تحليل سياسي – مخرجات جوبا .. قبل القراءة وبعدها ! (1)- محمد لطيف
تصفحت سريعا فى صفحات وثائق السلام .. أي مخرجات منبر جوبا التفاوضى .. وجدتها قد تجاوزت المائتين وخمسون صفحة .. كان اول سؤال تبادر الى ذهني .. ما إذا كان الذين بادروا برفع أصواتهم بالإعتراض أو الرفض .. قد إطلع أي منهم على تلك الوثائق بذلك العدد من الصفحات .. واقول مطمئنا .. أن أيا منهم لم يفعل ذلك .. احتفظ بتحفظاتى لجهة أن منبر جوبا التفاوضى .. قد جمع أناسا ما كان لهم أن يكونوا هناك ..واتفق مع القائلين بعدم إختصاص السيادى فى مباشرة المفاوضات .. بل نصت الوثيقة الدستورية على إشراف المجلس السيادى ومباشرة الحكومة الإنتقالية لعملية التفاوض .. واختلف مع القائلين بأن جوبا لم تكن المكان المناسب لتلك المفاوضات .. يكفى أن جوبا قد اثبتت قدرتها على إدارة الحوار .. وتجاوز الكثير من العقبات .. وتحمل أعباءا فوق طاقتها كدولة وليدة لم تهنأ بالإستقرار بعد .. فماذا عن القائلين بأن الأطراف المشاركة فى المنبر كانت محدودة ..وأن من وقعوا لم يكونوا ذوي ثقل..وأن أطرافا مهمة قد غابت .. ؟
لهؤلاء نقول .. صحيح أن أطرافا مهمة ذات ثقل سياسي وعسكري مثل الحركة الشعبية شمال بقيادة الفريق عبد العزيز آدم الحلو .. قد غابت أو للدقة إنسحبت .. وصحيح أن حركة ذات ثقل سياسي وإجتماعى .. مثل حركة تحرير السودان قيادة عبد الواحد نور .. لم تفكر في الحضور أصلا ..ولكن الصحيح ايضا .. ان هذه ليست هي المرة الأولى فى تاريخ الصراعات السياسية المسلحة فى السودان .. أن يقتصر الحوار على جماعة دون الأخري .. ومن المهم أن نلاحظ أن جل الذين يعرضون جوبا الآن .. سبق لهم الإحتفاء بوثيقة سميت إتفاقية الخرطوم للسلام .. رغم علمهم اليقينى أن الموقعين لم يكونوا يمثلون الجنوب .. ثم ذات هؤلاء المعارضين كانوا طرفا فى إتفاقية ابوجا .. حيث غابت ثلثا حركات دارفور .. فوقعوا مع الثلث الأخير .. ليس هذا فحسب .. بل إن العام 2011 .. قد شهد فيه منبر الدوحة .. حدثا غريبا من نوعه .. فالمفاوضات التى بدأت مع حركات مسلحة حملت السلاح سنين عددا فى وجه النظام .. قد إنتهت بالتوقيع على .. وثيقة الدوحة .. حيث تشهد الوثيقة والتاريخ أن الذى وقع فى خانة الحركات .. لم تكن له صلة بالصراع المسلح .. ولم يحمل السلاح يوما ..! ثم رأينا كيف كان الإحتفاء .. وكيف كانت الإحتفالات بتلك الوثيقة .. التى لم توقف حربا .. ولم تزيل إحتقانا فى دارفور ..!
فماذا يعنى كل هذا ..؟ يعنى أن منبر جوبا فى الواقع .. قد حمل توقيع مجموعة من الحركات .. ولنركز على المسلحة منها فقط .. حركة العدل والمساواة .. حركة جيش تحرير السودان .. الحركة الشعبية شمال بقيادة عقار .. وعلى ذكر عقار .. نذكر أن منبر جوبا قد ضم مجموعة من القادة التاريخييين للحركات المسلحة .. بدءا من مالك عقار ومرورا بياسر عرمان وجبريل ابراهيم وإنتهاءا بمنى اركو مناوي .. فلم يبق خارج هذه التشكيلة من القادة التاريخيين سوى عبد العزيز الحلو وعبد الواحد نور .. وكل هؤلاء القادة ممن يسعد الشعب السودانى أن يراهم داخل وطنهم .. وفى ساحة العمل السياسي والمدنى .. بعيدا عن ميادين القتال والمنافي .. قلة لن يسعدها ذلك ولا شك .. و هي تكاد تكون ذات القلة التى تعارض منبر جوبا الآن .. دون أن تطلع حتى على مخرجاته .. وقد رأينا أن نكتب لهم اليوم ايضا على نهجهم .. دون الحاجة الى القراءة .. وغدا نكتب ما بعد .. القراءة ..!