشترك مكثف في غضون 90 يوما من تاريخ توقيع هذا الإتفاق ).. يأتى ذلك فى إتساق واضح مع تريبات اللجنة الوطنية التى شكلها مجلس الوزراء برئاسة الوزير عمر مانيس للإجابة على ذات السؤال .. وقد عرفت مخرجات جوبا فى بند آخر .. أن القوات النظامية هى القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والشرطة والمخابرات العامة .. كما نصت على أسس وقواعد تعريف وتصنيف قوات حركات الكفاح المسلح .. ووضعت أسس الدمج وكذلك التسريح .. وكأنما حرصت المخرجات على دحض مزاعم المشككين والمروجين لمخططات تفكيك السودان عبر إضعاف قواته .. فنصت على التالى فى شأن القوة المشتركة لحفظ الأمن فى دارفور .. ( تخضع قوة حفظ الأمن في دارفور لقانون القوات المسلحة لسنة 2007 تعديل 2013 ) .. ثم وقع المفاوضون ايضا على النص المكمل التالى .. ( وتعمل قوة حفظ الأمن وفق سياقات العمل الثابتة بالقوات المسلحة السودانية ) .. وهذا اعتراف مهم جدا من جانب قوى الكفاح المسلح .. ويؤكد كذلك أن القوات المسلحة السودانية .. كمؤسسة .. ما تزال محل إجماع وثقة وإحترام .. ولعل الأمانة تقتضى أن نقف قليلا عند قانون القوات المسلحة 2007 ..المشار اليه فى الإتفاقية .. حتى قبل تعديله فى 2013 .. فسيحفظ التاريخ للفريق اول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع حينها .. أنه اول وزير دفاع سودانى طلب عونا قانونيا من اللجنة الدولية للصليب الأحمر .. لأول مرة فى تاريخ التشريع العسكرى فى السودان .. فاصبح قانون القوات المسلحة ولأول مرة .. ايضا .. متسقا مع القانون الدولى الإنسانى .. وهذه قصة أخرى ربما نعود اليها ..!
ثم إن مخرجات جوبا قد حرصت .. وفى ذات السياق على النص التالى .. ( يقر الطرفان بان المسؤولية الرئيسية عن انفاذ القانون و الحفاظ علي السلامة العامة تقع علي عاتق سلطة شرطة معترف بها تعمل وفقا للقانون ووفقا للمعايير المقبولة ) .. ولعل الذين جربوا العيش فى مناطق النزاعات .. أو حتى تلك الخارجة منها ..يدركون أهمية تحديد قطعى للجهة المخول لها بتطبيق القانون .. وفى كل الدنيا تظل الأجهزة الشرطية هى المعنية بذلك ..! ونحدثكم غدا عن كيف خطط منبر جوبا لإعادة هيكلة القوات النظامية فى السودان .. إنتظرونا ..!
نشر بالسوداني